كان على هذه الآية الكريمة أن تكون هي نبراس المسلمين وخارطة طريقهم في الحياة ولكن للأسف ، لامكان لاأثر لها في السلوك اليومي للمسلمين ولا تُعبّر عن وعيهم لا الفردي ولا الجمعي ، كنت أعتبر دائما أنّ تأويل القرآن ومجمل النّصوص الدينية مُرتبط أساساً بالوضع النفسي للمفسر ، بمستواه المادّي والتعليمي وحتّى طبيعة أخلاقه ، ويظهر هذا جليّاً حين نرى أنّ السواد الأعظم للحركات الجهادية مُكوّن من أصحاب السوّابق والمدانين سابقا بارتكاب جرائم عدوانية وهذا مايجعلهم بالإضافة إلى مستواهم التعليمي الضعيف مؤهّلين لتبني هذا الفكر الإجرامي الذي ينطلق من تأويل للدّين الإسلامي مبني على الإنتقام والقتل وكل أشكال الجريمة ، بطبيعة الحال ستختلف مبررات هذا الإجرام ولعل المبرّر الأخي الذي تمّ ترويجه هو الإنتقام لرسول الله . الإنتقام شكلٌ من أشكال التعبير عن الضعف ولعل حديث الصرعة يوضح بشكل جليّ أنّ الإسلام بدوره قد يكون حافزاً لأسلوب آخر غير الإنتقام ،" قال صلى الله عليه وسلم : «ما تعدون الصرعة فيكم؟ فقالوا: الذي لا يصرعه الرجال، فقال: ليس كذلك، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب» (رواه مسلم)."
ولكن كما سبق ذكره فالإنتقام أحد المرتكزات الأسآسية للفكر الجهادي كأيّ فكرٍ غريزي لايهمّه سوى الإشباع السيكولوجي والإستقطاب الرخيص ، و لعل لهجوم الأخير على شارلي إيبدو وقتل الصحفيين دليل على غرائزيّة هذا الفكر ، فكم شخص في العالم كان يعرف هذه المجلة ؟ كم شخص اطّلع من قبل على هذه الرّسومات ؟ هل بفعلتهم هذه سيوقفون هذه الرّسومات ؟ آخر الأخبار تقول أن المجلة ستزيد من أعداد نسخها المطبوعة والذين لم يسبق لهم أن شاهدوا الرسومات شاهدوها ، وأعداد الحاقدين على الإسلام ستتزايد وستزداد محن المسلمين في كل بقاع الدّنيا فهل تمّ فعلاً الإنتقام لرسول الله أم تمّ الإنتقام من رسول الله و أمّته المقهورة أصلا ؟