نقل موقع "هسبريس" الالكتروني تصريحات لمحمد بنعبد الصادق، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي، يدافع فيها عن رفض مقترح قانون تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس النواب يقضي بتعديل الفصل 486 من القانون الجنائي حول عقوبة مغتصب القاصرات. يوضح هذا النائب البرلماني أن مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاشتراكي "أراد اعتبار كل ممارسة للجنس من طرف رجل راشد على فتاة قاصر ولو برضاها، جناية يعاقب عليها بنفس العقوبة المقررة للاغتصاب". ثم يورد التعريف القانوني للاغتصاب والمتمثل في "مواقعة رجل لإمرأة بدون رضاها".
ليميز بين الاغتصاب بتعريفه هذا وبين ممارسة الجنس من طرف رجل راشد على فتاة قاصر، معتبرا أن هذا الفعل الأخير "يُعرِّفه القانون بهتك العرض بدون عُنف، ويعاقب عليه كجنحة بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات حسب ما ورد في المادة 484 من القانون الجنائي". ثم يعطي لمعارضيه في الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بعض الدروس في العمل التشريعي والنهج الذي كان يجب أن يسلكوه لاقتراح تعديلات على هذا القانون.
لكن المدهش في ما قام به الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية وتصريحات عضوه بنعبد الصادق بخصوص هذا الموضوع، دفاعهم غير المبرر عن عدم تجريم اغتصاب الأطفال ب"رضاهم"، والاكتفاء باعتبار ذلك مجرد "جنحة". إنها نفس الجريمة (البيدوفيليا) التي لا يتردد المقرئ أبو زيد الإدريسي وغيره من دعاة الحركة التي نشأ عنها الحزب وصحافتها في التنديد بها لكسب الأًصوات الانتخابية، كلما تفجرت فضيحة من فضائح اغتصاب الأطفال من طرف أجانب (وخاصة عندما يكون المتهمون أجانبḷ)
في الحملات الدعوية / الانتخابية يطالب أصدقاء هذا النائب البرلماني – عن حق- بإنزال أقصى العقوبات في حق الجناة الذين يثبت في حقهم اقتراف جريمة اغتصاب طفل، ولا يميزون أبدا بين أن يكون هذا الطفل الضحية تعرض للاغتصاب ب"رضاه" أو رغما عنه.
بطبيعة الحال يصعب أن نتخيل طفلا "يرضى" أن يمارس عليه الجنس. لكنه الجواب المدهش للإسلاميين، يضطر المرء لتخيل ما لا يتخيل. فالإيديولوجيا اليمينية المتطرفة دائما ما تكون قادرة على أن تجعل قلب معتنقها قاسيا إلى حد يجعله يتصور أن يتعرض طفل للاغتصاب ب"رضاه"ḷ مع الاعتذار للأطفال ضحايا الاغتصاب وذويهم.
مصطفى الراشدي، المستشار القانون لجمعية "ما تقيسش ولدي" وعضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يوضح ل"كود" أن "الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتي صادق عليها المغرب، لا تميز بين رضا الضحية من عدمه. كما أنه استنادا لهذه الاتفاقية الملزمة لمؤسسات الدولة بفعل مصادقة المغرب عليها، يعتبر طفلا كل شخص يقل سنه عن 18 سنة ذكرا كان أو أنثى."
أما التمييز بين الرضا وعدم الرضا في المعاقبة على اغتصاب الأطفال، فليس سوى "وسيلة لمأسسة البيدوفيليا وحمايتها قانونيا وتبرير زواج القاصرات. إنه تحايل على القانون، وحماية لدعارة القاصرين. حسب منطق الرضا عن الاغتصاب من عدمه، سيكون من السهل القول إن الأطفال الذين يستغلون في الدعارة إنما يفعلون ذلك برضاهمḷ" يضيف مصطفى الراشدي.
الواقع أن دفاع الإسلاميين المستميت عن التمييز في العقوبة بين "رضا" الضحية من عدمه، يخفي وراءه إصرارا على الوفاء لفهم ضيق لتعاليم الدين الإسلامي السمح. بالنسبة لنواب العدالة والتنمية، سيفتح تجريم اغتصاب الأطفال ب"رضاهم" الباب لمنع تزويج الضحايا بالمجرمين، ومنع تزويج القاصرات.
هذه تطورات لا يعقل أن يعرفها مجتمع مسلم في القرن 21 لأن فيها مخالفة لتعاليم الدين، في نظر بنعبد الصادق ومن معه. سوى أن الفرق هو أن الأمر لا يتعلق بتاتا بتعاليم الدين السمح، بقدر ما يتمثل في تأويلات متخلفة من بين تأويلات أخرى كثيرة لا يقل أصحابها إسلاما عن معتنقي التأويلات العتيقة. إلا إذا أراد الإخوان الاستمرار إلى أبعد حد في منطقهم السلفي الجامد وموافقة المغراوي على فتواه القائلة بتزويج الطفلة البالغة من العمر 9 سنين. فهو في نهاية المطاف مجرد تأويل ظلامي لجزء من التراث الشرعي في الدين الإسلامي.