كان مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الحالي، من أشد المدافعين عن عدم رفع سن الزواج إلى 18 سنة بالنسبة للفتيات وإبقائه في سن 12 سنة كما كانت تنص على ذلك مدونة الأحوال الشخصية، وذلك خلال المعركة التي سبقت إقرار مدونة الأسرة. الرميد وكل الإسلاميين المغاربة بمن فيهم حزب الاستقلال وإسلاميو القصر الذين كان يتزعمهم حينئذ عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف السابق، كانوا جد قريبين من محمد بن عبد الرحمان المغراوي الذي اكتشف الرأي العام أنه يبيح تزويج الفتيات منذ سن 9 سنوات. لم يكن الفرق بين هؤلاء والشيخ السلفي الذي عاد ليبث جهالاته في دور القرآن بفضل "الربيع الإسلامي" حول السن الأدنى لتزويج الفتيات، سوى 3 سنوات. اليوم يعود مصطفى الرميد من موقعه وزيرا للعدل ليدافع مجددا عن اغتصاب الفتيات من خلال تزويجهن بحكم القانون ابتداء من سن 15 سنة. المشكل بالنسبة للرميد ليس ممارسة الجنس على الأطفال (البيدوفيليا) في حد ذاته وإنما فقط ما إذا كانت الضحية تقبل ب"رضاها" أن يمارس عليها الجنس أم لا؟ هذا بالضبط ما يفهم من البيان الصادر عن وزارة العدل والحريات بخصوص قضية الطفلة أمينة التي انتحرت في العرائش بعد تزويجها من شخص مارس عليها الجنس. يقول البيان، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء، إن "افتضاض بكارة القاصر تم برضاها، وذلك حسب أقوالها الواردة في البحث التمهيدي الذي أمرت النيابة العامة بمدينة العرائش بإنجازه". يستند بعد ذلك على أقوال الضحية ليضيف أنها "أكدت بحضور والدتها خلال البحث التمهيدي٬ وكذلك حين مثولها أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة٬ الذي التمس منه كافة الأطراف إمهالهم لإبرام عقد الزواج". ثم يخلص إلى فضيحة حقيقية حين يقول بكل برودة أنه "تم احترام المساطر القانونية المتبعة "٬ في قضية الفتاة المنتحرة بعد إرغامها من الزواج من الشخص الذي اغتصبها٬ موضحا أن "النيابة العامة أمسكت عن تحريك المتابعة رعيا لمصلحة القاصر واستجابة لطلبها وطلبات والدها والشخص الذي تزوج بها في إطار ما ينص عليه القانون".
هكذا يتضح أن مشكلة الرميد والإسلاميين ليست القضاء على ظاهرة اغتصاب الاطفال (البيدوفيليا) باسم القانون من خلال الاسثتناءات التي تمنحها مدونة الأسرة للقضاة كي يزوجوا الفتيات في سن أقل من 18 سنة، بل فقط في احترام تطبيق هذا القانون الفضيحة ولو تعلق الأمر بزواج طفلة من شخص اغتصبها خارج إطار الزواج. ثم يأتي بعد ذلك الرميد وصحبه في جريدة "التجديد" وغيرها من منابر الإسلاميين، ليتهموا العلمانيين والحركة الحقوقية المغربية، زورا وبهتانا، بأنهم يدافعون عن "البيدوفيليا" حينما يطالبون باحترام حقوق المثليين الراشدين في ممارسة ميولاتهم الجنسية. كيف يعقل أن يحتج الرميد وإخوانه لأسباب انتخابية على دعارة القاصرين بينما لا يرون مانعا في اغتصاب الأطفال ما دام ذلك يتم في إطار الزواج "احتراما للمساطر القانونية"؟ أم أن أسوأ الأيام لم نعشها بعد؟ لعل الفيزازي وأبو زيد الإدريسي يطلعون علينا غدا مطالبين بتعديل القانون مجددا وخفض سن الزواج (أي اغتصاب الأطفال بالقانون) إلى 12 أو 9 سنوات.