سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نزار بركة يقدم الخطوط العريضة لإصلاح نظام المقاصة استراتيجية شمولية للتحكم في الغلاف المالي للدعم وتحقيق النجاعة الاقتصادية والإنصاف وتقوية الحماية الاجتماعية
الرباط : العلم أكد نزار بركة الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة أن الحكومة تباشر عملية إصلاح هيكلي وشمولي لنظام المقاصة، من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ومواجهة الارتفاعات المهولة في أسعار المواد الأساسية والأولية ، مبرزا أن هذا الإصلاح يرتكز على مدخلين أساسيين يهم المدخل الأول ترشيد نفقات المقاصة من خلال حصر الغلاف المالي للمقاصة في نسبة معينة من الناتج الداخلي الخام، عبر تحسين نجاعة آليات الدعم والتقليص التدريجي للدعم الموجه إلى بعض المواد وعدم الزيادة في الأسعار ومواصلة دعم المواد النفطية و القيام بإصلاحات استراتيجية مواكبة . ويهم المدخل الثاني تحسين استهداف الدعم من خلال الاستهداف الجغرافي واستهداف المستهلكين واستهداف المهنيين . محاور الإصلاح وأوضح بركة في عرض قدمه أمام مجلس الحكومة يوم الخميس 17 يوليوز 2008 ، أن نجاح إصلاح نظام المقاصة يرتكز على أربعة محاور تشمل تقوية قدرات الإدارة ، وتنسيق التدخلات العمومية ذات العلاقة ، وبلورة استراتيجية تواصلية طويلة المدى ، واعتماد آليات ناجحة للتقييم المستمر لأثر الإصلاح . وأشار الوزير إلى وجود عدد من المغالطات المتعلقة بالمقاصة في بلادنا ، ومنها أن جميع المواد الأساسية مدعمة ، وأن ارتفاع الأسعار ناتج عن الضرائب والرسوم الجمركية ، وأن مداخيل الضرائب على المحروقات تفوق احتياجات صندوق المقاصة، موضحا أن صندوق المقاصة لا يدعم جميع المواد الأساسية ، وإنما المواد النفطية والغاز - بوطان ، والسكر وبذور عباد الشمس ، في حين أن الصندوق الوطني للحبوب والقطاني يدعم الدقيق الوطني للقمح الطري ، والقمح الطري ، وبذلك يكون القمح الصلب ومشتقاته وزيوت التغذية والحليب ومشتقاته والزبدة .. وأضاف بركة أن ارتفاع الأسعار ليس ناتجا عن الضرائب والرسوم الجمركية باعتبار أن التضريب في المغرب أقل من المعدل الأوروبي ، حيث يصل معدله بالنسبة للغازوال العادي إلى 20.4 في المائة وبالنسبة للبنزين الممتاز إلى 28 في المائة ، بالنسبة للفيول إلى 3.3 في المائة مقابل 45 في المائة بالنسبة للمحروقات في الاتحاد الأوروبي ، إضافة إلى ضعف قيمة الضريبة في تركيبة الأسعار ، حيث لا تتجاوز نسبة الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لغاز البوطان 7 في المائة ، الضريبة الداخلية على الاستهلاك 0.5 في المائة ، في حين تم تعليق الرسوم الجمركية على الدقيق الممتاز الموجه لإنتاج الخبز ونسبة الضريبة على القيمة المضافة 0 في المائة ، أما بالنسبة لمداخيل الضرائب على المحروقات فإنها لا تغطي جميع نفقات المقاصة ، حيث إن عائدات ضرائب المحروقات بلغت 16 مليار درهم ، في حين أن الغلاف المالي للدعم بلغ 36 مليار درهم ، وهو ما يعني الخصاص الذي يجب تغطيته يصل إلى 20 مليار درهم أي ما يعادل 56 في المائة . نتائج التشخيص وتحدث الوزير في عرضه عن نتائج التشخيص الذي قامت به الحكومة بخصو ص الوضعية الحالية لنظام الدعم ، والذي بين وجود خمس اختلالات كبرى تهم تعدد وتقادم النصوص القانونية والتنظيمية للموازنةة ، التي تضم ظهائر ومراسيم وقرارات ودوريات .. وضعف استفادة الفئات المعوزة من الدعم ، وغياب النجاعة الاقتصادية في القطاعات المدعمة مما يؤدي إلى تشجيع اقتصاد الريع ، وضعف فعالية أجهزة المراقبة وغلاف مالي غير متحكم فيه موجه للدعم عوض الاستثمار وتحسين الخدمات الاجتماعية . وبخصوص الارتفاع المطرد للغلاف المالي للدعم ، تفيد معطيات العرض أن الغلاف المالي الموجه للمقاصة تطور بشكل مقلق ما بين سنة 2002 و2008 ، حيث مر من خمس إلى حوالي الثلثين من ميزانية الاستثمار، ومن نسبة لا تتجاوز 0.9 في المائة إلى حوالي 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ويظهر أن المغرب سيبقى مضطرا، في ظل الإطار الإنتاجي الوطني الحالي، لاستيراد 96 في المائة من حاجياتنا الطاقية، و62 في المائة من السكر، و53 في المائة من القمح الطري كمعدل للعشر سنوات الأخيرة. غياب النجاعة الاقتصادية وبالنسبة للاختلال المتعلق بغياب النجاعة الاقتصادية في القطاعات المدعمة ، يتبين أن التركيبة الحالية لجل أسعار المواد المدعمة، تجعل الحكومة تدعم عدة متدخلين، على مستويات مختلفة، عوض دعم المستهلك مباشرةً ، فعلى سبيل المثال، إن الدقيق الوطني المدعم الذي يصل دعمه إلى 1.43 درهما للكيلوغرام لكي يصل إلى المستهلك ب 2 دراهم للكيلو غرام، يباع بأكثر من 2.50 درهما للكيلو غرام في السوق. وذلك راجع إلى دعم جميع مراحل سلسلة إنتاج وتسويق الدقيق، ويبقى السعر النهائي للبيع عند مستوى المستهلك حرا، الشيء الذي يفسح المجال للمضاربين والمتلاعبين على حساب القدرة الشرائية للفئات المعوزة. وبخصوص الاختلال المتعلق بتوجيه الدعم إلى الفئات المعوزة يُلاحظ، على الصعيد الجغرافي بالنسبة للدقيق المدعم مثلا، عدم وجود إنصاف في توزيع حصص هذه المادة، حيث تبين في عدة حالات أن هناك أقاليم تستفيد من حصص مهمة من الدقيق المدعم، في حين تضم عددا محدودا من الفقراء ؛ والعكس صحيح. وبالنسبة لدعم المواد النفطية، فإن 20 في المائة من الفئات الميسورة تستفيد من 75 في المائة من دعم هذه المواد، بينما 20 في المائة من الفئات المعوزة تستفيد فقط من 1 في المائة منه. إضافة إلى إشكالية استعمال مادة غاز البوطان الحيوية، التي أصبحت تستغل لأغراض غير منزلية وفي قطاعات إنتاجية. وبالتالي انتقلت وتيرة استهلاك هذه المادة من 5 في المائة سنويا منذ سنة 1995 إلى 9 في المائة في السنوات الأخيرة، مما جعل الغلاف المالي المخصص للغاز بوطان ينتقل من 816 مليون درهم سنة 2002 إلى 6 مليار درهم سنة 2007 أي بنسبة 626 في المائة. وبخصوص للاختلال المتعلق بتعدد وتقادم النصوص القانونية والتنظيمية للموازنة ، فهناك العشرات من النصوص الموجودة منذ سنة 1941، والمتباينة من حيث النوع ، حيث تضم 5 ظهائر، و6 مراسيم، 12 قرارا، 14 دورية ، وهو ما يؤدي إلى تعقيد وإضعاف أداء عمليات المقاصة، ويساهم في إضعاف عمليات المراقبة، وبالتالي عدم ضبط التلاعبات والحد من المضاربات. التدابير الحكومية لمواجهة الاختلالات و لمعالجة هذه اختلالات سطرت الحكومة إستراتيجية شمولية وهيكلية تستهدف التحكم في الغلاف المالي للدعم؛ تحقيق النجاعة الاقتصادية؛ وضمان الإنصاف في توزيع الدعم مع تحصين القدرة الشرائية للفئات الوسطى، وتقوية الحماية الاجتماعية. فبالنسبة للتحكم في الغلاف المالي للدعم ، تركز التدابير الحكومية على