استيقظت هذا الصباح لأكتشف أن قراء موقع كود أصبحت لهم ضرة تتحدث الفرنسية، الخالق الناطق، إلا أنها مغرورة ومتأنقة وتدعي أنها لا تجيد الحديث بالعربية. في الواقع، شعرت بالغيرة من هذه الأخت الصغيرة التي خرجت فجأة لتنافس كود ، لكن هيهات، فاللغة الفرنسية ومهما تجملت وتغنجت وتمايلت، لن تستطيع أبدا تقليدنا، إن كود ماركة مسجلة، ولن تستطيع هذه الضرة أن تكتب عاجل أو فضيحة أو مثير، جربوا يا أيها الصحفيون الإلكترونيون الذين تشرفون على كود بالفرنسية، جربوا، وأنا متأكد أنكم ستفشلون، صعب عليكم أن تقلدونا، لقد كان لنا قصب السبق والتميز، والذين يقرأون الفرنسية يفهمون أن الخبر يسمى خبرا لأنه عاجل، ولا داعي لديهم للتأكيد على ذلك، ولن تثيرهم أبدا مثل هذه العناوين.
الأمر مختلف في العربية، لأن القارىء يحتاج إلى من يغريه وإلى من يحفزه كي ينقر على الخبر، وأن يقول له افتح من هنا، هنا توجد سياسة، هنا إثارة، هنا صور الجميلات، هنا بنكيران، فيدخل القراء إلى كود العربية آمنين، كل واحد منهم يختار ما يريد.
لكن ما أغبط عليه النسخة الفرنسية من كود هو معلقوها وقراؤها، الذين ومهما شتموا، فإن الفرنسية لن تتيح لهم إمكانية العثور على كلمات مثل أيها الديوث، وفلول اليسار وبني علمان الكفار، وستحرمهم لغتهم من سب كل مقال أو كاتب لم ينل رضاهم، لأن الفرنسية قطعت مع مثل هذه الشتائم منذ قرون، ولم تعد موجودة في قواميسها، على عكس العربية، التي تخرج منها هذه الكلمات حلوة كالعسل، ويرددها الجميع مثل صباح الخير، خاصة مع ظهور الربيع العربي وعودة القيم.
لهذا السبب ولافتراض وجود قارئات جميلات في الطابق الثاني من الموقع، أطلب من إدارة كود أن تسمح لي بالانتقال إلى كود بالفرنسية، وأن أركن في مكان آمن هناك، كما هو حاصل مع كتاب الرأي بالفرنسة في كود الأولى، كي أظل بعيدا عن العربية وما يأتي منها، وبعيدا عن المواضيع المحببة لقراء العربية، وأكتب كما يحلو لي، دون خجل ولا خوف، ولأتخلص من أفتاتي وبنكيران وسكوب مراكش وفاس، ومن جرائم القتل الكثيرة والدعارة، فقراء الفرنسية لهم حس مرهف ولا يتابعون أخبار أفتاتي ولشكر وشباط، وتفزعهم الجرائم والدماء المراقة على الصفحة الأولى، وفي انتظار أن أتلقى ردا رسميا من أحمد نجيم، وفي انتظار إعداد مكتبي الافتراضي، في الطابق الثاني الإلكتروني، أودعكم يا قراء كود العربية، كي تبحثوا عن شخص آخر تشتمونه، وأعلمكم أنه مقالي الأخير في كود، ولن أعود إليها، مهما حصل، ومن اشتاق إلي، فأنا في النسخة الفرنسية، دائخ وتائه، مثل بدوي في باريس.