عادة لاأحشر نفسي في قصص وحكايا بيوت النوم. أعتبر المسألة مندرجة بين إثنين أو ثلاثة أو أكثر حسب التفضيل الجنسي لكل "منطيح". وأقول إنه من العيب علينا أن نطل من ثقب الباب على آخرين, ونحن لا نقبل أن يطل أخرون علينا من نفس الثقب. ثقب الباب دائما وليس أي ثقب آخر. لذلك وعندما قرأت الحكاية التي نشرها زميلنا الحسين يزي في موقعه "أكورا" عن ندية ياسين وعن مناضلين عدليين آخرين ضبطا وصورا في فيديو وهما يتبادلان بعضا من الغرام وأوجهه سألتني "علاش؟" ولم أجد جوابا وضربت صفحا عن الموضوع كله. لكن عندما تحول الموضوع إلى قضية رأي عام, وكتب زملاء يعرف عنهم أنهم من أشد معارضي "العدل والإحسان" ومشروع الدولة الدينية الذي تتبناه منددين بما أقدم عليه يزي, ومطالبين باحترام الحياة الخاصة للأفراد, وجدت أنه من اللائق توضيح بعض المسائل إو إبداء النظر فيها لئلا تبقى وجهة نظر واحدة هي السائدة في هذا الموضوع بالتحديد. أولا لا أتفق مع من سبوا الزميل الحسين يزي ووصفوه "بكلب بافلوف", أو من أطلقوا على موقعه وصف "صحافة الرداءة", أو من ألصقوا به إلى مالانهاية تهمة التخابر وتلقي معلومات من مصادر أمنية ونشر مانشره استجابة لرغبة هذه المصادر. هذه التهم كلها الغرض منها وأد النقاش في مهده. وعوضها, وعوض أن ننخرط مع من أسماها يزي "للا فقيهتي في النواح على عدم احترام الحياة الخاصة والتنديد "بالمخزن" الذي أطلق موقع "أكورا" إلى آخر ذلك من الترهات, أرى أنه من الممكن أن نناقش المسألة الساخنة بقليل من التروي والهدوء, وأن نفحصها من كل الجوانب, وأن نقلبها التقليب الحلال لا التقليب الحرام الذي نشر صوره وفيديوهاته يزي في موقعه وأثار كل هذه القلاقل والنقاشات. من ناحية المبدأ العام "حشومة" فعلا. لكن من ناحية المبدأ الخاص هناك كلام كثير لابد من قوله وإن كان من نوع "السياسي غير الصالح" مثلما يقول الفرنسيون في تعبيرهم الشهير. بالنسبة للعدل والإحسان نحن أمام جماعة تؤسس مشروعها السياسي على وهم أن أعضاءها أفضل من كل المغاربة الآخرين من الناحية الأخلاقية. ليست هذه هي المرة الأولى ولا المليون ولا الأخيرة التي يخبرنا فيها العدليون أنهم أفضل منا تربية ونصحا وأخلاقا. وليست هذه أول ولا آخر مرة ينتقد فيها العدليون مثلا مهرجانات الموسيقى التي تذهب إليها عائلات مغربية نقية وشريفة, ويصفونها بأنها مواخير للفساد وأماكن لممارسة الجنس والشذوذ وتعاطي المخدرات وبقية أنواع الموبقات الأخرى. باستمرار كنا نقول للعدليين _ حين يريدون الإنصات إلينا لأن موقفهم من هذه الجريدة واضح, وهو مقاطعتها, وهذا دليل آخر على عطب في التفكير لابد من حله _ ولغيرهم من الإسلاميين الذين يتبجحون بأنهم أفضل من الآخرين أخلاقا وبالتالي فإن بديلهم السياسي هو الأفضل: إن هذا النوع من التفكير هو بكل بساطة تفكير مرضي, وأنه قد ينقلب عليهم في أي لحظة ثبت فيها إخلال واحد منهم فقط بهذه "الطهارة الأخلاقية المزعومة". كنا نصرخ بأعلى قوانا "خليو كل واحد يدير فراسو مابغا, ولا تقدموا أنفسكم باعتباكم معصومين من الخطأ لأنكم مجرد آدميين ولاتنفروا شعبنا منكم حين تصورون عائلات بريئة تذهب إلى مهرجان موسيقي بأنها مشاركة في ماخور للفساد والمنكر". وكنا نضيف "غدا أو بعد غد سينقلب هذا السلاح ضدكم وسترون". طبعا لم يكن أحد يعيرنا اهتماما أو يصيغ إلينا سمعا. "الخوت" مقتنعون أنهم يملكون صكوك الغفران في المجال الأخلاقي هذا, ويتحدثون بادعاء مبالغ فيه عن الآخرين ويحكون الحكايات الكثيرة عن "السياسي الفلاني الذي لايخرج من الحانات", وعن السياسي الآخر الذي يعشق الغلمان", وعن "السياسية الثالثة التي تغير الرجال مثلما تغير ملابسها التحتية". "آعباد الله ماشي شغلكم". كنا نقول, وكان الرد يأتينا واضحا وحاسما "السياسة بدون أخلاق هي مجرد مفسدة". طيب ياسيدي, سنقبل هذه المرة منطقكم المرضي والمريض هذا وسنطبقه عليكم. ما هي الحكاية الحقيقية لصور ندية ياسين مع الشخض الذي ظهرت معه في موقع "أكورا"؟ كفوا عن اتهام الموقع بأنه مخابراتي ويشتغل مع المخزن لتدمير سمعتكم, قولوا لنا فقط "ماهي الحكاية؟", أعطونا تفسيرا مقبولا لها يزيل عن أذهاننا الشك في الشريفة إبنة الشريف, ويعيد إلينا اقتناعنا أنكم بالفعل مثلما ظللتم تقولون باستمرار "معصومون من الخطأ". ثم عودوا إلى الفيديو واشرحوا لنا حكايته كلها, كذبوا أو أكدوا. المهم قولوا لنا شيئا غير السباب والتهم والشتائم. أما بالنسبة لأكورا وصاحبه فعلينا الاعتراف _ وهذه مسألة لانقوم بها نحن الصحافيون المغاربة تجاه بعضنا بسبب الحسد الله يستر _ أن الأمر يتعلق بخبطة صحفية من كل الجوانب, وبسبق (حوله نقاش أخلاقي نعم) لكنه سبق بكل امتياز. عوض سب الرجل والتحامل عليه, تعالوا إلى سؤال سواء لأدعياء الطهر الكاذبين هؤلاء لكي يجيبونا عنه "قولو لينا شنو وقع بالتحديد, وباراكا من السليت والدريبلاج". ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق رفضت حركة 20 فبراير الدستور, ووصفته أنه ممنوح, وطالبت بتطبيق ماوصفتها بأنها "ملكية برلمانية" تتشبث بها. كل هذا عادي وطبيعي, ومن اللائق الاستماع إليه مع تذكير 20 فبراير أنها رفضت الجلوس إلى لجنة المنوني مايعني أن موقفها لايحمل أي جديد, بل يندرج في إطار تصوراتها للأشياء. السؤال المطروح اليوم على 20 فبراير ومن وراءها هو : إيوا, وشنو؟ ونتصور أنه سؤال ملزم, ولابد من الرد عليه لكي يعرف المغاربة ماعليهم عمله في القادم من الأيام.