بقلم :حميد رزقي عرفت جماعة حد بوموسى خلال هذا الآونة الأخيرة، تعثرات حقيقية، مست جوانب مختلفة،منها ما طال الجانب الاجتماعي ومنها ما لامس جوانب أخرى تدخل بشكل عام في إطار المجال التدبيري للشأن المحلي. الفاعلون بالمجتمع المدني، الذي راهنوا على المرحلة بحكم تداعيات عدة مرتبطة أساسا بالمفهوم الجديد للحكامة، وبالدعوة الصريحة التي حملتها خطابات صاحب الجلالة في العديد من المناسبات(خطاب مارس وغشت)،أصيبوا بخيبة أمل واسعة نتيجة ما آلت إليه الأوضاع في ظل تسيير اقل ما يقال عليه، انه فشل في تدبير سياسة الجماعة على العديد من المستويات، ليس فقط، وفق تصريحات أهل الشأن ،إنما أيضا، اعتمادا على ما يرزخ به واقع الجماعة من معضلات أساسية يصعب حقا تداركها خلال عمر المجلس الحالي. من سيناريو هذا الوضع ،ما حبلت به دورة المجلس الأخيرة، التي رصدت اعتمادات هامة لتفعيل العديد من البرامج الاجتماعية، إلا أن الإنصات للساكنة وعن قرب، يفيد أن الوضع لا زال على ما هو عليه بحيث أن اغلب المطالب لازالت عالقة ،وأفضلها حالا يمشي بخطى السلحفاة.والقول هنا، يمس بطبيعة الحال الإيصالات الاجتماعية للعديد من الأسر، وفك العزلة عن جملة من الدواوير والتعاطي الايجابي بعمق مع ما يعيشه مركز حد بوموسى، من تهميش ملموس ،لا يقتضي دراسات ميدانية او لجن إقليمية ،إنما فقط رؤية بسيطة بالعين المجردة ،لأن اختلالا ته تطفو على السطح. لذا ليس مبالغة، إذا ما اشرنا إلى، أن إهمال العديد من القضايا البسيطة ذات الصلة بالبعد الاجتماعي للأسر المعوزة ،هو عمق مشكلة التدبير الحالي بالمجلس، فطابع الجفاء الذي يمس مختلف المظاهر الحضارية بالمركز، وتناثر النفايات على أزقتها وأحيائها ،وانتشار الكلاب الضالة على أبواب المؤسسة الجماعية، وضعف الإنارة وغياب أزقة معبدة، ومرافق ثقافية ،وملاعب رياضية في المستوى، ودار للولادة، ومركز صحي كفيل بتلبية حاجيات الساكنة ..كلها تجليات لتسيير مريض يحتاج فعلا إلى جرعة مراقبة ومحاسبة، قد تنعش شرايينه وتفتح شهيته نحو تأسيس سياسة جادة برؤية مغايرة تماشيا مع ما أصبحت عليه جماعات أخرى تئن تحث وطأة الفقر لكن بقيادات رشيدة؟ ولعل آخر فصول هذا التسيير العبثي ما أخبرتنا به بعض المصادر، من أن سيارات الإسعاف تحتاج إلى من يسعفها ،فهي مركونة في قلب الجماعة، أما الساكنة فها هي، يقول احد المواطنين، تعاني الأمرّين مع مرضاها، ولا من حرك ساكنا لإيجاد حل عاجل للمعضلة .وبالرغم من أن هذا الأمر يبدو بسيطا، إلا انه فعلا يدل على مدى انشغال مدبري شأن جماعتنا المعنية ، بأمور أكثر أهمية من صحة المواطن وسلامته، حتى لو شكلت بالأمس القريب نقطة الإسعاف هذه، اهتماما عريضا من قبل بعض المستشارين حينما تحولت الى نقطة إغراء تم على إثرها النفخ في ميزانية الصيانة، وبذلك آلا يطرح هذا الأمر تساؤلات بارزة عن مصير هذه الأموال وعن سبب إهمال هذه الآليات الفعالة ذات المصلحة العامة. جماعة حد بوموسى إذن ،بكثافة ساكنتها ،واتساع رقعتها الجغرافية ،واعتمادا على معطيات كثيرة، لازالت ترزح تحث وطأة تسيير متعثر يخضع لحسابات انتخابية ضيقة، خصوصا بعد ما دخلت بعض أطراف المعارضة على نفس الخط وأعربت ،بشغفها الكبير خلال دورة المجلس الأخيرة، عن نفخ ميزانية بنود دون أخرى بشكل مفضوح ،بنود يستعصى حقا على المتتبعين رصد اختلالاتها ، كالكازوال والصيانة ومختلف الإصلاحات الترقيعية.مثلما حدث سابقا مع الحديقة العمومية، التي كما تروج لذلك بعض المصادر من عين المكان، انه سبق وان رصد لها حوالي 14 مليون ،إلا أن واقع الحال يغني عن السؤال،فهي إذا ما بقيت على هذا الحال ستتحول قريبا إلى مكان للرعي أو ملعب صغير للرياضة،وذلك بطبيعة الحال هو ما يكشف عن المستور ويفضح سياسة المجالس الذي يكيل بمكيالين من خلال دعم ميزانية بنود كل ما هو اجتماعي،لكن دون تفعيله على ارض الواقع،ولا أدل على ذلك ما تعيشه الجماعة راهنا من تردي في الخدمات الاجتماعية ،وفي واقع وضعها المعيشي،فرغم ثرائها الفاحش مقارنة بجماعات أخري بالإقليم، تبقى معاناة المواطن مع الطرق والإيصالات الاجتماعية والنظافة والتدبير اللاعقلاني لكافة انشغالات المواطن عنوانا عريضا يكشف عن عمق فشل سياسة المجلس في الارتقاء بمصالح السكان وتحقيق حكامة جيدة تتلاءم والسياسة العامة المرتجى تفعيلها وطنيا والتي تروم الإنصات إلى فعاليات المجتمع المدني وانتقاداته والاهتمام عن قرب بهموم الساكنة وليس الاعتماد على سياسة الترقيع وصم الآذن، والتلاعب بموارد الجماعة وشرعنة التدبير المختل عبر الاكتفاء بإصلاحات المسالك والمعابر التي أمست بوابة معبدة للولوج إلى ميزانية الدولة بطرق مشرعنة عند العديد من الجماعات المحلية بدعوى فك العزلة عن العالم القروي وان كانت هي في واقع الأمر تعمل على تعميقها ،لان اغلب هذه المشاريع وعلى امتداد تراب الإقليم تحولت بعد التساقطات الأخيرة إلى بؤر عميقة من الحفر وقنوات حقيقية لسيول المياه نظرا لطبيعتها المغشوشة..، فأين نحن بذلك،بعد كل هذا، من مفهوم الحكامة والتسيير الرشيد والمكاشفة أمام الرأي العام وباقي مكونات المجتمع المدني ؟.