من منا لا يعرف رواية "الحب في زمن الكوليرا"، رواية نشرت باللغة الإسبانية عام 1985 للكاتب الكولمبي غابرييل، أما اليوم، فنحن نعيش رواية أخرى هي "الموت في زمن كورونا"، حيث فقدت الساحة الفنية المغربية، العديد من الفنانين، الذين رحلوا عنا وتركوا أقصى أمانيات أقربائهم رسم قبلة على جبينهم. شعور بالعجز تملك مجموعة من الفنانين المغاربة، وهم يودعون من تشاركوا معهم خشبة المسرح، أو شاشة التلفزيون من نافذة البيت، أو من وراء الهاتف، مستسلمين لوجعهم في خلوتهم، في زمن انتشار الوباء. موت الفنانين في زمن الوباء، كان عبارة عن رحلة من دون صلاة بالمسجد، في جنازة بلا مشيعين نحو المقابر، بدون أقارب، ولا أصدقاء، و التعازي عن بعد، دون تسليم أو تقبيل كما كان معهودا به من قبل. وفاة ثريا جبران سيدة المسرح غادرت أيقونة المسرح المغربي وزيرة الثقافة السابقة، الفنانة الكبيرة ثريا جبران، الحياة في زمن انتشار الوباء، بعد معاناة طويلة مع المرض. وكانت جبران تتلقى العلاج في إحدى مستشفيات الدارالبيضاء على نفقة الملك محمد السادس. وقدمت ثريا جبران على مدى أكثر من 5 عقود، أعمالا سينمائية وتلفزيونية متميزة إلا انها ظلت رائدة وأيقونة خشبة المسرح المغربي. شغلت جبران منصب وزيرة الثقافة في الحكومة المغربية في 2007، لتصبح أول وزيرة فنانة في تاريخ المغرب السياسي. تألق في مجال الإعلام والتمثيل.. عبد العظيم الشناوي رحل عنا عبد العظيم الشناوي تفاجأ ليلةالجمهور المغربي بوفاة عبد العظيم الشناوي، بعد صراع مع المرض، حيث أن الفنان الراحل رقد لفترة بالمستشفى بعد تدهور حالته الصحية. ظل الشناوي طريح الفراش، نظرا لحصص تصفية الكلي التي يخضع لها بمعدل 3 إلى 4 مرات خلال الأسبوع، والتي زادت من متاعبه الصحية، جعلته يشعر بارهاق كبير بعدها بسبب تقدمه في العمر. ألم به المرض وألزمه الفراش لفترة طويلة، جعله يغيب عن الساحة الفنية، بعد ما كان ممثلا ومؤلفا، ومخرجا، وإعلاميا، مغربيا، وكان أيضا من بين أول الإعلاميين في قناة ميدي 1 منذ إنشائها سنة 1980. شامة زاز.. رحيل صوت الجبل شامة الزاز بعد معاناة مع الحياة رحلت الفنانة المغربية شامة الزاز رائدة فن الطقطوقة الجبلية، إلى مثواها الأخير، بعد صراع مرير مع مرض القلب. صارعت المرض لوحدها وعاشت التهميش والنسيان، حتى إلتفت لها وزارة الثقافة وتكلفت بعلاج الراحلة، حيث تم نقلها إلى المستشفى العسكري بالرباط الذي رقدت فيه لمدة تزيد عن شهر، قبل أن تعود إلى تاونات حيث فارقت الحياة. يشار الى أن الفنانة شامة الزاز تعتبر من أبرز الفنانات المغربيات اللواتي ساهمن في المحافظة على فن الطقطوقة الجبلية التراثي العريق على مدى عقود، بفضل ضبطها لمقامات "أعيوع" على اختلاف أوزانها بين مناطق جبالة. أنور الجندي رحيل مبدع متعدّد المواهب رحل عنا الفنان المبدع انور الجندي، في زمن كورونا، بأحد مستشفيات الرباط ، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 59 سنة. وشكلت وفاة الجندي صدمة لعائلته، خاصة وأن رحيله كان مفاجئا، بعد أن استقرت وضعيته الصحية، ولكن سرعان ما تدهوت خلال الأيام الأخيرة من حياته. وقد تمكن الراحل أنور الجندي من ترك بصمته الخاصة والمتميزة في المشهد الفني من خلال تقديم عدة أعمال في مجالي الإخراج والتمثيل ،بلمسة جسد فيها رؤيته الفنية . بعد صراع طويل مع المرض.. الموت يغيب الفنان عبد الجبار الوزير عبد الجبار الوزير توفي، الفنان المغربي عبد الجبار الوزير بعد صراع طويل مع المرض . بطل "دار الورثة" تشبع بفن"الحلقة " الذي تشتهر به ساحة جامع الفنا بمراكش، فتعلم فن الحكي وأصول التمثيل، قبل أن ينظم للعديد من الفرق المسرحية المحلية ويشارك معها في مسرحيات عرضت داخل المغرب وخارجه. وقضى الوزير سنوات طفولته، التي بدأت سنة 1928، وسط أسرة متوسطة، حيث عاش بين الأحياء الشعبية للمدينة القديمة في مراكش، وبدأ في تعلم العديد من الحرف التقليدية وتميز فيها، كصناعة الجلد والخشب. الكريمي.. فنان الهامش الذي أسر قلوب المغاربة كانت ساحة "جامع الفنا" تشرق بابتسامته الساطعة، وهو يمشي في جوانبها حاملا قفة من القصص والحكايات المسلية، والمواضيع التي تدخل ضمن "الطابوهات"، بطريقته الخاصة، والمعهودة، والتي تحمل الكثير من المعاني الساخرة. غادرنا "أبي الفن الفكاهي الشّعبي" إلى دار البقاء، بمستعجلات المستشفى ابن طفيل بمراكش ، متأثرا بجروح على مستوى الرأس، بعد حادث سير مميت تعرض له يوم الجمعة . عاش الفكاهي الشعبي، محمد بلحجام المعروف بلقب "الكريمي" بعيدا عن الأضواء رغم مكانته المميزة لدى الجمهور، كانت ساحة جامع الفنا، والأسواق الأسبوعية، مصدر قوته اليومي، دخل إلى قلوب المغاربة، بحديثه عن قضايا المجتمع، إذ يأتون من بعيد للاستمتاع بعفوية الرجل وكلامه الموزون، هنا كان يكمن بريق الكريمي. كورونا خطف الفنان الأمازيغي أحمد بادوج أحمد بادوج توفي الفنان الأمازيغي أحمد بادوج، صباح اليوم بعد أن أصيب بفيروس كورونا. وكان الراحل قد تعرض لوعكة صحية، نقل على إثرها يوم الخميس 20 غشت إلى المستشفى الاقليمي بإنزكان لتلقي العلاج اللازم. يشار أن الفنان و المخرج احمد بادوج الذي يعتبر من بين قدماء الممثلين المغاربة الأمازيغ ولد سنة 1950 بحي تالبورجت بأكادير الا ان أصوله تعود الى قبيلة أمسكنين. حمّادي التونسي يترجّل عن صهوة الفن والحياة توفي الفنان المغربي، حمادي التونسي، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 86 سنة. وولد حمادي التونسي سنة 1934 ، وقد كانت أولى خطواته بالفن سنة 1954 حين انضم إلى فرقة الراديو والتلفزيون المغربي إضافة إلى انضمامه إلى فرقة المعمورة في العام 1959 وهي فرقة مسرحية تعتبر من أولى الفرق في المغرب، لكن رغم ذلك قدم أول أعماله المسرحية في "ثمن الحرية" عام 1957. ويعتبر الراحل التونسي من أشهر كتاب الكلمات المغاربة حيث كتب كلمات ما لا يقل عن 152 أغنية وتعامل مع كبار المطربين المغاربة، حيث زود الموسيقار عبد الوهاب الدكالي سنة 1959 بإحدى أنجح أغانيه وهي أغنية يا الغادي فطوموبيل التي ساهمت في بزوغ نجم الدكالي وبروزه على الساحة الفنية. بطل "لالة فاطمة" يغادر إلى مثواه الأخير انتقل إلى دار البقاء، قبل ثلاثة أيام، الفنان المغربي عزيز سعد الله، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان. وألِفَت أجيال من المغاربة مرأى ومسمع الفقيد، إلى جانب رفيقة عمره الفنّانة خديجة أسد، في المسرح والتلفزيون، والسينما بعد ذلك، وكانا من أكثر الثنائيات الفنية نجاحا وحضورا في المشهد المغربي، حتى بعدما قادَمتهما رحلة العمر إلى اتّخاذ الديار الكنديّة مسكنا. وتعتبر السلسلة الكوميدية "لالة فاطمة" من أنجح أعماله، وقد نال قيد حياته جائزة أفضل ممثل في مهرجان مونتريال بكندا حيث يقيم مع زوجته الممثلة خديجة أسد، كما نال جائزة مماثلة بمهرجان باستيا بفرنسا. وبوفاة الفنان عزيز سعد الله هل يكون آخر فنان ينتقل إلى عفو الله في زمن كورونا؟ بعزاء أو بدونه، تبقى ذكرى موتهم طيبة في نفوس وقلوب المغاربة، لن تمحيها السنين. لا محالة.