ليس الأصالة والمعاصرة في حاجة إلى تركيبة ثلاثية. ولا إلى ثنائية. ولا إلى أمين عام واحد. ولا إلى أي أحد. لأنه ببساطة قائم. ومستمر. وناجح. ومفروض علينا فرضا. دون فاطمة الزهراء المنصوري. ودون مهدي بنسعيد. ودون صلاح الدين أبو الغالي. ودون الحاجة إلى أي قائد. ودون الحاجة إلى مؤتمر وطني. وشبيبة. وتنظيمات موازية. ودون الحاجة إلى أي شيء. إنه أكبر من كل هذه التفاهات. وأكبر من التنافس. ومن التنابز بالألقاب. ومن أي صداع رأس تعيشه الأحزاب الطبيعية. لأنه ببساطة حزب غير طبيعي. ومصنوع صنعا. وقد قام بما قام به. وجاء بالقيادة الجماعية. ليؤكد لنا أنه ليس مثل الأحزاب. ولا يخضع لمنطق. ولا لقاعدة. ولكي يسلينا. ويشغل بالنا. ولكي يثير محللينا. ويجعلهم يعجزون عن تحليله. ويستسسلمون. ويقبلون حزب الأصالة والمعاصرة. كما هو. ومن مظاهر إعجاز البام. أنه يمكنك أن تصادف في المقهى. أو في الشارع. أو في السوق. شخصا يقول لك إنه اتحادي. أو استقلالي. أو بيبساوي. أو من البيجيدي. لكن من المستحيل أن تلتقي باميا في الحياة العادية. إنهم غير موجودين. ولا يظهرون سوى في المؤتمر. وفي الانتخابات. ويحتلون دائما الرتب الأولى. بسبب عدم وجودهم هذا بالضبط. وهو الذي يمنحهم قوة. وشعبية لدى المغاربة. ونجاحا في كل المحطات. والاستحقاقات. ولأنهم ليسوا في حاجة إلى أي أحد. وقد كان الشخص في الماضي يقال له كُنْ في البام. فيكون. ويقال للثري ترشح باسم البام فيترشح صاغرا. وموّل الحزب والحملة فيمولهما. وفي لحظة. وفي رمشة عين. صار الكل مقتنعا بهذا الحزب. وكل ما يحدث في البام. وكل هذا الصخب. وكل هذه الخلافات. فلكي يتظاهر أنه حزب مثل الأحزاب. وأن فيه تيارات. ويحكمه قانون داخلي. وقانون للأحزاب. لكن من يعرف منكم كيف يفكر كل من مهدي بنسعيد. أو فاطمة الزهراء المنصوري. أو أبو الغالي. أو أي قيادي آخر في حزب الأصالة والمعارضة. لا أحد. لا أحد يعرف ما هي أفكارهم. وما هي مواقفهم. وضد ماذا. و في صف ماذا. ومع ماذا. وإذا كان هذا هو وضع القيادة. فماذا عن القواعد. وعن المناضلين. الذين يناضلون في البام. وحين تسألهم لماذا تناضلون. فتأكد أنهم لن يتذكروا بسهولة. ولن يجيبوا. لأنهم منشغلون بهدف أسمى. ولأنهم منتمون لتجربة سياسية عجيبة. ولأنهم مقتنعون بوجود يد خفية هي التي تدعمهم. وتعفيهم من التواجد في الشارع. ومن التأطير. وهي التي توفر لهم شعبية حقيقية. وكبيرة. وحتى لو لم تكن هذه اليد موجودة. فهم مازالوا مؤمنين بها. ويعولون عليها كثيرة. وينتظرون دائما تدخلها. مكتفين بارتداء قمصان عليها صورة التراكتور. و مرددين لشعارات مسروقة من أحزاب طبيعية. وحزب بهذا الحجم. وبكل هذه الإمكانيات. وهذه المرتبة. وهذا الموقع. وبكل هذه الجلبة. وهذا الوجود اللاموجود. ومع ذلك فهو فارغ من الأفكار. ويختلفون في ما بينهم. ويتشجارون. لكن من يعرف حول أي شيء يختلفون. لا أحد. لا أحد يعرف. ولا موقف لهم من أي شيء. ولا من أي قضية. وهم معاصرون حسب الطقس. وأصيلون حين تدعو الضرورة إلى ذلك. وما يميزهم عن غيرهم هو براءتهم. فلا أحد منهم كان يعرف أي شيء عن سعيد الناصيري. ولا أحد منهم كان يعرف أي شيء عن عبد النبوي بعيوي. ورغم أنه أمضى فترة شبابه مغامرا. متنقلا بين السجون. في المهجر. وفي المغرب. فلا أحد كان يعرف من هو. وحتى فاطمة الزهراء المنصوري بقضها وقضيضها. وحتى الشاب مهدي بنسعيد. وحتى وهبي. لا أحد. لا أحد كان يعرف. وحين لم يتفاجأ أحد في المغرب. تفاجأ قادة البام. الذين تغلب عليهم جميعا البراءة. وحسن النية. والثقة في الناس. وأي محلل سياسي يحلل اليوم التركيبة الثلاثية للبام. باعتبار الأصالة والمعاصرة حزبا مثل الأحزاب. ويخضع لما تخضع له. ويتنافس فيه الأشخاص كما يتنافسون في الأحزاب الطبيعية. ويختلفون. حول المواقع. وحول الأفكار. فإن البام سيعذب هذا المحلل. وسيتعبه. و سيجعله يتيه. و وذلك لأن البام ليس في حاجة إلى أي أحد. وله أمين عام واحد شرعي ومؤسس و دائم وتاريخي وهو غائب ولا يظهر. وفي اللحظة التي يقرر فيها عدم حاجته إلى هذا الحزب. فإن كل شخص فيه سيعود إلى المكان الذي جاء منه وسيختفي البام وستختفي القيادة الثلاثية. وستختفي كوكوس بدورها. ولن يظهر لها بعد ذلك أثر.