على غفلة من الجميع خرجت القناة الأولى والثانية، الأسبوع الماضي، على مشاهديها بتقريرين عن مصر أثارا الكثير من الجدل. دوزيم والأولى شنتا هجوما غير مسبوق على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واصفتين إياه بالانقلابي على شرعية رئيس منتخب هو محمد مرسي. الاستغراب لم يأت من أرض الكنانة فقط، بل إن الرأي العام المغربي شد مذهولا لهذا التحول في الموقف "الإعلامي" المغربي مما يجري في مصر، بل أكثر من ذلك ظل ينتظر صواريخ "محترفي" برامج "التوك شو" بمختلف القنوات المصرية لقصف المغرب مجددا، ونقول مجددا لأنه منذ وقت طويل وبعض الإعلاميين المصريين وجدوا في المغرب وصفة سحرية لإشهار برامجهم، بفضل ردود الفعل المغربية الشعبية الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي. معظم البرامج في قنوات السيسي تتحدث عن كل شيء ولا شيء في الآن نفسه، وجل المذيعين والمقدمين غيروا جلدهم أكثر من مرة منذ انطلاق الثورة المصرية التي عجلت برحيل حسني مبارك، لكنها، هذه الوجوه، بعد الضربة "الإعلامية" المغربية، خرجت تبرر تحول الموقف المغربي ولم تنزع نحو الهجوم، ووضعت أكثر من سيناريو لهذا التحول، وهنا نتساءل هل تأخر المغرب في الرد على استفزازات الإعلام المصري التي وصلت حد الهجوم على أكبر سلطة في البلاد؟ في حقل العلاقات الدولية يكون نزوع الدول إلى الرد على السلوك الموجه إليها، سواء أكان سلوكا عدائيا أم تعاونيا، بسلوك مشابه، ورد الفعل قد لا يكون فوريا في كل الحالات، كما الشأن في الرد المغربي على الاستفزاز المصري، والاستثناء الوحيد يكون العنف المسلح؛ حيث إن الدول تتبادل العنف بشكل فوري، هكذا تقول بعض نظريات السياسة الخارجية والعلاقات الدولية. نفس هذه النظريات توضح أن غياب "رد الفعل" عقب "الفعل" هو بمثابة تنازل يجعل "العدو" يفسر عدم اهتمام الطرف الآخر على أنه علامة ضعف، مما يدفعه إلى طلب المزيد من التنازلات أو اقتراف المزيد الاستفزازات. وربما السكوت المغربي الرسمي جعل الإعلام المصري "ينبش" أكثر في الملف المغربي ب"زعامة" زائدة. بعض الذين انكبوا لتفسير أسباب هذا التحول في الموقف من نظام السيسي، وضعوا قضية الصحراء المغربية والتقارب المصري الجزائري عاملا أساسيا في تفسير ما جرى، وربما يكون لهذا العامل دور، إلا أن الثابت في القضية هو ذلك الهجوم المتواصل والممنهج لوسائل الإعلام المصرية على المملكة والذي بلغ مداه في الآونة الأخيرة، ما يعني أن إعلام الطرف المغربي مجبر على أن يرد الصاع وفي المكان الحساس من جسم النظام المصري، وقد أتى الرد أكله وتراجعت "كتيبة" إعلاميي مصر الذين احترفوا السب والشتم على الهواء من القاهرة. عن "الخبر"