مرت خمسة أيام على افتتاحية نارية نشرتها يومية«العلم»، الناطقة، كما هو معروف، باسم لسان حزب الاستقلال، موجهة ضد عامل سيدي قاسم، والذي اتهمته، رسميا وعلانية، بالإشراف الشخصي على بداية التزوير لانتخابات جزئية ستجري يوم 28 فبراير الجاري، وبالرغم من كل هذه المدة، لم نقرأ بعد أن تحقيقا فتح في الموضوع، أو أن السيد وزير العدل والحريات ( والاقتطاعات أيضا ) استدعى المسؤولين لكي يفتح تحقيقا في الموضوع. لسنا ندري إن كان السيد وزير العدل والحريات ( والتقليعات أيضا ) يعلم، لكن يومية «العلم»، مدرسة الصحافة الوطنية، نشرت مقالا على ثمانية أعمدة، بعناوين، لا نعتقد بأن صحافة المعارضة غامرت بها إلى حد الآن، تقول بأن عامل الإقليم، وهو بالمناسبة عضو مسؤول في حزب وزير الداخلية السيد امحند العنصر، ضغط على الأعيان وسخر القياد لضمان نجاح المرشح المحظوظ، وهو بطبيعة الحال، لن يكون مرشحا من ...
النهج الديموقراطي(مع الاحترام يا عبد المومن الشباري )، بل هو مرشح حزب الحركة الشعبية الذي يقوده السيد وزير الداخلية. وزير العدل والحريات (والتصريحات أيضا) لم يستدع إلى حد الآن زميله نبيل بنعبدالله، وزير السكنى والتعمير والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، المشارك في الحكومة، لكي يستمع إليه، بخصوص الشكوى العمومية لله سبحانه وتعالي وللشعب المغربي، بخصوص العمل على إقصاء مرشح الحزب في انتخابات اليوسفية، التي سيعاد فيها الانتخاب مثل 5 دوائر أخرى، منها أزيلال، سطات ومولاي يعقوب. وزير السكنى وزعيم التقدم والاشتراكية يصرخ بأعلى صوته، لعل الوزراء المعنيين يسمعونه، إن مرشحه قد تعرض للاختطاف قبل صناديق الاقتراع.
وهو تحول جديد، ربما في مسيرة الانتقال الديموقراطي المجيدة في زمن الربيع العربي، يبدأ باختطاف المرشح عوض اختطاف الصناديق.
وهذا أضمن، وهو يحيلنا ولا شك، على اختطاف الرهائن الذي أصبح أسلوبا سياسيا وماليا جديدا، ومرغوبا في منطقة الساحل، قابل للتصدير..
القيادي في حزب التقدم، صوب بعيدا قليلا عن الأغلبية، واتهم حزبا معارضا (فضل عدم ذكر اسمه!!!) بكونه «عطا باليزا ديال لفلوس للمرشح). في حالة حزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية، هناك حديث متواتر وقوي عن التزوير الانتخابي في هذه الدوائر.
ويتعلق الأمر، إذا ما كانت معلوماتنا دقيقة ولم يحدث تغيير منذ يوم الاثنين إلى حدود كتابة هذه السطور، بحزبين في الحكومة، أولهم حليف استراتيجي مرتب ثانيا في لائحة القوة العددية للحكومة، ويتحمل أحد أبنائه رئاسة الغرفة الأولى في مجلس النواب، ويعدنا بتعديل حكومي لإعادة الأمور إلى نصابها ( أو إلى نصابها)..
وهما حزبان يعلنان أن مسلسل التزوير قد بدأ من الآن، وأن النتائج مطعون فيها قبل حتى أن تبدأ الحملة الانتخابية. وهو اتهام، بطبيعة الحال، إلى السلطة الترابية بأنها غير محايدة، وتتدخل في طبخ النتائج الاقتراعية.
وهذه اتهامات تعود بنا سنوات ضوئية (أو ظلامية) إلى الوراء، وكأننا مازلنا في الزمن إياه، كما لو أن المغرب مازال في طور الإعداد للتناوب الأول في ...1992! إن إعلان محاولات التزوير اليوم يأخذ طابع الانتكاسة ومذاق الهزيمة والتلويح بعودة سنوات التوجيه والرسم القبلي لنتائج الانتخابات. ويطرح، أكثر قوة، على الحكومة حماية السيادة الشعبية، إذا كانت أحزابها أول من يصرخ بصوت عال بالشكوى!! يبدو منطقيا لدى الرأي العام، أن أحسن موقف، وأكثره جدوى، هو مقاطعة الانتخابات !!!، كما كانت المواقف في السابق، مادامت النتيجة معروفة، ومادامت الحكومة هي التي تدعو ... منطقيا إلى ذلك!!! فنحن في وضع عبثي بامتياز، تشكو فيه الأغلبية من بعضها البعض، وتحكم فيه المعارضة على مرشحيها بأنهم يتلقون باليزات، وقادرين على «بيع الماتش». وضع عبثي بامتياز، تكون فيه دائرتان من أصل خمسة، في انتخابات جزئية، مستنقعا حقيقيا لا يمكن لأي شخص محترم أن يقترب منه. لقد كنا دوما نقول من أجل المشاركة، في ظروف نقول عنها إنها مناهضة للديموقراطية. لكن الذي يحصل اليوم هو أن الظروف السياسية والمؤسساتية والدستورية تدفعنا إلى الأمام، والحكومة تعود بنا إلى الوراء، إلى الشكوى من نفسها!!