في مفارقة أمنية غريبة. شدت انتباه الحقوقيين والمواطنين معا، تفتقت عبقرية جهاز الأمن في مراكش بالخصوص على تشكيل وحدات أمنية نسائية مهمتها "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". استهداف هذه الوحدات "الخاصة"، النساء دون الرجال، ومداهمتهن في المقاهي، وتفتيش ملابسهن، والتضييق عليهن يعكس طبيعة العقلية "الفذة" القائمة على إدارة الشؤون الأمنية بهذه المدينة، سيما أن التقارير الإعلامية تفيد تقدم نائب والي الأمن لهذا الفيلق النسائي يؤمن لهن طريق نصر موهوم. قراءة هذا السلوك الأمني يكشف عن مؤشرين اثنين الأول مفاده أن عقليات بعض رجال الأمن بائدة وتحن إلى زمن "لاراف" التي تسيدت العقلية الأمنية إبان سنوات الرصاص. أما الثاني فيتمثل في الفهم العقيم والساذج لمقاربة النوع. فتعيين نساء أمنيين لا يعني تجنيدهن لمهام نسائية خاصة، بغض النظر عن مدى صحة "أفعال" عفوا أعمال الشرطة القضائية التي يقمن بها، ومدى توفر عناصر الجريمة في المشتبه بهن من الموقوفات. إن مقاربة حقوقية، لما حدث في مراكش. تجعل من هذا السلوك الأمني، تصرفا غير سوي، وخرقا لأبسط الحقوق المدنية، الحق في التجول، والحنين إلى زمن مضى. فتفتيش النساء، لأنهن نساء داخل المقاهي، يجعل التهمة امرأة.. ويضرب في العمق كل المبادرات الحقوقية التي باشرتها الدولة عن قناعة راسخة، من أجل تأمين مشاركة واعية لنصف المجتمع في حياة المغاربة. فمن يتحمل مسؤولية هذا الارتداد إلى الوراء؟ الحال أنه كان حريا بنساء الأمن بمراكش حماية النساء من اللصوص والمتحرشين بهم عوض التربص بهم في الملاهي الليلية والمقاهي. لقد استبشرنا خيرا يوم أعلنت الدولة عن إدراج مقررات حقوق الإنسان في تكوين رجال الأمن بمعاهدها. وكان الأمل أن تسهم هذه التكوينات في رفع الثقافة الحقوقية، لبعض المسؤولين الأمنيين، غير أنه يبدو أن ثقل الماضي ما يزال يعيق عمل بعض القائمين على الشأن الأمني في بعض المناطق. ثقل يرخي بظله على مبادرات أمنية، لا تأخذ من الأخلاق العامة، على عمومية هذا المفهوم، إلا التضييق على الحريات. هذه الافتتاحية لخالد الحري نشرتها "الصباح" وتعيد "كود" نشرها باتفاق مع الكاتب