سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ما يثير في حزب الاستقلال! تهجم الكلاب على مقره المركزي. وتطير فيه الصحون و الهراوات. ويصفع الاستقلالي أخاه الاستقلالي. ويتأخر مؤتمره. لكنه في كل مرة يفوز في الانتخابات
تظهر أحزاب وتختفي أخرى. بينما يظل حزب الاستقلال هو حزب الاستقلال. وتتراجع أحزاب بينما يبقى حزب الاستقلال في موقعه. وفي مكانه. وتتقدم أحزاب. بينما يظل حزب الاستقلال قريبا منها. متقدما معها. ولا يتراجع إلا قليلا كي يعود إلى مكانه الطبيعي. ولا يندحر أبدا. ولا يتبخر. ولا يقع له ما وقع مثلا لحزب الاتحاد الاشتراكي. ولا يقع فيه انشقاق. ولا يزايد فيه أحد على أحد. ولا يخرج منه حزب ثم يعود إليه. ولا يتجذر. ولا يلين كل اللين. وحين تكون له مصلحة في المحافظة يعض عليها بالنواجذ. وحين يتطلب السياق أن يكون ليبراليا ينفتح حزب الاستقلال. ومن يفقد موقعه في حزب الاستقلال. يختفي مدة عن الأنظار. قبل أن يعود إلى موقعه. ولا يهاجم الحزب في الإعلام. ولا ينتقم. بل يتحلى بحكمة عجيبة. إلى أن يسمح له بالظهور من جديد. و سواء عقد حزب الاستقلال مؤتمره أم لم يعقده. يظل حزب الاستقلال هو حزب الاستقلال الاستقلال. بين الأحزاب الأولى. و دائما في المقدمة. وسواء تعاركت تياراته أم لم تتعارك. فهو لا يتأثر بذلك. ولا تؤثر عليه الخلافات الداخلية. ولا يؤثر عليه الصراع بين العائلة المؤسسة وبين الأعيان الجدد. وينقسم إلى قسمين. وتدخل الكلاب إلى مقره المركزي. وتدخل الهراوات. و يهجم الأولاد الصغار عليه. وتقود الحاجة جيش النساء. ويأتي الشباب المدجج بالعصي. وتطير الصحون. وتقلب الطاولات. و يهرق المرق على المناضلين. ويصفع قيادي في حزب الاستقلال أمام مرأى الجميع. ومع الوقت. يعود الصافع. والمصفوع. ويعود الحزب. ويعود الميزان. وتعود الهتافات. ويعود اللون الوردي إلى الواجهة. وتعود صاحبة الصور العارية. ويعود من هو متهم بترويجها. وقد طمع حزب الأصالة والمعاصرة في كل الأحزاب. وأراد شفط الاتحاد. وشفط التجمع الوطني للأحرار. واليسار الجديد. لكنه لم يجرب أن يبلع حزب الاستقلال. لأنه ليس جيدا أن تبتلع حزبا لا يتأثر. ولا يذوب. ولا يتراجع. ولا يغير اسمه. وقد سقط جدار برلين ولم يتأثر حزب الاستقلال. وقد انتهى التاريخ ولم ينته حزب الاستقلال. وقد ماتت الأيديولوجيا ولم لم يمت حزب الاستقلال. ولم يعان كما غيره من أزمة أفكار. ولم يعان من غياب قاعدة. ومن غياب نخبة. ومن غياب أصوات. ودائما كانت هناك مدارس عليا. في الداخل. وفي الخارج. يتعلم فيها أبناء حزب الاستقلال. وحين يحصلون على دبلوماتهم. و شواهدهم. يلتحقون بالحزب. وبالحكومة. جاهزين. مكتملين. قادة. وفي كل مرة يتعارك الاستقلاليون. وفي كل يظهر تيار النقابة. وتيار الدارالبيضاء. وتيار الصحراء. وتيار بدو فاس. وتيار فاس. ويتأجل عقد المؤتمر. وفي كل مرة تنتظر حزب الاستقلال قاعدته الانتخابية. لتصوت له. مخلصة لحزب لا يتأثر بالريح. ولا بالعواصف الشديدة. ولا بالمد. ولا بالجزر. ولا بأزمة السياسة التي تعرفها كل الأحزاب التاريخية. وينهار الشرق و ينجو حزب الاستقلال. و ينهار الغرب وينجو حزب الاستقلال. ويبدو لك غير معني بأي شيء. ولا موقف له من أي شيء. لكن دائما يستمد شعبيته من هذا اللاشيء المغربي. ومن هذه الخصوصية. ومن هذا الغياب. وفي الوقت المناسب يعقد حزب الاستقلال مؤتمره. و في الوقت التي تتصارع فيها القوى السياسية في ما بينها. حول القيم. وحول الأفكار. وحول أي مجتمع نريد. وحول الاقتراب من السلطة. يكون حزب الاستقلال في راحة تامة. بعيدا عن كل هذه التفاهات. واثقا من نفسه. متقدما المشهد. ورقما صعبا. ومتواجدا في معظم الحكومات. التي مرت على تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال.