تتواصل مآسي الهجرة السرية بين الحدود المغربية الأوروبية، وخصوصا الإسبانية منها، لكن هذه المرة ليس من عرض البحر بل من البر، حيث ابتدع المرشحون للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط أكثر من وسيلة لتحقيق حلمهم وإن كانت تغيب فيها أبسط شروط السلامة وتحظر فيها كل الأخطار على حياتهم. وفي أحدث المأساة، فقد عثرت شرطة الحدود الإسبانية على مهاجر مختبئ داخل حاوية مليئة بالنفايات السامة يوم أمس الاثنين في ساحل مدينة مليلية المحتلة، حيث اختار أن يتم تكديسه فيها للوصول إلى الحلم المفقود. ويأتي خبر هذه الفاجعة يومين فقط بعد أن تم العثور يوم الجمعة الماضية على شخص فاقد للوعي كان يختبئ أيضا داخل كيس بلاستيكي مغلق يحتوي على رماد ومخلفات محروقات الفحم، والمصنفة كمواد سامة، وذلك بموجب القوانين الأوروبية الخاصة بالنفايات. ونقلت العديد من المنابر الإسبانية صور ومقاطع فيديو تبين عملية البحث وسط الحاويات المليئة بالمواد سامة، حيث بدأ عناصر الأمن التفتيش فيها بعد شكوكهم باحتمال وجود شخص داخل واحدة منها، حيث قرروا تم استدعاء سيارة إسعاف بعد أن ظنوا أن الأمر يتعلق بجثة ميت. لكن بعد الوصول إلى الشخص تمكن من استعادة وعيه وتم إنقاذه. وتم إخفاء الشخص المعني بين حاوية وسط العديد من الحاويات المليئة بالزجاج المكسور لإعادة تدويرها، حيث قالت الشرطة إن عناصرها تعرضوا "لجروح متعددة"، خلال عملية التفتيش. وكان بيان لسلطات مليلية، قد أكد أن المهاجر "كان داخل كيس بلاستيكي محكم الإغلاق يحتوي على رماد من مخلفات الاحتراق. وهذا الرماد مادة سامة مدرجة في القائمة الأوروبية للنفايات السامة". ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه السواحل الإسبانية موجة نزوح قوية لقوارب الهجرة، حيث تشير الأرقام إلى زيادات كبيرة في أعداد المهاجرين السريين الذين وصلوا التراب الإسباني خلال الأشهر الأخيرة. وشهدت الظاهرة تطورا في الأساليب المألوفة التي اعتاد المهاجرون سلوكها للوصول إلى الجهة الأخرى من الحدود. فقد وصل العديد منهم مؤخرا عبر التسرب في قنوات الصرف الصحي من الناظور إلى مليلية، بالإضافة إلى الطرق المعهودة، كالسباحة في البحر أو عبر الاختباء في الشاحنات أو عبر تسلق السياج الحدودي. وفي الأيام الأخيرة أفشلت الشرطة تهريب مجموعة تتكون من 41 مهاجرا في الميناء، حيث تم تقديمهم أمام العدالة بتهمة ركوب قوارب بشكل غير قانوني في الأراضي الإسبانية كانت مخبأة في شاحنات ومركبات أخرى. وتشير التقارير إلى انه في العام الماضي، وصل أكثر من 41 ألف مهاجرا إلى إسبانيا بشكل غير قانوني عن طريق البر والبحر. وبحسب المعطيات الرسمية، فإن الزيادة بلغت 30 في المائة، بمقدار ثمانية أضعاف في عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى الأرخبيل الإسباني مقارنة ب2019. في حين سجلت منطقة مليلية وصول حوالي 1500 مهاجر في عام 2020.