يعمل المغرب، منذ ظهور أولى الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد، على مُختلف الجبهات للتقليل من آثار هذه الأزمة الصحية التي ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة وباتت تُنذر بتوقعات صعبة للنمو الاقتصادي الوطني خلال السنة الجاري. ويوضح محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في حوار مع هسبريس، أن النشاط الاقتصادي الوطني لم يعرف توقفاً تاماً، إذ مازالت بعض الفروع تُزاول نشاطها فعلياً نظراً لطبيعتها الحيوية، مؤكداً أن المملكة مستعدة لمواجهة الصدمات الداخلية والخارجية ولديها القُدرة للخروج من الأزمة الحالية بأقل الخسائر. وذكر المسؤول الحكومي أن تدبير الأزمة والدينامية التي برزت في بلادنا خلال هذه الظرفية حافلة بالدروس والعبر الإيجابية، معتبراً أن عودة روح المواطنة المسؤولة وإحياء الثقة بأبعادها المتعددة، وتعزيز روابط التضامن، كلها قيم للسمو والتقدم يجب الحفاظ عليها وتوطيدها. هل يُمكن إعطاء نظرة عن القطاعات وعدد المقاولات المتضررة من أزمة فيروس كورونا المستجد؟ في ظلِّ التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم، ستتأثر الآفاق الاقتصادية للمغرب بالتداعيات السلبية لانتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19. وهكذا، ستتأثر بعض الأنشطة غير الفلاحية من خلال تعطل سلاسل التوريد التي ستؤثر على فروع التصدير (النسيج، صناعة السيارات، الإلكترونيات، صناعة الطائرات إلخ)؛ وتراجع قطاع السياحة والأنشطة ذات الصلة (الفنادق والمطاعم، النقل الجوي)، وذلك بعد تعليق الرحلات الجوية والبحرية، وتضرر بعض القطاعات المحلية (النقل، التجارة، إلخ) جراء تطبيق الحجر الصحي. وفي ما يخص المقاولات المتضررة، تُوضّح أولى الأرقام التي تمّ تحصيلها إثر التصريحات التي تم الإدلاء بها عبر بوابة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) للاستفادة من التعويضات التي تم منحها لمنخرطيها المتضررين أن 134.000 مقاولة من أصل 216.000 المنخرطة في الصندوق أقرت بأنها تضررت بفعل هذه الجائحة، أي بمعدل مقاولتين من أصل ثلاث. ما هي القطاعات غير المتوقفة عن العمل رغم الظروف الاستثنائية الحالية؟ تجدر الإشارة إلى أنه خلال فترة الحجر الصحي، لم يعرف النشاط الاقتصادي توقفاً تاماً، إذ مازالت بعض الفروع تُزاول نشاطها فعلياً نظراً لطبيعتها الحيوية كالصحة والإدارات الترابية والسلطة، بالإضافة إلى بعض القطاعات المُهمة من أجل ضمان السير العادي للحياة الطبيعية؛ ويتعلق الأمر على الخصوص بالفلاحة والصناعات الغذائية والكهرباء والماء وتدبير النفايات وأنشطة توزيع ونقل البضائع والأنشطة المالية وأنشطة البريد والاتصالات. كما تواصل بعض القطاعات الحيوية نشاطها عن بُعد، كالتعليم والتربية وكذا بعض الإدارات العمومية والضمان الاجتماعي. كم بلغت المساهمات في صندوق تدبير جائحة فيروس كورونا المستجد وكم تم صرفه إلى حد الساعة؟ عرف انطلاق صندوق تدبير جائحة كورونا (Covid19) تبرعات بمبالغ مُهمة فاقت 20 مليار درهم أضيفت إلى 10 مليارات درهم المخصصة من ميزانية الدولة ليتجاوز المبلغ الإجمالي إلى حد الآن 30 مليار درهم. وسيتم تخصيص موارد هذا الصندوق، حسب الأولوية، لتغطية تكاليف الارتقاء بمستوى التجهيزات الطبية، من حيث البنية التحتية المناسبة والوسائل الإضافية التي سيتم الحصول عليها بصفة استعجالية. وقد تم تخصيص غلاف مالي قدره 2 مليار درهم لشراء المعدات الطبية والاستشفائية والأدوية ولدعم نفقات اشتغال وزارة الصحة. كما سيُمكن هذا الصندوق من تقديم الدعم اللازم للاقتصاد الوطني لامتصاص الصدمات السلبية التي سبّبها هذا الوباء في ما يخص انخفاض النشاط في بعض القطاعات الهشة وفُقدان مناصب الشغل الناتج عنه. لقد تم، كما تعلمون، تدقيق هذه التدابير من قبل لجنة اليقظة الاقتصادية (CVE) التي تم إنشاؤها لهذا الغرض، اعتماداً على نظام الرصد الاستباقي، ويتعلق الأمر ب: - الاستفادة، إلى حدود 30 يونيو المقبل، من تعويض شهري جُزافي صافي بقيمة 2000 درهم، وكذلك من التعويضات العائلية ومن خدمات التأمين الصحي الإجباري (AMO) لفائدة المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. - دعم أرباب الأسر المتوفرين على بطاقة نظام المساعدة الطبية "راميد" والمتضررين من تداعيات الحجر الصحي المطبق، بتعويض يتراوح بين 800 درهم و1200 درهم شهرياً للأسر. - دعم الفئة التي لا تتوفر على بطاقة نظام المساعدة الطبية "راميد" والمتضررة من تداعيات كورونا خلال الأيام القادمة من نفس الدعم المقدم لحاملي بطاقة "راميد"، وذلك عبر منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض. هل تعتقدون أن الاقتصاد الوطني سيَصمد لفترة طويلة؟ يُواجه الاقتصاد الوطني هذه الأزمة في وقت يسير على منحى تصاعدي لتوطيد أسسه الماكرو اقتصادية، إذ تميزت نهاية سنة 2019 بتعزيز المسار التصاعدي للأنشطة غير الفلاحية للسنة الرابعة على التوالي، كما تمّ تكوين هامش للتحرك على مستوى ميزان الأداءات مريح نسبياً، وتمّ حصر العجز الميزاناتي في 3.6 في المائة سنة 2019 وتحسين سوق الشغل للسنة الثالثة على التوالي. كما استفاد المغرب أيضاً من دعم المانحين، سواء الثنائيين أو متعددي الأطراف، وكذا من الإمكانيات الأخرى التي يمكن استغلالها مثل اللجوء إلى بند "خط الوقاية والسيولة" الذي قدمه صندوق النقد الدولي. ولعل وكالة التصنيف المالي "موديز"، التي جددت فيه المؤسسة التصنيف المستقر BBB- /A-3 المنسوب إلى الوضع الائتماني للمغرب، مع نظرة مستقبلية مستقرة، يشهد على استعداد المملكة لمواجهة الصدمات الداخلية والخارجية وبالتالي قُدرتها على الخروج من أزمة Covid-19 بأقل الخسائر. كما ستُساهم تدابير الدعم التي اتخذتها الحكومة إلى حد الآن في التخفيف من حجم الصدمات التي لحقت باقتصاد بلادنا، وستواصل لجنة اليقظة الاقتصادية مراقبة تطورات الوضع عن كثب بهدف اتخاذ تدابير السياسة الاقتصادية الكفيلة بتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات الناجمة عن الأزمة الصحية الحالية. هل يواجه المغرب سيناريو نسبة نمو سالبة؟ جاءت الأزمة الصحية التي سببها فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 لتلقي بظلالها وعواقبها على محيط دولي خيمت عليه في الأساس مجموعة من الشكوك. وتُعتبر أي محاولة لتقدير الآثار الناتجة عن هذه الأزمة مقاربات تقريبية فقط، إذ تعتمد هذه الآثار على عدة عوامل، منها مدة الأزمة وحجمها، وفعالية التدابير المتخذة لمواجهتها، وكذا قُدرة الدول على تدبير الفترة التي تلي هذه الأزمة، وبذلك تبقى جميع نسب النمو مفتوحة على