حذر محمد سعيد السعدي، الخبير الاقتصادي والقياد السابق في حزب التقدم والاشتراكية، الحكومة من تفقير الطبقة الوسطى بإلغاء صندوق المقاصة وتعويضه بالدعم المباشر للأسر الفقيرة. ينبه السعدي في مقاله، "التقويم الهيكلي على الأبواب من جديد؟" الذي تنشره جريدة "الأحداث المغربية" في عددها ليوم الاثنين 13 غشت، إلى "مغالطة" تروج حول ميزانية صندوق المقاصة. يقول سعيد السعدي "لا بد من تصحيح بعض الأفكار التي يتم الترويج لها عن قصد أو غير قصد، فالإدعاء بأن نفقات صندوق المقاصة تكلف ميزانية الدولة 48 مليار درهم غير صحيح، إذ أن هذا الرقم لا يأخذ بعين الاعتبار المداخيل الجبائية الإضافية التي تطعم الموازنة العامة عن طريق الحقوق الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الاستهلاك الداخلي المطبقة على أسعار المواد الأساسية المدعمة والتي بلغت 23 مليار درهم برسم السنة الجارية". أما الدعم المباشر للأسر الفقيرة، الذي أعلن عبد الإله بنكيران عزم الحكومة استبدال نظام المقاصة الحالي به، فيقول بخصوصه سعيد السعدي "أما الدعم المباشر للأسر الفقيرة والذي قد يتراوح بين 500 و1000 درهم، فإنه يطرح إشكالية استهداف الأسر المعوزة، كما تبين من خلال عملية الإحصاء التي باشرتها السلطات المحلية لتعميم الاستفادة من "الراميد"، حيث من المتوقع أن يتجاوز عدد الأسر المستهدفة بكثير 8,5 ملايين نسمة، مما سيقلص بشكل ملحوظ من حجم النفقات المالية التي سيتم توفيرها على صعيد الموازنة العامة". عدم اقتصاد مبالغ مالية كبيرة باعتماد الدعم المباشر للأسر ليس المشكل الوحيد الذي يلاحظه السعدي على خطة الحكومة المرتقبة بل هناك مشكل أكبر يفسره قائلا "ويبقى المشكل الأكبر والمتعلق بقدرة الفئات المتوسطة على تحمل الارتفاع المرتقب لأسعار المواد المدعمة حاليا والذي ينذر بأوخم العواقب الاجتماعية بالنظر إلى بلترة (من البروليتاريا) جزء معتبر من هذه الفئات وتدهور قدرتها الشرائية وتراجع وضعها الاعتباري داخل المجتمع خلال العقود الأخيرة". بالمقابل يقترح السعدي إجرءات ضريبية لرفع القدرة الشرائية للمواطنين ورد الاعتبار للسوق الداخلية قصد الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وتفادي السقوط في مخطط تقويم هيكلي جديد. "المخرج من الأزمة الاقتصادية يقتضي رد الاعتبار للسوق الداخلية دون إغفال إمكانيات التعاون التجاري والاقتصادي جنوب جنوب. وهذا يتطلب دعم القدرة الشرائية للفائات الاجتماعية الشعبية، عبر سن إصلاح ضريبي عادل يقلص من الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأساسية، ويعتمد الضريبة التصاعدية على الدخل، وفرض ضريبة على الثروة، كما ينبغي تعميم التغطية الاجتماعية لما توفره من دعم للقدرة الشرائية لعامة المواطنين، خاصة المتوفرين منهم على عمل". توسيع السوق الداخلية من شأنه، يضيف السعدي، "إتاحة الفرصة للنهوض بالتصنيع الموجه لتلبية الحاجيات الأساسية للمواطن وتطوير القطاع الفلاحي". غير أن هذا النموذج "لن يكتمل دون تبوء الدولة الوطنية الديمقراطية الحريصة على التنمية لدورها المحوري داخل المنظومة الاقتصادية أسوة بالتجارب الناجحة في بلدان الجنوب". أما لجوء الحكومة إلى التسهيلات المالية لصندوق النقد الدولي فلن يحل أي مشكل في نظر السعدي، بل إنه "يؤشر على دخول الاقتصادي المغربي إلى نفق مظلم قد يدفع بالبلد إلى تبني جيل جديد من برامج التقويم الهيكلي السيئة الذكر. وسيزداد الوضع سوءا ما لم يقتنع المسؤولون بأن الاستمرارية في المراهنة على النموذج النيولبيرالي المعتمد على ثلاثية اللبرلة الخوصصة والتقشف على صعيد الموازنة، مع إعطاء الأولوية للتصدير وجلب الاستثمار الأجنبي، والقطاع الخاص للدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام يؤدي إلى الطريق المسدود".