لم تقدم حكومة سعد الدين العثماني، منذ إغلاقها للمعبرين الحدودين مع ثغري سبتة ومليلية الخاضعين لسيادة إسبانيا، أي بديل في وجه سكان مناطق الشمال، خصوصا بمنطقتي الفنيدق والناظور ونواحيهما. فالمعبرين الحدوديين هما عصب الحياة الاقتصادية بالمنطقتين، وهما الملجأ الوحيد لآلاف الأشخاص ممتهني الأنشطة التجارية، بالرغم من أن الظروف التي يشتغلون فيها مزرية للغاية. فالقرار الذي اتخذته حكومة العثماني نزل عليهم كالصاعقة بين عشية وضحاها. ونظرا لتزامنه مع أزمة جائحة فيروس كورونا، فقد تضاعفت معاناة هؤلاء، حيث وجد المئات من العائلات الأبواب مغلقة في وجهها بسبب التوقف المفاجئ لمصدر رزقها. أمر دفع أكاديميين وسياسيين ونشطاء مدنيين إلى رفع نداء إلى السلطات الحكومية من أجل التدخل وأخذ ملف الفنيدق على محمل الجد، كون المنطقة باتت على وشك "انفجار اجتماعي" بسبب الركود والشلل الذي يطبع الحياة الاقتصادية أمام غياب البدائل في وجه الآلاف من النساء والشباب والعاطلين وغيرهم. وقد بدا واضحا أن المنطقة باتت على فوهة الانفجار، حيث شهدت أمس احتجاجات هي الأولى من نوعها، إذ خرج متظاهرون يطالبون بإصلاح الاوضاع الاجتماعية، متخطين مقتضيات وإجراءات الطوارئ الصحية. وقد أسفر الاحتجاج عن تدخل للأمن أفضى إلى اعتقال نشطاء، قبل أن يتم إطلاق سراحهم، بينهم قياديين إقليميين في حزب الاتحاد الاشتراكي، وعضو في جماعة العدل والإحسان، لم يتم التأكد بعد إطلاق سراحه من عدمه. وأكدت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حنان رحاب، بهذا الخصوص أنها بدورها قررت توقيع النداء لكون الفنيدق باتت "قنبلة موقوتة"، حيث دعت إلى ضرورة "الاستماع لسكان المنطقة"، مسطرة على أنها تتفهم "وقف المغرب لأنشطة كانت مرتبطة بالتهريب المعيشي، لأنه وإن كان ينقذ أسرا من جهة فإنه يضر بالاقتصاد الوطني من جهة أخرى". لكن القرارات الاستراتيجية كهذه، تشير البرلمانية الاتحادية "يحتاج تنزيلها التفكير في مصلحة السكان المحليين أولا، وإلا سيتم حل مشكل بمشاكل أكبر"، وفق قولها. وأعادت رحاب نشر تدوينة سابقة لها حول الموضوع أبرزت فيها أن "الفنيدق في مثل هذه الأوقات، وخصوصا في أيام العطل، تشهد رواجا وحركة اقتصادية هامة لكون المغاربة يفدون عليها من كل المناطق والمدن حيث تنشط اليد عاملة في قطاعات مختلفة وتوقيت واحد: التجارة بالتقسيط والجملة، الفراشة، النقل بجميع أصنافه، السناكات والمطاعم والمقاهي، الفنادق"، على حد قولها، قبل أن تضيف: "القرار المغربي بإغلاق معبري بني أنصار وسبتة، قرار سيادي، واستراتيجي، ومهم، لا يمكن أن نعترض عليه، ولكن يلزم أخذ ظروف سكان المنطقة بعين الاعتبار". وخلصت الناشطة السياسية إلى انه من الضروري التفكير في بدائل للناس، لأنه "إذا كانت الدولة قد أعلنت على مشروع إنشاء منطقة الأنشطة الاقتصادية في الفنيدق، فهو مشروع مهم، ولكن يلزمه وقت ليقف على رجليه، وبعد إنشائه نحتاج الصرامة في جعل سكان المنطقة المتضررين من توقيف التهريب المعيشي هم المستفيدون منه أولا". وهو ما دفعها إلى التأكيد على أنه "مادام هاد المشروع يحتاج وقتا، فالمنطقة كانت تحتاج بدورها المرونة في تطبيق قرار منع التهريب المعيشي"، وفق قولها.