ثارت ثائرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما شاهد وكل العالم الفيديو الذي قطع فيه رأس الصحافي الأمريكي الذي كان مختطفا رهينة لدى تنظيم داعش , وراح فخامته ينعت هذا التنظيمبأحقر وأخطر الأوصاف ,هذا التنظيم الذي يسيطر على أكثر من خمسين بالمائة من أراضي سوريا , وأجزاء شاسعة من العراق بعدما أذاق الجيش العراقي الفتي ويلات العذاب حيث زرع في قلوب الجنود العرقيين الرعب , إذ كانوا يهربون من ساحة القتال كما يهرب الأطفال للاحتماء بأمهاتهممن خطر طارئ . واحسرتاه ... هذا الجيش العراقي الذي تلاشى أمام مقاتلين عصاميين ربحت أمريكا ملايين الدولارات مقابل تدريبه وتجهيزه , حيث يتفوق بعتاده كثيرا على مقاتلي داعش لكن ما لم يستطع الخبراء العسكريون الأمريكيون تلقينه للجندي العراقي المعاصر هي قيم العزيمة والتضحية والصبر وحب الوطن , وأنى لهم ذلك ؟كيف تستوي الظلمات والنور ؟ أليس الأمريكان وحلفاؤهم من زرع خيبة الأمل والخوف والانتهازية في قلب الجندي العراقي , ألم يحولوا بلدهم الذي كان يضرب به المثل في الشرق الأوسط في الأمن والتماسك الاجتماعي والديني إلى بلد فاشل حيث اجتاحوه ودمروه بمختلف الأسلحة الفتاكة بدءا بالحصار الذي دام عشر سنوات , ثم بإعدام رئيسه الشرعي الشهيد صدام حسين دون أدنى احترام لشروط المحاكمة العادلة , والبقية تأتي ... حولوا بلاد الرافدين إلى مستنقع تتصارع فيه الطوائف والمذاهب الدينية , أيقظوا فيه الفتنة بعدما كانت نائمة عشرات القرون . من حقك يا سيادة الرئيس أن تشعر بالرعب والغضب , خاصة وأن مسؤولين غربيين وبالضبط انجليز أكدوا بما لايدع مجالا للشك أن منفذ عملية إعدام الصحافي الأمريكي قد يكون إنجليزي الجنسية , تنظيم داعش الذي فسحتهم له المجال للتغلغل بالشرق الأوسط صار قادرا على نقل المعركة إلى بيوتكم من خلال عسل أدمغة أبنائكم وتعليمهم فنون البطش والإرهاب حتى لاتبقى حكرا على العرب . ثم لماذا هذا الكيل بمكيالين ألم ير العالم ولايزال أشلاء أطفال غزة الأبرياء تتطاير في السماء بفعل آلات بطش الإرهاب الصهيوني الذي يضرب عرض العارض بكل القوانين الدولية ؟ ألم تتحاملوا ضد الإسلام السياسي العربي المتحضر المعتدل وشجعتم الدسائس ضده وأيدتم الانقلابات عليه في مصر وتونس وموريتانيا والجزائر ؟ إن الغرب يتحمل النصيب الأكبر في نار الفتنة التي صارت تأتي على الأخضر واليابس في بلاد العرب والمسلمين حيث حول العديد من الدول العربية إلى دول فاشلة بعدما فكك جيوشها ودمر عتادها وحل أجهزتها الأمنية وقضى على مختلف بنياتها التحتية ومقوماتها الثقافية والدينية . الإرهاب لا وطن ولا دين ولا ملة له . ومحاربته لن تتأتى إلا من خلال فتح حوار جاد بين كل الأديان والثقافات , وفق استراتيجيات مختلفة تقوم على أساس احترام سيادة كل الدول وحقها في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيرها وإشراك الإسلام السياسي المعتدل في تدبير شؤون الأمم الإسلامية لمحاربة التطرف مع الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال كإيران وتركيا والمغرب . ع الرحمان المكاوي : 22 غشت 2014 م .