يُعرّف القطري محمد الجناحي نفسه لمتابعيه على منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" على أنه "مهندس في قطاع التعليم"، ويقول إنه جاء ليتعلم ما جهِل، ويشارك ما تعلم. لكن الذي يجعل هذا الرجل ملهما ومتميزا في مجاله، هو ابتكاره لأسلوب محفز للتعلم يجعل الطلاب يحبون مادة الرياضياتباستخدامه للشعر العربي الفصيح والموزون والملحن. من خلال لقاء "ملهمون بيننا"، الذي تنظمه مكتبة قطر الوطنية، ألقى الجناحي محاضرة سلط فيها الضوء على تجربته في الانتقال من مهندس يعمل في قطاع النفط، إلى تعليم مادة الرياضيات في المدارس القطرية، إذ ابتكر خلال رحلته العملية أساليب جديدة تجعل الطلاب يحبون مادة الرياضيات، التي عادة ما يجدها الطلاب ثقيلة نوعا ما أو مستعصية على الفهم. ويستخدم الجناحي الشعر العربي خلال حصصه الدراسية لتبسيط مفاهيم الرياضيات لطلابه وجعلها أكثر قربا إلى قلوبهم؛ فمن خلال نظمه لأشعار باللغة العربية الفصيحة، ثم تلحينها ضمن إيقاع موسيقي بسيط ومريح، غير الجناحي نظرة الطلبة لهذه المادة، وساهم في غرس حبهم واستيعابهم لها. وهذه الأشعار التي يكتبها الجناحي ليست مجرد بيوت تعبوية أو كلام محبب للمادة أو محفز للاهتمام بها، بل هي أشعار تصف تماما، وبمنهجية سلسة، الطريق نحو حل المسائل والمعادلات الرياضية. ويستعين الجناحي بالقصائد والمسابقات الأسبوعية ضمن الحصص الدراسية، ويذهب لأبعد من ذلك، إذ يروج لأسلوبه على موقع "يوتيوب"، الذي ساهم من خلاله بتعليم منهاج الرياضيات عبر الإنترنت، من خلال قناة تعليمية عادة ما يتردد عليها الكثير من الطلبة وأولياء الأمور، الذين أصبح بعضهم يطلب منه صراحة نظم أشعار خاصة لبعض الدروس والمسائل، كجدول الضرب مثلا كي يسهل على الطلاب حفظه. لذلك، فإن الجناحي يشارك مقارباته التعليمية الابتكارية باستمرار مع المعلمين الآخرين وأعضاء المجتمع، بصفتيه كرئيس قسم التواصل المجتمعي في "علّم لأجل قطر" ومتحدث على منبر "تيد إكس". وقد أتاحت هذه المحاضرة فرصة التعرّف على الجناحي، وهو مهندس ميكانيكي كان يعمل في شركة "ميرسك" التابعة لمؤسسة قطر للبترول، ومعرفة الحافز الذي دفعه إلى تغيير مسيرته المهنية نحو تعليم مادة الرياضيات في المدارس الابتدائية. ويقول الجناحي: "إن تعليم المراهقين مادة الرياضيات ليس بالأمر السهل، لذا لجأت إلى تطوير أدوات تعليمية بديلة لإضفاء طابع ممتع على المادة وحفز الطلاب على الاجتهاد والتفوق". ويضيف: "لطالما رغبت بممارسة مهنة التعليم.. وهي مهمة غاية في الصعوبة، ولا يمكن مقارنتها بمهنة المهندس أو الموظف الإداري عموما. وأنا شخصيا أرفع القبعة تقديرا لجهود جميع العاملين في الحقل التدريسي". ووصف الجناحي تجربته الجديدة بأنها غيرت مجرى حياته بالكامل، وقد بدأ مؤخرا يستشعر تأثيرها الإيجابي على الطلاب الذين بدأوا يحبون مادة الرياضيات. كما لمس قدرته على شد انتباههم بأسلوبه الممتع أثناء نقل المعلومة الرياضية. وتقول معلمة الرياضيات، سماح عباسي: "لقد حرصت على حضور هذه المحاضرة لأنني معلمة رياضيات، وكنت أتطلع للاستفادة من الأساليب الجديدة التي طبقها المهندس محمد الجناحي في تعليم الرياضيات. وتعرفت في المحاضرة على قصة نجاحه وخبراته في تدريس هذه المادة في المدارس المستقلة. وقد أعجبني تفاعله مع الطلاب والأطفال وما لديه من حماسة، وتمنيت لو أحضرت ابني معي ليشارك في المحاضرة مع بقية الأطفال". كما علق الطالب حسين أحمد العجمي، قائلا: "علمت بهذه المحاضرة من أختي، وقد استفدت كثيرا من أسلوب تعلم الرياضيات، وأدركت أنه يمكن التغلب على أي صعوبات في الحياة أو تحديات في رحلة التعلم".