بكثير من البرودة و بلا حماس كنت أنتظر بشرى رئيس الوزراء. لم أعد أتحمس لأي شيء تقريبا..أو بالأحرى لا شيء يعجبني كما قال درويش…لا الراديو و لا صحف الصباح و لا… وعود بنكيران.. تعلمنا مع مرور السنين أن الفرح قصير عابر. رغم هذا الشعور قلت : أعقلها و توكل يا أخي ربما هم هذه المرة صادقون ..وانتظرت. انتظرت أن يقول لنا السيد الرئيس أن"حكمة" عفا الله عما سلف قد انتهت صلاحيتها و أن محاربة الفساد ستستمر كما وعدناكم في الانتخابات و أن رؤوسا كبيرة ستسقط و تقدم أسماءها و صفاتها و حجم سرقاتها وجرائمها للناس. انتظرت أن يفتح لنا كتاب الحقيقة و يكشف عن جحر العقارب ومجاري مياه التماسيح و أن يسمي لنا العفاريت باسماءها الحقيقية التي تسجل في الحالة المدنية و أن يكف عن تخلاط لعرارم .
انتظرت من السيد رئيس الوزراء أن يكون أقل طائفية في كلامه و يعتبر الشعب شعبا واحدا و ليس مللا و نحلا تتقاتل من أجل الغنيمة الحزبية .. انتظرت من بنكيران أن يفتح القمقم و يخرج المارد و يفك لغز حل باب علي بابا و الأربعين حرامي ويضرب الرؤوس الكبيرة قبل الصغيرة المنهوكة و المغلوب على أمرها .. إنه يقدم وصفة عنترة بن شداد في الحرب ..شجاعة الفارس المقاتل تأتي من خطته في القتال . أختر اضعف خصم في المعركة هو الضحية الأولى ليخاف الباقي و يتهيب و يسكنه الشلل و العجز قبل أن يفكر في العراك..
كان عنترة يحدد هدفه بعناية و يضرب بسيفه الضعيف المنهك الذي لا حول له ولا قوة ..هي خطة معروفة في القتال . اضرب الضعيف كي يخاف منك القوي.. كنت أنتظر من بنكيران أن يتذكر برنامجه الانتخابي و يعود إلى تصريحاته السابقة بخصوص مافيا الناهبين التي تعيش بيننا وتحمل جنسياتنا و بطاقاتنا الوطنية لكنهم لا يتقاسمون معنا السنوات العجاف و شد الحزام و التقشف و ما زالت شهيتهم للنهب مفتوحة.. انتظرت أن يقدم وصفة ناجحة لعلاج الرجل المريض المحتضر منذ سنوات : التعليم. كانت أجمل بشرى و أعظم مفاجأة هي أن تقدم الحكومة وصفة لإنقاذ المدرسة المغربية من الهلاك و الضياع و الخسارات التي تراكمها من سنة لأخرى و لا حلول في الأفق غير بلا بلا بلاااااا.
إنتظرنا أن يقدم خريطة عمل تضمن الصحة العمومية للمرضى و تضمن الرعاية الاجتماعية و تحارب المفسدين و عصابات الصحة الذين لا يملأ جوفهم و شجعهم و أفواههم سوى تراب القبر.. و كنا ننتظر أن يقول للناس ضعوا ثقتكم في القضاء و المحاكم و لا تخافوا ..لكن القضاء و العدل كان و لا يزال الصخرة التي تتحطم عليها عليها كل آمال الإصلاح.. هناك أشخاص اكبر عقوبة يواجهونها هي عقوبة الانتظار..لا تنتظر شيئا عش لحظتك فقط و كفى.. خذ من وقتك ما صفا و من رزقك ما كفى هكذا تكلم محي الدين بن عربي و لا حاجة لنا إلى لعبة الانتظار والتشويق و إلى أرانب السيرك وحمامه وخيوله و فيلته وتماسيحه .. حين أقف في محطة البنزين أدفع ما تيسر لي و لا اسأل عن الثمن اقسم بالله أنني لا أعرف متى يزيد و متى ينقص ..تشغل بالي أشياء أخرى فيها بعض الجنون و قليل من الحلم. زاد ليصانص أو نقص قضية طبعا لها وقعها على الحياة اليومية للناس لكن ليست القضية هي المازوط و ليصانص فقط.. القضية أكبر و أعقد.. خذ من وقتك ما صفا وعش حياتك و أقضم تفاحة ستيف جوبز و سيدنا آدم و لا تحزن بسبب وعود انتخابية لم تتحقق .