إحياءا لروح الوحدة والاستقلال.. وفد من الشرفاء العلميين يزور ضريح محمد الخامس ترحما على روحه الطاهرة    أوديسيه: المغرب "إلدورادو حقيقي" للمستثمرين و"وجهة حلم" للمسافرين    اندلاع حريق مهول بحي المهاجرين العشوائي بتزنيت يسائل سياسات الإيواء والاندماج    حفل موسيقي مميز يُلهب أجواء المركز الثقافي ليكسوس بحضور جمهور غفير    الأعمال الفنية الرمضانية: تخمة في الإنتاج ورداءة في الجودة    ترامب يجمّد عمل إذاعات أمريكية موجهة إلى الخارج    رياح قوية وتساقطات ثلجية مرتقبة يومه الاثنين وغدا الثلاثاء    رياح وتساقطات ثلجية الاثنين والثلاثاء    الأرصاد الجوية تحذر من أمواج عاتية    إسبانيا تُمدد فترة التحقيق "السري" لنفق سبتة بعد تسجيل تطورات    شبهة التهريب الدولي للمخدرات تتسبب في توقيف سائق شاحنة بطنجة    منظمة ترفض "ترهيب" المجتمع المدني    عواصف وأعاصير تخلف 33 قتيلا على الأقل في الولايات المتحدة    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    السلطات تمنع محامين إسبان موالين للبوليساريو من دخول العيون    مع اقتراب نهاية ولايته.. حصيلة هزيلة لرئيس مجلس جهة سوس.. فشل في تنزيل ال"PDR" وإقصاء واضح للجماعات الهامشية    "الثقافة جزء من التنمية المحلية" عنوان أجندة مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب..    عشرات الآلاف يتظاهرون في صربيا ضد الفساد    اتحاد طنجة يكرس سلسلة تعادلات الوداد و يرغمه على تعادله الرابع تواليا    جمهور نهضة بركان يحتفل بالتتويج التاريخي لفريقه بدرع البطولة    في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا    أمطار ‬الخير ‬و ‬قرارات ‬حكومية ‬فعالة ‬و ‬صرامة ‬السلطات ‬المحلية ‬في ‬التصدي ‬للممارسات ‬غير ‬القانونية‮ ‬    الإهانة في زمن الميغا امبريالية: عقلانية التشاؤم وتفاؤل الإرادة.    ستشهاد 6 فلسطينيين من بينهم أسيرة محررة لأول مرة منذ وقف النار.. يرفع حصيلة العدوان على غزة إلى 48 ألفا و572 شهيدا    ضبط أزيد من 18 ألف قنينة من المشروبات الكحولية في مخزن سري بالناظور    إجهاض عملية ترويج 18 ألف و570 قنينة من المشروبات الكحولية بدون ترخيص    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها مع الجزائر    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الإعلامي في عصر التحولات الرقمية    المُقاطعة أو المجاعة !    العدالة والتنمية يحمل الحكومة مسؤولية التأخير في إعادة إيواء متضرري زلزال الحوز    نسيم عباسي يتيح أفلامه السينمائي للجمهور عبر "يوتيوب"    حالة الطقس ليوم غد الاثنين: أمطار، ثلوج، ورياح قوية بعدة مناطق    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا لإجراء تجمع إعدادي تأهبا ل"شان" 2024    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تهنئ نهضة بركان بإحرازه لقب البطولة الاحترافية    