إعادة النظر في تركيبة أسعار المواد المدعمة ، عبر وضع منظومة جديدة لتسعيرة المواد النفطية والغذائية في أفق تبسيط التركيبة، والتحكم في مكونات التكلفة، وتقليص الدعم الموجه لهذه المواد مع ضبط السعر النهائي. و ضمان احترام الأسعار المحددة، وذلك بتثبيت أسعار البيع على علب وأكياس بعض المواد، خاصة مادتي السكر والدقيق الوطني، وذلك لتفادي التلاعبات والمضاربات. وسيتم ذلك خلال الأشهر القليلة القادمة بتوافق مع المهنيين ، إسناد مهمة مراقبة ملفات الدعم لجهاز متخصص،من أجل تحسين أداء النظام الحالي للمقاصة حيث أنه تم تحديد الشروط المرجعية من طرف لجنة وزارية، تستلزم الكفاءة المهنية الضرورية في المتعهدين ، ثم وضع نظام معلوماتي متطور من أجل تحديث أساليب معالجة الملفات والتصريحات، ودراستها والتمكن من المقارنة وضبط التصريحات، وذلك في إطار تحسين تسيير صندوق المقاصة، إضافة إلى تحيين وتجميع النصوص القانونية والتنظيمية للمقاصة لكي تستجيب للمتطلبات الحالية . ولتحقيق النجاعة الاقتصادية ترتكز التدابير الحكومية المعتمدة على تقوية سبل تقليص تبعية الاقتصاد الوطني للسوق الدولية، وذلك بالنهوض بالقطاعات الحيوية المحلية لضمان نسبة أكبر من الاكتفاء الذاتي ، ويندرج في هذا الإطار مخطط المغرب الأخضر والمخطط الوطني للطاقة وبرنامج رواج . ويهم الأمر أساسا سلسلة الحبوب حيث يرمي برنامج المغرب الأخضر إلى تحسين مردودية إنتاج الحبوب لتغطية أكبر نسبة من الاستهلاك الوطني، وكذا تقوية التنظيمات المهنية في هذا القطاع للرفع من قدراتهم التفاوضية في ظل التقلبات التي تعرفها الأسواق الدولية حاليا ، والنهوض بقطاع السكر، حيث تم إبرام برنامج تعاقدي بين مهنيي القطاع والحكومة من أجل تغطية % 58 من الحاجيات الوطنية من السكر عوض 38 % حاليا، وتطوير قطاع الطاقة، الذي عرف عدة مجهودات من أجل تحسين النجاعة الطاقية، وذلك من خلال ترشيد استهلاك الطاقة بكل أنواعها وتنويع مكونات الباقة الطاقية وتطوير الطاقات البديلة والمتجددة لكي تمر من 4 % إلى 10 % في أفق 2012 . ولتحقيق الإنصاف وتقوية الحماية الاجتماعية، ترتكز الإستراتيجية الحكومية على التأكد من وصول الدعم إلى الفئات المعوزة من خلال تطوير نظام خرائطي لتتبع مسار توزيع المواد المدعمة، مع تحسين الاستهداف الجغرافي خاصة بالنسبة لتوزيع الدقيق الوطني، وذلك بالاعتماد على خريطة الفقر الجديدة؛ واستهداف المهنيين ، بالنسبة لقطاع النقل عبر دراسة إمكانية التعويض عن الغازوال في إطار المنظومة الضريبية المطبقة على القطاع ، وبالنسبة لقطاع الفلاحة ، عبر دراسة إمكانية التعويض عن غاز البوطان من خلال دعم بعض تكاليف الإنتاج مثل الأسمدة . وبشكل عام فالاستراتيجية الجديدة للحكومة تهدف إلى تقوية وتأهيل القدرات التدبيرية للإدارات والمؤسسات المعنية بإصلاح نظام المقاصة؛ استهداف أنجع للفئات المعوزة، والعمل على حماية القدرة الشرائية، من خلال مقاربة شمولية تتوخى الحفاظ على صندوق المقاصة وضمان غلاف مالي قار للموازنة من أجل دعم المواد الأساسية، وبالتالي الحفاظ على القدرة الشرائية لجميع المواطنين؛ و تخصيص قسط من الغلاف المالي لدعم القدرة الشرائية للفئات المعوزة، حيث تكون الاستفادة منه مشروطة ومرتبطة بالانخراط في برامج الصحة والتمدرس والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.