تعتبر منارة "كاب سبارطيل" المهيبة، مركز مراقبة دائم وذاكرة تحفظ حكايات البحارة، تحكي أساطير وروح ما يسمى برأس أمبلزيوم المتواجد بمكان التقاء البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وجاءت فكرة بناء منارة في "كاب سبارطيل" سنة 1852 استجابة لمتطلبات تطور التجارة البحرية للقوى الدولية والتحديات الجيوسياسية التي عرفتها الفترة الاستعمارية، لكن لم يتخذ قرار بنائها إلا سنة 1861 عقب غرق البارجة البرازيلية المدرسة البحرية البرازيلية "دونا إيزابيل"، حيث لقي 250 تلميذا ضابطا حتفه. وظهرت "كاب سبارطيل" أحد أبرز المناطق السياحية في مدينة طنجة بحلتها الجديدة بعد فترة طويلة من الترميم، ويضم "رأس سبارطيل" ساحات شاطئية وغابوية، بالإضافة إلى توفره على مشاريع سياحية عديدة. وتعد منارة "رأس سبارطيل" من أقدم منارات العالم، كما أنها أول منارة ضمن شبكة المنارات البحرية التاريخية في المغرب التي تبلغ 39 منارة. وأنشئت منارة "رأس سبارطيل" التي كانت تسمى في الماضي كاب أمبلسيوس (Cap ampelusius)، عام 1864 عند نقطة بحرية بأمر من السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمن. يعتبر هذا العمل الفني تكريما للطبيعة، لكونها منحت البشرية ممرا بين قارتين لم يعمل على فصلهما بقدر ما كان لأداة ارتباطهما. أما اليدين المتلاحمتين حول الصفيحتين فهما رمز التقارب والإلتقاء، حيث تشكلان دعوة للإتحاد والتضامن بين شعوب الضفتين. وشهدت منارة "رأس سبارطيل" عبر تاريخها العديد من التحولات التقنية بدأت عام 1931 بتثبيت جهاز بصري بقوة تناهز عشرين ألفا من الشموع العشرية، لتوفير نظام متكامل لعدسة ضوئية بسعة كبيرة، كما تم بين عامي 1933 و1937 إنشاء جهاز صوتي يستعمل استثناء بالأجواء الغائمة، ووضع جهاز صوتي آخر يساعد السفن العابرة على تحديد موقعها. وتعد "كاب سبارطيل" نقطة جذب سياحي مهم في مدينة طنجة، تضاف إلى سلسلة المعالم السياحية والأثرية بالمدينة العريقة. فالعديد من المرشدين السياحيين يشرحون لمرافقيهم أن الجزيرة المغمورة بمياه البحر التي تطل عليها المنارة، وهي جزيرة أطلنتيس الأسطورية يحكى أنها كانت تعرف كإحدى أبرز الحواضر بالحوض المتوسط قبل أن تغرق وسط أمواجه. وتمتاز المنطقة بجمالها الطبيعي حيث ينفتح الغطاء الأخضر الغابوي على البحر حيث تتمدد الشواطئ الرملية التي يقصدها زوار طنجة خاصة خلال فصل الصيف. وفي سياق متصل، تعد طنجة المنتجع المفضل لملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، حيث يقضي في العادة إجازته الصيفية. وقد كشفت صحيفة "ذا إندبندنت" أن الملك السعودي أنفق مئة مليون دولار في إجازته الصيفية السنوية التي يقضيها بالمملكة المغربية عام 2017. ودأب الملك سلمان بن عبد العزيز على قضاء إجازاته الخاصة بمدينة طنجة منذ أن كان وليا للعهد، غير أن زيارته للمدينة باتت مصدر اهتمام دولي منذ جلوسه على العرش في يناير 2015.