هل يمكن لمكالمة هاتفية لم تدم سوى دقيقتين أن تفي بالغرض خلال محادثة تجمع بين مسؤولين حكوميين بارزين بمستوى وزير الخارجية بلدين جارين وتجمعهما الكثير من "القضايا والتحديات المشتركة" ولم يلتقيا منذ مدة طويلة؟ "لا تكفي هذه الدقيقتين حتى لتبادل التحية والسلام"، هذا ما قاله تقرير إعلامي إسباني حول المكالمة الهاتفية التي جمعت مؤخرا وزيرة الخارجية والتعاون الأوروبي الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، حيث أورد تقرير لصحيفة "إلفارو دي مليلية"، أنه "لم يتضح الداعي لهذه المكالمة الهاتفية المقتضبة جدا، وهي تفاصيل ليست تافهة على الإطلاق في مثل هذه الأوقات". التقرير المطول رصد بعض تجليات تفوف الرباط على مدريد خلال الشهور الأخيرة، حيث رجع إلى آثار قرار الاتحاد الأوروبي إسقاط المغرب من القائمة الرمادية للملاذات الضريبية، كما توقف عند أهمية حصول المغرب على الاعتراف الأمريكي بسيادته على الصحراء، بالإضافة إلى التقدم الكبير الحاصل في حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد، حيث حقق المغرب تقدما هاما فيها متفوقا على العديد من البلدان الأوروبية، على رأسها جاره الشمالي، إسبانيا. وبخصوص المحادثة التي جمعت وزير خارجية البلدين، فقد أشار التقرير إلى احتمال حديث بوريطة ولايا غونزاليس عن إلغاء الاجتماع رفيع المستوى الذي كان من المقرر عقده في فبراير الجاري وتأجل إلى موعد غير مسمى، بعد تعليقه يوم 17 دجنبر الماضي، بسبب الجائحة وفق تبريرات الجانبين. التقرير الذي وسم بعنوان "دقيقتين مع المغرب"، أورد أن المسؤولين سلطا الضوء على أهمية تطوير العلاقات بينهما، إذ بالرغم من أن وكالة الأنباء الرسمية الإسبانية "إيفي" سبق لها أن اعتبرتها ب"العلاقات الممتازة"، إلا "أننا نعلم أن هذا ليس هو الحال لأننا نختبر ذلك بشكل مباشر"، تقول الصحافية تانية كوستا التي وقعت التقرير. وعادت الصحافية إلى إجراء مقارنة بين مدة المكالمة، دقيقتين، مع المدة التي قضاها رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، لويس رودريغيس ثاباتيرو، خلال اتصال مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عندما انتخبه الأمريكيون رئيسا لبلادهم، وتضيف أن المكالمة بين لايا وبوريطة "كانت أقرب إلى الطريقة التي تعامل بها ثاباتيرو مع بوش بعد فوزه في انتخابات عام 2004". وخلص التقرير إلى أن العلاقات الإسبانية المغربية "لا تمر بأفضل لحظاتها"، بسبب انزعاج الرباط من موضوع سبتة ومليلية ومصير المهاجرين القاصرين في إسبانيا، إضافة إلى ملف الهجرة وقضية الصحراء المغربية. وكانت قضية اعتداء الشرطة الإسبانية على قاصرين مغاربة مؤخرا في مركز لإيواء المهاجرين بجزر الكناري قد أظهرت جليا حجم تباين الرؤى بين الجانين، حيث وصل الأمر إلى حد استدعاء المغرب لسفير إسبانيا بالرباط "للتعبير عن القلق" حول هذا الملف. لكن يبدو أن الطرفان اختارا التواصل الدبلوماسي، ويمكن اعتبار المكالمة التي استغرقت دقيقتين هي الخطوة الأولى ولكن قبل كل شيء من خلال مناشدة وساطة الاتحاد الأوروبي"، وفق ما أورده المصدر ذاته.