عندما تحدد المسؤوليات لجهة ما يتطلب الأمر أن تتوفر في هذه الجهة على التخصص الكامل لتدبير وتسيير وتنفيذ الأعمال الملقاة على العاتق ، لكن أن يتم تعيين أشخاص لتحمل المسؤولية لايتوفرون على مؤهلات فكرية حاملون لشواهد ابتدائية بل حتى شواهد لاتؤهلهم لتحمل مسؤولية حقيبة وزارية هذا أمر لايتحمله العقل. تتعاقب السنوات تحمل معها سياسة عمومية يتحملها هذا الحزب أو ذاك من بين الأحزاب التي أفرزتها صناديق الاقتراع وبوأتها الصدارة بتصدر النتائج ، ليبدأ البحث عن التحالف لتكوين أغلبية برلمانية ثم حكومية ، تشرع ثم تنفذ في غياب المعارضة وحتى هي إن وجدت تبقى صورية . فإن هذا النموذج من الفعل السياسي قد تتبناه معظم الدول لكن بناء على نوع النظام السياسي الذي صادقت عليه ، غير أننا في المغرب وفي غياب للأحزاب الديمقراطية التي تعتمد هذه المنهجية كاختيار استراتيجي في تدبير سياسة هذا الحزب أو ذاك ، باعتماد إشراك القواعد المنخرطة عموديا وأفقيا لتسيير شؤونها، قد يؤثر وبدون أدنى شك في السياسة العامة للبلاد، فرغم محاولة اعتماد دستور جديد 2011 ، وجدت معه الحكومة الحالية برئاسة عبدالاله بن كيران صعوبة في تنزيل بنوده على ارض الواقع ، لانختلف بتاتا إذا قلنا إن في عهد هذه الحكومة تم الوقوف على بعض الاختلالات وصعب حلها . فمن هم كوادر الأحزاب المشكلة للحكومة الحالية ؟، هل اعتماد أصحاب الشكارة بديل للنخبة السياسية المثقفة ؟ لأننا نعرف أن جل الأحزاب جموعاتها ومؤتمراتها مناسباتية تشكل مكاتبها توافقيا .و هذه العملية لها انعكاس على الاختيار الصعب في تعيين من يدير الشأن العام الوطني . فالحكومة الحالية مثلا الوزير محمد مبديع يسير وزارة الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات العامة التي تعتبر أهميتها بالغة الأهمية إلى جانب باقي الوزارات ، فمنذ تعيينه في النسخة الثانية للحكومة ورغم جل خرجاته الاداعية والتلفزية للتصريح بالإصلاحات الإدارية التي ينوي سيادته مباشرتها ، للأسف لم نجد لأي منها على ارض الواقع . علما أن في عهد الوزير السابق لهذه الوزارة قد سبق أن دخلت على الخط مجموعة مكاتب دراسات لإصلاح منظومة الأجور سواء تعلق الأمر بإصلاح الرتبة والأرقام الاستدلالية آو الأجر بكامله، ليطرح السؤال أين هي نتائج هذه المكاتب ليعود الوزير الحالي من خلال خرجاته بإصلاحات لم نر منها أي شيء ونجده يضع نصب أعينه دوما قطاع الجماعات المحلية ، فهو يريد أن ينقص من موظفيها ويعطي دائما المثل بالبلدية التي يسيرها ، حتى انه يخيل للبعض أن هذا القطاع أصبحت له وزارة قائمة وهو مطلب نقابة هذا القطاع . وقد سبق أن شرعت هذه الحكومة مؤخرا في مناقشة حالة التنافي التي تتجسد في المسؤوليات المجتمعة لرئيس جماعة قروية أو حضرية وحمل حقيبة وزارية ، علما أنها سبق أن طبقت هذه الحالة بين تحمل المسؤولية البرلمانية والمسؤولية الوزارية ، لكن عجزت في التنفيذ من خلال الجمع بين المسؤولية التنفيذية والمسؤولية الجماعية المحلية ،هذا يجعل أمثال محمد مبديع وزير الوظيفة العمومية الذي يرأس الجماعة الحضرية للفقيه بنصالح ووزير التجهيز والنقل واللوجستيك عزيز الرباح و الوزير المنتدب لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلف بالتجارة الخارجية محمد عبو الذي يرأس في نفس الوقت جماعة بني وليد بإقليم تاونات، هؤلاء يجدون صعوبة في التسيير وأداء المهام لاختلاط المسؤوليات بل سيجعل تسيير الوزارة بعقلية رئيس جماعة مما يؤثر على النشاط الحكومي من خلال اجتماعاتهم بتدخل لأحد هؤلاء الوزراء يجعله لايرقى إلى مستوى السياسية العمومية لان سيادة الوزير تناول مداخلته في إطار ميزانيته المحلية لجماعته حيث هو الأمر بصرفها ، فاختلط الأمر عليه ناسيا أن للحكومة مسؤولا عن سياستها للمالية العمومية. فهل تتجرا الحكومة بإعادة النظر في مشروع القانون التنظيمي حول "الوضع القانوني لأعضاء الحكومة"،الذي يمنع السماح للوزراء بممارسة مهامهم الحكومية والجماعية في نفس الوقت ويضعهم في حالة التنافي، ما قد يدفع بالعمل الحكومي إلى تطوير سياسته المبرمجة من خلال تفرغ هذا الوزير أو داك لعمله الوزاري بعقلية هيئة تنفيذية بدل السقوط في ازدواجية قد تكلفه تعطل المصلحة العامة التي ينتظرها عامة الشعب.