كل السيناريوهات. ولا يُوجد المغرب بمنأى عن الاضطرابات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، فالاضطرابات في سلاسل الإمداد والإنتاج وإغلاق الحدود أدت إلى توقف مجموعة من القطاعات، وأربكت أخرى. وبالتالي فهناك تطورات قطاعية آخذة في الظهور، لكن حجمها وعُمقها ومداها يتغير بوتيرة متسارعة، ما يزيد من صُعوبة وتعقيد وضع سيناريوهات للنمو ربما ستصبح أكثر وضوحاً ارتباطاً بتطورات الأزمة خلال الأيام المقبلة. غير أنه تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية الأزمة، لم يعرف النشاط الاقتصادي توقفاً تاماً، بل مازالت بعض الفروع تزاول أنشطتها، مع إمكانية التدارك المتاحة لبعض القطاعات بعد انتهاء فترة الحجر الصحي. وهكذا فإن مجموعة من الأنشطة نظراً لطبيعتها الحيوية من أجل السير العادي للحياة الطبيعية لم تعرف أي توقف. هل يمكن اعتبار جائحة كورونا أصعب أزمة يواجهها المغرب منذ الاستقلال؟ إذا كان من الضروري إجراء تقييم مقارن للتأثير المنتظر لأزمة كورنا على بلادنا فإنه من الأجدى مقارنة الأمر بما أعقب الأزمة المالية العالمية لسنة 2008، إذ أظهر الاقتصاد الوطني قُدرةً حقيقيةً على مُواجهة التحديات التي يفرضها اضطراب الاقتصاد العالمي وتطورات الظرفية الاقتصادية الوطنية. وللتذكير فإن أسس الاقتصاد الوطني عرفت خلال العقدين الأخيرين تغيرات بنيوية جسدت مصدر قوته وقدراته على امتصاص الصدمات وساهمت في خروجه من الأزمة آنذاك بأضرار أقل بالمقارنة مع اقتصادات مماثلة، وذلك بفضل مواصلة الإصلاحات الهيكلية والقطاعية، وكانت محطة مفصلية ساهمت في استخلاص الدروس والعبر لما بعد الأزمة في ما يتعلق بتدبير السياسات العمومية وتحديد الأولويات على المستوى المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي. وبخصوص تداعيات الأزمة الحالية، يَصعُب التكهن بنتائجها في الظرفية الآنية، لأن ذلك سيعتمد على مدى الأضرار المتوقعة، وعلى المدى الزمني الذي تحتاجه دول العالم للخروج منها. إلا أنه من شأن التدخل الاستباقي للحكومة للتخفيف من آثار هذه الأزمة، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، أن يلعب دوراً حاسماً في الخروج منها. ألم يكن من الضروري اعتماد قانوني مالي تعديلي لاتخاذ الإجراءات اللازمة من قبيل رفع سقف التمويلات الخارجية ووقف النفقات غير الضرورية؟ إن اعتماد قانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية يأتي في ظروف استثنائية كان لا بد من تدبيرها واتخاذ الإجراءات التي تفرضها المرحلة دون الحاجة إلى المرور عبر قانون مالية تعديلي يفترض وضوح الرؤية حول التطورات المقبلة للأزمة داخلياً وخارجياً واعتماد فرضيات معقولة، ما يظهر صعباً التكهن به في الظرف الراهن. وعلى مستوى الالتزام بالنفقات العمومية التي تم إقرارها برسم قانون المالية 2020 فإن النقاش الدائر بشأنه هو نقاش قانوني مرتبط بكيفية تدبير هذه النفقات في ظل الظرفية الاستثنائية التي لم تكن في الحُسبان، والتي تقتضي العقلنة في اتخاذ القرار بناءً على المعطيات المتوفرة والراهنة، وهو ما دفع الحكومة إلى استبعاد قرارات أفقية راهنة في تدبير الميزانية العامة، واعتماد مقاربة قطاعية حسب الأوليات التي تفرضها الظرفية الراهنة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانات بلادنا من العُملة الصعبة وقدرة التعافي من الأزمة وتحقيق الانتعاش الاقتصادي. من المرتقب أن يواجه رصيد المغرب من العُملة الصعبة ضغطاً كبيراً، كيف سيتم تدبير هذا الأمر؟ في ظل التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم على العموم، وعلى الاقتصاد الوطني على الخصوص، قرَّر المغرب اللجوء إلى استخدام خط الوقاية والسيولة، الذي وقعه سابقاً مع صندوق النقد الدولي لسحب مبلغ يناهز 3 مليارات دولار قابلة للسداد على مدى خمس سنوات مع فترة سماح لمدة 3 سنوات. ويدخل هذا السحب في إطار الاتفاق المتعلق بخط الوقاية والسيولة، المُبرَم مع صندوق النقد الدولي في 2012، والذي تم تجديده للمرة الثالثة في شهر دجنبر من سنة 2018، قصد استخدامه كتأمين ضد الصدمات الشديدة؛ مثل التي يشهدها المغرب اليوم. ومنذ سنة 2012، تاريخ توقيع هذا الخط، لم يستعمل المغرب هذا الخط بتاتاً. وسيُساعد هذا السحب على التخفيف من تأثيرات هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني والحفاظ على احتياطات العُملات الأجنبية في مستويات مريحة تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وشركاء المغرب الثنائيين ومتعددي الأطراف في الاقتصاد الوطني. وجدير بالذكر أن هذا المبلغ لن يؤثر على مستوى الدين العام، وهو ما يُعتبر سابقة في معاملات المغرب المالية مع صندوق النقد الدولي. كما سيعزز هذا القرار الجديد الجهود المبذولة لتعبئة التمويلات الخارجية. هل كان توقيت المرور إلى المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم مناسباً في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد؟ بهذا الخصوص، وجب التذكير أن حصيلة المرحلة الأولى من إصلاح نظام الصرف كانت إيجابية، وتميزت، على الخصوص، بتوفر احتياطي مناسب من العُملة الصعبة، وتبني توازنات ماكرو اقتصادية، ووجود نظام بنكي قوي. ورغم الكثير من التخوفات التي أُثيرت آنذاك من إمكانية انخفاض قيمة العملة، ظل الدرهم مستقراً طيلة هذه الفترة، كما أن موجودات النقد الأجنبي لم تعرف أي ضغوط وبقيت في مستويات مقبولة، وهو ما يوفر، إلى جانب ظروف أخرى، ضمانات جيدة لنظام الصرف. كما كانت التوقعات تشير إلى إمكانية تأثير ذلك على التضخم كما حدث في بلدان أخرى مثل مصر، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث في بلادنا. إن التدرج في تفعيل نظام سعر الصرف المرن له أهمية كُبرى، لأن الأمر يتعلق بانتقال بنيوي كبير يمر بالدرهم من نظام ثابت إلى نظام مَرِن. وقد مكَّن هذا التدرج من تجنب صدمات خارجية من قبيل انخفاض كبير لرصيد العملة الصعبة أو ارتفاع غير متوقع لأسعار المواد الأولية. فالمغرب لم يدخل ضمن التحرير القسري لعُملته الوطنية كما وقع لبلدان أخرى، بل تم ذلك بشكل اختياري وباستعداد تام من طرف السلطات العمومية. وفي الظرفية الحالية المُتَّسمة بالأزمة الصحية العالمية، فإن المرور إلى المرحلة الثانية من إصلاح نظام الصرف، مقرونا باستخدام خط الوقاية والسيولة، من شأنهما امتصاص ولو جزئياً من تأثيرات هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته والحفاظ على احتياطات العُملات الأجنبية في مستويات مُريحة تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وشركاء المغرب. كم تتوقعون من قروض خارجية ما دام المرسوم الذي صادقت عليه الحكومة لم يحدد سقفاً لذلك؟ يَصعُب التكهن في هذه المرحلة بالتطورات المستقبلية لامتدادات الأزمة التي تعصف باقتصاديات العالم بغض النظر عن مستوى تقدمها، في غياب رؤية واضحة والبعد الزمني الذي تستلزمه هذه الظرفية لاستعادة هذه الاقتصاديات عافيتها، غير أن بلادنا اتخذت سلسلة من الإجراءات الاستباقية لاحتواء تداعيات الأزمة عبر توفير الشروط الضرورية لاستقرار الاقتصاد الوطني وضَمان مصادر التمويل الكافية له. وتتابع الحكومة عن كثب كل المستجدات التي تهم بلادنا على كل المستويات لاتخاذ ما تمليه تطورات الظرفية الداخلية والخارجية للمملكة من تدابير وإجراءات. ويعتبر القرار الأخير باستخدام خط الوقاية والسيولة بمثابة تعزيز للإجراءات التي سبق أن اتخذت سالفاً، ومن شأنه امتصاص ولو جزئياً تأثيرات هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته والحفاظ على احتياطات العملات الأجنبية في مستويات مريحة تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وشركاء المغرب. هل تعتقدون أن المغرب سينجح في تجاوز هذه الأزمة؟ بهذا الخصوص، وجب التذكير أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله، كان من بين الدول التي اتبعت نهجاً استباقياً في مواجهة المخاطر المحتملة لوباء كوفيد-19. فحفاظاً على صحة وسلامة المجتمع المغربي، تقرر إعلان "حالة الطوارئ الصحية" وتقييد الحركة بمجرد ظهور الحالات الأولى للإصابة ببلادنا، خاصة الوافدة منها، كوسيلة لا محيد عنها لإبقاء هذا الفيروس تحت السيطرة. وتنفيذاً للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، تم إحداث صندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا، وذلك من أجل التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل البنيات الصحية، والحد من آثار هذا الوباء على الاقتصاد الوطني من خلال مجموعة من التدابير التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية، لاسيما مواكبة القطاعات الأكثر تأثراً، فضلاً عن دعم المقاولات والفئات المتضررة من المجتمع المغربي. وتظل كل القطاعات الحكومية، من خلال لجنة اليقظة الاقتصادية، مُعبأة للتجاوب مع كل المستجدات والتعاطي بكل مسؤولية مع ما تمليه هذه الظرفية الصعبة واتخاذ ما يلزم من التدابير لمواجهة آثار هذه الأزمة. والمغرب مُنخرط بكل مكوناته تحت قيادة جلالة الملك للعمل لتجاوز هذه الأزمة بأقل الأضرار على كل المستويات. هل من دروس مُبكرة يمكن استخلاصها من هذه الأزمة؟ لا شك أن النهج الاستباقي الذي تعامل به المغرب في تدبير الأزمة والدينامية التي برزت في بلادنا خلال هذه الظرفية تظل حافلة بالدروس والعبر الإيجابية. فعودة روح المواطنة المسؤولة، وإحياء الثقة بأبعادها المتعددة، فضلاً عن تعزيز روابط التضامن، كلها قيم للسمو والتقدم يجب الحفاظ عليها وتوطيدها. وقد كانت هذه الدينامية ضرورية لامتصاص الآثار السلبية للأزمة الصحية التي تواجهها جميع البلدان بدون استثناء، وبغض النظر عن مستوى تقدمها. ويتوجب علينا بالتأكيد أن نؤسس للمستقبل بناء على هذه الإنجازات الإيجابية، ونجعلها أساس نموذج التنمية لبلادنا التي تملك كل المقومات والإمكانات للخروج منتصرةً من هذه الأزمة، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس.