اتخذ المغرب العديد من الإجراءات على المستوى الصحي والمجتمعي لمواجهة أزمة كورونا طوال الفترة الماضية. وبحسب دراسة أعدتها جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم، توقعت فيها تواريخ انتهاء الوباء في أغلب بلدان العالم التي مسّها « كورونا ». ووفقا للدراسة، التي شملت 131 دولة موزعة بين أفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكتين وأستراليا، فإن التحوّل في انتشار الفيروس في المغرب بدأ فعليا في 24 أبريل ، أي الجمعة التي سجلت 190 حالة جديدة ل « كورونا »، وتوقعت أن ينتهي الوباء في البلد بنسبة 97 في المئة، أول يونيو، بينما سيزول بنسبة 99 في المئة يوم 13 يونيو، وسينحسر تماما بنسبة 100 في المئة يوم 30 يوليوز المقبل. واستندت الدراسة المذكورة آنفا في إعداد توقعاتها بشأن تواريخ انتهاء الجائحة في المغرب، على غرار بلدان العالم المشمولة بالتحليل، إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، من خلال النمذجة الإحصائية لانتشار الوباء، قصد استخلاص تواريخ الانتهاء، بناء على الأرقام الإحصائية المنشورة من قبل الجهات الصحية في تلك البلدان، بحسب « هسبريس ». ما الإجراءات التي اتخذها المغرب؟ قالت النائبة حنان رحاب عضو البرلمان المغربي، إن الإجراءات التي اتخذها المغرب هي جادة ومهمة وساهمت في الحد من تفشي الوباء وآثاره السلبية على القطاعات كافة. وأضافت في حديثها ل »سبوتنيك »، أن توزيع الدعم المباشر على الطبقات الفقيرة لأول مرة في المغرب يفتح الباب مستقبلا لمناقشة إصلاح كل القوانين المنظمة للحماية الاجتماعية وقطاع الشغل. وأوضحت أن الدعم الذي قدم للمقاولات مهم، إلا أنه ينقصه الالتزام الحقيقي من جهة البنوك المغربية. وشددت على أن المواطن البسيط الذي كان يعمل بشكل حر أو بالأماكن التي تضررت جراء الفيروس تلقى الدعم اللازم، بالتوازي مع تمديد الحجر والتعليم عن بعد، وأن كل هذه العوامل ساهمت في الحد من تفشي وباء كورونا بشكل كبير. فيما قال النائب السابق عبد العزيز أفتاتي، إن المغرب يعمل على تحديد الفرصة المناسبة للعودة التدريجية للوضع العادي لتدقيق التواريخ والكيفيات بسلاسة وتسلسل. وأضاف في حديثه ل »سبوتنيك »، أن الاجراءات المتخذة هي المتفرعة عن مقتضيات الحجر الصحي، من تقيد بعدم الخروج إلا للضرورة، وبالاحتياطات اللازمة من تباعد واستعمال الكمامات، والدعم المادي المخصص للعمال والأسر الفقيرة والهشم والاجراءات المتخذة لفائدة المقاولات في وضعية صعبة. وأشار إلى أن النتائج جنبت المغرب خسائر كبيرة في الأرواح، والصحة العامة والأحوال والأوضاع كافة. من ناحيته قال عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن أغلب الدراسات تفيد بانحسار فيروس كورونا بين شهري « يونيو ويوليو »، سواء بالمغرب أو بدول أخرى. وأضاف في حديثه ل »سبوتنيك »، أن هذه الدراسات تبقى تخمينات على ضوء مجموعة من المعطيات، خاصة تطور منحى عدد الإصابات، وعلى ضوء الاحتياطات التي تتخذها المجتمعات من أجل السيطرة على الأوضاع. ويرى الخضري أن تدابير التباعد الاجتماعي من خلال إقرار حالة الطوارئ، وفرض العزل المنزلي، كلها إجراءات ساهمت بشكل كبير في تقليص العدوى، وبالتالي انحسار الفيروس، لكن ما لا يمكن إنكاره، هو أن وتيرة انتشار الفيروس في الدول الغربية بهذا الشكل المريع لم تكن ذاتها في الدول الفقيرة، ولا يمكن إرجاء ذلك إلى التدابير المتخذة من لدن هذه الدول التي لا تتوفر على إمكانات الدول الغربية. ويشير إلى أن الأمر يحتاج إلى دراسة دقيقة في هذا الاتجاه، وأن الدول الفقيرة تعاطت مع وباء كورونا من باب الهاجس الأمني، حيث كان ممكنا أن يتسبب الوباء في فوضى عارمة وبالتالي في زعزعة الاستقرار، لو كان امتداده على نفس منوال ما جرى في الدول المتقدمة. ولا يستبعد الخضري أن القدر لعب دورا في حماية الدول الفقيرة، من الوباء أكثر مما اتخذته من إجراءات، وأن هذا الانطباع لا يعني تبخيس عمل بعض الدول، كالمغرب والأردن، حيث أن التعبئة الشاملة أتت أكلها وما زالت، إلا أن انحسار الفيروس يرتبط بنسبة 66% بعوامل أخرى خارج إرادة الدول متعلقة بالفيروس نفسه ومدى حياته، ومدى تجدده وتأقلمه مع الظروف المناخية. وضمن الإجراءات التي اتخذتها المغرب إحداث صندوق خاص لتدبير ومواجهة جائحة فيروس كورونا. وخُصص للصندوق 10 ملايين درهم من الميزانية العامة للدولة، وساهمت فيه الجهات ب 1,5 مليار درهم، بانخراط كبير لكل فئات وشرائح المجتمع المغربي سواء تعلق الأمر بالفاعلين المؤسساتيين أو القطاع الخاص أو المواطنين. وبحسب الأرقام التي تمّ تحصيلها إثر التصريحات التي تم الإدلاء بها عبر بوابة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، للاستفادة من التعويضات التي تم منحها لمنخرطيها المتضررين فإن 132.000 مقاولة من أصل 216.000 المنخرطة في الصندوق، أقرت بأنها تضررت بفعل هذه الجائحة، وصرحت بما يفوق 800.000 أجير ومستخدم متوقف مؤقتاً عن العمل. ودعم أرباب الأسر المتوفرين على بطاقة نظام المساعدة الطبية « راميد » والمتضررين من تداعيات الحجر الصحي المطبق، بتعويض يتراوح بين 800 درهم و1200 درهم و ذلك حسب عدد أفراد الأسرة. وقد بلغ عدد الأسر المعنية بالمساعدة بعد مراقبة اتساق التصريحات حوالي 2 مليون و300 ألف مثّل فيها العالم القروي 38%. وتستفيد 4 مليون و300 ألف أسرة تعمل في القطاع غير المهيكل من دعم الصندوق الخاص لكورونا. كما تم منح تعويض شهري جزافي صافي بقيمة 2000 درهم، لفائدة الأجراء المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المتوقفين مؤقتا عن العمل موازاة مع تعليق أداء المساهمات الاجتماعية حتى 30 يونيو 2020.