رحل الشيخ عبد السلام ياسين، لكن رسائله وأتباعه لا يزالون يؤرقون النظام في المغرب. منذ سنوات وهو ينتقد ما يسميه استبداد نظام الحسن الثاني ومعه خلفه محمد السادس. رسالته «الإسلام أو الطوفان وبعدها رسالته إلى من يهمه الأمر حفرت في ذاكرة الخطاب المنتقذ للملكية وحكمها في عهد ملكين. حين يخرج مريدوه إلى الشارع تستنفر السلطات كل أجهزتها. لا تعترف بجماعته لكن حضورها في الساحة الدعوية والسياسية جعلها تفرض نفسها بحكم الواقع، ورغم أنها ظلت محظورة لكنها كانت حاضرة في كل النقاشات السياسية كإحدى الجماعات المعارضة خارج المؤسسات. هي حركة صوفية في الأصل ، لكنها اقتحمت العمل السياسي، فتميزت بذلك عن الطريقة القادرية البوتشيشية التي انتمى إليها مؤسسها الشيخ عبد السلام ياسين قبل أن يغادرها . مرشدها العام هو عبد السلام ياسين ( مواليد سنة 1928 بمراكش)، كانت بدايته بالزاوية البوتشيشية التي التحق بها سنة 1965 وغادرها بعد أن يئس من خلافة شيخه عباس، لكنه سيتبرأ من الطريقة بعد إصداره كتاب الإسلام أو الطوفان كان أبوه جنديا في الجيش الفرنسي ثم فلاحا من أسرة يعتقد أنها عريقة تدعى "آيت بيهي"، أصلهم من بلدة أولوز بمنطقة سوس جنوب المغرب. وممن ذاعت شهرتهم من رجالات هذه العائلة القائد عبد الله ولد بيهي والذي يلتقي نسبه بنسب عبد السلام ياسين في الجد الرابع، فإبراهيم المذكور في سلسلة نسب عبد السلام ياسين هو عم عبد الله ولد بيهي. وقد كان لهذا الأخير الرياسة على اثني عشرة قبيلة، وقد قتله محمد بن عبد الرحمن أحد سلاطين العائلة العلوية الحاكمة. تلقى دروسه التعليمية الأولى في مدرسة بمراكش أسسها محمد المختار السوسي، كما درس بمعهد ابن يوسف وهو في الخامسة عشرة من عمره، ودرس به أربع سنوات. وفي 1947 التحق بمدرسة تكوين المعلمين بالرباط. وفي أكتوبر 1961 حصل ببيروت على دبلوم التخطيط التربوي بامتياز ضمن أول فوج من المغاربة.[1] سنة 1965 التحق بالزاوية البودشيشية وفيها تتلمذ على يد شيخها العباس. اشتغل في سلك التعليم وترقى به مناصب مهمة. ظل عبد السلام ياسين موظفا في وزارة التربية المغربية مدرسا وأستاذا ومفتشا ومديرا حتى شهر مارس 1967 حيث مرض فانقطع عن العمل. أسس ياسين جماعة العدل والاحسان في 1973، وعرف بكونه من أشد معارضي حكم الحسن الثاني, عندما وجه له سنة 1974 رسالة "نصح" بعنوان "الإسلام أو الطوفان", قضى بسببها ثلاث سنوات وستة أشهر في السجن بدون محاكمة ثم أرسل الى مستشفى الأمراض العقلية. كما اعتقل في دجنبر 1983 بسبب مقال رد فيه على خطاب للملك الحسن الثاني فحكم عليه بثلاثة أشهر من الاعتقال الاحتياطي ثم سنتين سجنا نافذا. في فبراير 1979 أصدر العدد الأول من مجلة "الجماعة" التي كانت تعبيرا عن خط "أسرة الجماعة". وقد لاقت مجموعة من المضايقات حيث صودر منها الأعداد: الخامس، والعاشر، والسادس عشر، ثم أوقفت بعد ذلك. جماعتنه العدل والإحسان هي احدى المكونات الرئيسية لحركة 20 فبراير الاحتجاجية التي طالبت بإصلاحات جذرية في السياسة والاقتصاد, وأدت الى تبني دستور جديد في يوليوز 2011، لكنها غادرت الحركة قبل أن تبدأ في مهاجمة حكومة ابن كيران. بعد وفاته أصبح مصير الجماعة مفتوحا على كل السيناريوهات ، ومن أبرز المرشحين لخلافته محمد العبادي عضو مجلس الإرشاد المتمكن فقهيا، وينافسه منير الركراكي صهر الشيخ ياسين، وفتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم الجماعة، وعبد الواحد المتوكل الأمين العام للدائرة السياسية وراجت مؤخرافي وسائل الإعلام معلومة عن وجود وصية مكتوبة لكن أمر الخلافة بالوراثة غير مطروح داخل الجماعة، مما يعني أن أيا من أبنائه لن يكون خلفه بمن فيهم ابنته نادية، وأن مجلس الإرشاد، كما ورد في المنهاج النبوي هو المؤهل لاختيار أحد أعضائه الذي يشترط فيه التحلي بمواصفات روحية بالأساس ويكون بعيدا عن الانشغال بالسياسة والحياة اليومية