المغرب يتصدر إنتاج السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    تطبيق "تيليغرام" يسمح بتداول العملات المشفرة    مصرع 51 شخصا في حريق بملهى ليلي في مقدونيا الشمالية    من الناظور إلى الداخلة.. عضو في كونفيدرالية البحارة يكشف عن التلاعب بأسعار السمك    الجزائر واكتشاف البطاقة البنكية: بين السخرية والواقع المرير    "آتو مان" أول بطل خارق أمازيغي في السينما: فيلم مغربي-فرنسي مستوحى من الأسطورة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. الفتح الرباطي يتغلب على الشباب السالمي (4-2)    فوزي لقجع.. مهندس نجاح نهضة بركان وصانع مجدها الكروي    استمرار ضطرابات الجوية بالمغرب طيلة الأسبوع المقبل    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختلالات بالجملة بقسم الأمراض العقلية بالصويرة

استبشر سكان إقليم الصويرة خيرا بإحداث قسم للأمراض العقلية بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله منذ سنة ونصف، هذا القسم الذي أتى ليحل مشكل الخصاص الكبير الذي ظل يعانيه الإقليم على مستوى الوحدات الاستشفائية الخاصة بذوي الأمراض العقلية، والذين كانوا مضطرين في السابق إلى التوجه إلى مدن أخرى طلبا للاستشفاء بما يترتب عن ذلك من أعباء مادية ونفسية وبدنية لهم ولعائلاتهم المنحدرة في الغالب من أوساط جد فقيرة ، يتكون من جناحين ، جناح للرجال وآخر للنساء بطاقة استيعابية لا تتجاوز 40 مريضا ومريضة بمن في ذلك 16 امرأة. ويقدم خدماته لذوي الأمراض العقلية المكونين أساسا من المشردين، الأشخاص بدون مأوى ، والأشخاص الذين يوجدون في حالة سفر مرضي أدى بهم إلى الخروج من منازلهم ليجدوا أنفسهم في مدينة الصويرة بدون عائلة أو مأوى أو رعاية.
عمل القسم منظم بمقتضى ظهير 1959 الخاص بمعالجة وحماية المرضى العقليين، حيث يتم إيداع المرضى بطريقتين مختلفتين تماما، إما عبر الإيداع الحر، وهو الذي يتم بمبادرة من المريض أو بقرار من أسرته بعد مصادقة الطبيب وتأكيده للحالة المرضية وهنا يودع المريض في قسم مفتوح، وإما بإيداع رسمي يكون بقرار من وكيل الملك، من الشرطة القضائية بالنسبة للعالم الحضري أو من القائد بالنسبة للعالم القروي. والإيداع الرسمي يكون تبعا لإخلال المريض بالنظام العام ،وبالتالي يلعب قسم الأمراض العقلية دورا «سالبا للحرية» في هذه الحالة إلى جانب دوره العلاجي، مما يقتضي وضع المريض في قسم مغلق. وبغض النظر عن أسباب الأمراض العقلية التي تتفاوت بين البيولوجي والنفسي والتربوي والاجتماعي أو بسبب الادمان في كثير من الحالات، فإن مستشفيات وأقسام الأمراض العقلية تعتبر وحدات صحية اجتماعية بالدرجة الأولى، تتحمل مصاريف علاج ورعاية المريض بشكل كامل، الشيء الذي يتطلب تمكينها من الإمكانيات المادية والمالية المطلوبة، وتوفير الموارد البشرية المطلوبة، مع توفير بنيات تحتية وتجهيزات تتناسب مع خصوصيات المرفق.
وبالنظر إلى وضعية قسم الأمراض العقلية بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة ، يمكن الوقوف على مجموعة من الاختلالات البنيوية التي تعيق أداءه لمهامه بشكل جيد، وتشكل أخطارا مستمرة على حياة العاملين بالقسم والمرضى على حد سواء. البداية بالخصاص على مستوى الموارد البشرية، فالقسم لا يتوفر إلا على طبيبة واحدة في إقليم يتكون من400 ألف نسمة، و12 ممرضا، مما حال إلى حد الساعة دون بدء العمل بجناح النساء الذي لايزال مقفلا، ثم طول السور الذي لا يتجاوز المترين، في تناقض تام مع المعايير المعمول بها والتي تقتضي أن لا ينزل علو السور عن ثلاثة إلى أربعة أمتار، حماية للمرضى الذين قد يحاولون الفرار خارج القسم في ظل حالة فقدانهم للقدرة على التمييز، ووهنهم الجسدي نتيجة تناولهم الأدوية، فكل محاولة فرار عبر السور تعتبر حالة انتحار لاواعية، قد تؤدي بالمريض إلى الوفاة، أو الكسر في أدنى الحالات، والطول الحالي للسور بالقسم لا يعطي أي ضمانة أو حماية للمرضى، وبالتالي يقع على المسؤولين عبء زيادة طوله بشكل استعجالي. الخطر الثاني الذي يتهدد المرضى والعاملين بالقسم هو الواجهات الزجاجية للمرافق ، فالزجاج ممنوع منعا تاما بوحدات الاستشفاء الخاصة بذوي الأمراض العقلية، لأن المرضى معرضون لحالات هيجان يخرج فيها سلوكهم عن السيطرة، وبالتالي، قد يعمدون إلى إيذاء أنفسهم أو مهاجمة الطاقم الطبي باستعمال الزجاج، وحسب بعض المصادر الموثوقة، فقد تم تسجيل مجموعة من الحالات بقسم الأمراض العقلية بالصويرة لمرضى أصيبوا بجروح جراء تكسيرهم للزجاج . وقد بادر احد الممرضين العاملين بالقسم بإزالة الزجاج اعتبارا لخطورته، إلا أن إدارة المستشفى أمرت بإعادة الأمور إلى وضعها الأول.
وما ينطبق على الزجاج يجوز على «القباسات الكهربائية»، فالمعمول به في هذه الأقسام هو مركزة المحولات الكهربائية حماية لحياة المرضى من أي حالات انتحار أو عبث لا إرادي بالتيار الكهربائي، وهو الشيء الذي لم يتم احترامه بقسم الأمراض العقلية بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله المزودة جميع مراقده بقواطع الكهرباء . من جهة أخرى، يسجل افتقار نوافذ المراقد إلى السياج، فكيف يعقل أن نترك مرضى عقليين في غرف نوافذها زجاجية ولا حواجز بعدها، كيف يمكن للقسم أداء مهمة حماية المرضى وعلاجهم؟ كيف سيمكن تحميل الطاقم الطبي والإداري المسؤولية الجنائية لهروب احد المرضى المودعين إيداعا رسميا والحد الأدنى من السلامة ومناعة البناية غير متوفر؟
الغريب في أمر القسم بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله انه شبيه بباقي الأقسام الأخرى، فهو عبارة عن ممرات وغرف علاج ومراقد، في حين أن له خصوصية كبيرة، تقتضي توفير مرافق داعمة، كالساحة الخارجية المجهزة التي تمكن المرضى من التحرك بحرية في الهواء الطلق تحت المراقبة والملاحظة، مما يمكن الطاقم المعالج من تتبع أثر العلاج والأدوية والوقوف على مدى تحسن حالته العقلية والنفسية. كما يفتقر القسم إلى المعازل التي تعتبر ذات أهمية كبيرة لدى استقبال مرضى جدد في حالة هيجان شديدة، تمنع من إيداعهم رفقة مرضى آخرين اعتبارا لخطورتهم، فيودعون في المعازل إلى أن تزول حالة هيجانهم وعدوانيتهم، فالقسم لا يتوفر حاليا إلا على معزل واحد لا يكفي للاستجابة لحاجيات الحالات التي قد تأتي بشكل متزامن. كما يعاني القسم من قلة الأغطية في ظل مناخ رطب وبارد لمدينة الصويرة، وتجاوز معدل الأسرة المسموح به داخل المراقد، حيث يصل العدد حاليا إلى خمسة في حين أن المعدل هو ثلاثة.
من جهة أخرى، تبقى كمية التغذية غير كافية مع العلم أن نوعيتها جيدة، مما يضر حتما بصحة المرضى خصوصا وان الأدوية التي يتناولونها مثيرة لشهية الأكل، كما أن أغلبية المرضى لا يتلقون زيارات إلا لماما، واغلبهم ينحدرون من عائلات فقيرة ،وبالتالي فمصدر التغذية الوحيد هو ما يقدمه القسم من وجبات يشهد الجميع على نوعيتها الجيدة، ويجمعون على كميتها القليلة. كما يجب التأكيد على الانقطاع الذي يعرفه تموين القسم بالأدوية في بعض الفترات، الحقن على وجه الخصوص، مما يعرض حياة المرضى للخطر ويؤدي إلى تدهور أحوالهم الصحية. وحسب مجموعة من الملاحظين، فالأوضاع الحالية لأقسام الأمراض العقلية التي جاءت كبديل لمستشفيات الأمراض العقلية ليست إلا نتيجة مقاربة اقتصادية محضة لوزارة الصحة عمدت من خلالها إلى دمج الأقسام داخل المستشفيات المتعددة الاختصاصات التي تتمتع بوضعية مصلحة مسيرة بطريقة مستقلة، مما مكن الوزارة من التخلص من أعباء الميزانية الخاصة بمستشفيات الأمراض العقلية، وبالتالي تحول العبء إلى ميزانية المستشفيات المتعددة الاختصاصات التي أصبحت ملزمة بالتمويل الكامل لاحتياجات أقسام الأمراض العقلية التي تعتبر أقسام اجتماعية لا تدر أية مداخيل مقارنة بالأقسام الأخرى، هذه الوضعية أفرزت حالة من التقشف في التعامل مع احتياجات هذه الأقسام لا تخدم بأي حال من الاحوال مهامه ووظائفه الإنسانية، بل وحتى الأمنية، فمجموعة من الحالات يشكل تواجدها في الشارع العام خطورة على حياة المواطنين، وبالتالي، فالدولة مدعوة إلى احتساب الفاتورة الأمنية التي يمكن أن تترتب عن السلوكات اللاواعية للمرضى مقارنة مع ما تقدمه هذه الأقسام الاستشفائية من خدمات. كما يجب مقاربة الأمر من زاوية اجتماعية إنسانية وحقوقية محضة، اعتبارا لمسؤولية المجتمع إزاء هؤلاء الأفراد الذين ساءت أحوالهم الصحية العقلية لظروف وأسباب ما، وبالتالي يجب على الدولة ضمان حقهم في العلاج في ظروف جيدة لا مجال فيها للحسابات الاقتصادية المحدودة.
الاستشفاء بأقسام الأمراض العقلية يتم وفق مشروع علاجي يتحمل فيه الطاقم الطبي نسبة 20 في المائة، فيما يقع على الأسرة تحمل مسؤوليتها إزاء المريض بعد انقضاء مدة الاستشفاء، من هنا يجب توعية الأسر بطرق رعاية المريض وتتبعه، مع تزويدها ودعمها بالأدوية بشكل منتظم. وهنا يكمن الخلل الكبير لما بعد مرحلة الاستشفاء، والذي يؤدي إلى فشل المشروع العلاجي للمريض. إذ تسجل في أغلب الأحيان انتكاسة الحالة الصحية للمريض مباشرة بعد خروجه من القسم بسبب جهل الأسر بأساليب الرعاية، وبسبب عدم تزويدها بشكل منتظم بالأدوية التي تفتقد في عدة فترات بوحدة الصحة العقلية المكلفة بتتبع الحالات ما بعد الاستشفاء. كما يسجل الملاحظون استمرار لجوء الدولة ، لأسباب اقتصادية دائما، إلى أدوية ذات آثار جانبية واضحة على المريض تتطلب اللجوء إلى أدوية تصحيحية لأجل التخفيف من تداعياتها، في حين أن هناك أدوية أثبتت فعاليتها وآثارها الجانبية على الحالة الصحية العامة للمرضى محدودة جدا.
من جهة أخرى، يتوجب دعم الطاقم الأمني الخاص بقسم الأمراض العقلية بمستشفى سيدي محمد بن عبد الله، حيث لم يتم تزويده إلا مؤخرا بحارس أمني ليلي، في حين أن المطلوب هو تواجد أمني 24/24 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.