قالت صحيفة Washington Post الأمريكية إن أجزاء من أوروبا ستشهد عمَّا قريب للمرة الثالثة هذا الصيف موجة حرٍّ جديدة. وسترتفع درجات الحرارة نحو 12 درجة مئوية فوق المتوسط في بعض المناطق بداية من عطلة نهاية الأسبوع، ما سيعرض أكثر مناطق شرق أوروبا والدول الإسكندنافية إلى طقس شديد الحرارة. توقعات بارتفاع كبير في درجات الحرارة في أوروبا مرة أخرى وينجم الطقس الحار مرة أخرى عن كتلة من الضغط المرتفع، أو قبة حرارية، من شأنها أن تخلق مرتفعاً جوياً بين منطقتين صاحبتي ضغط منخفض على الجانبين. وسيؤدي هذا إلى اندفاع تيار هواء دافئ بدرجة غير عادية نحو الشمال. ويتوقع أن تبدأ الحرارة في الارتفاع يوم السبت 24 غشت عبر معظم مناحي أوروبا، قبل أن تشتد في وسط أوروبا يوم الأحد 25 غشت. وبحلول يوم الثلاثاء 27 غشت، ستتجمع الحرارة وتستقر فوق الدول الإسكندنافية، في حين تستقر باقي القبة الحرارية في الجنوب وتعيد تنظيم نفسها فوق البلقان. ومن المتوقع أن تصل تلك الظروف المناخية القاسية إلى ألمانيا يوم الأحد، إذ ستتعدى درجة الحرارة في فرانكفورت 29.4 درجة مئوية. ثم سترتفع بدرجة أو اثنتين عن معدل 32.2 درجة أيام الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، هذا علماً بأن متوسط درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة في هذا الوقت من العام لا يتعدى 21.6 درجة مئوية. وتنخفض درجات الحرارة الصغرى في فرانكفورت في شهر غشت إلى نحو 15 درجة مئوية. ويكون يوليوز الشهر الأشد حرارة في المنطقة، وقد كان كذلك بالفعل. ففي أثناء الموجة الحارة التي ضربت البلاد الشهر الماضي، سجلت ألمانيا أعلى درجة حرارة لها بلغت 42.6 درجة مئوية. وستتكرر موجة الحر في فرنسا مرة أخرى وسيكون الطقس مشابهاً في بولندا المجاورة، التي ستصل درجة الحرارة فيها إلى ذروتها منتصف الأسبوع: إذ ستسجل درجات الحرارة في وارسو يوم الأربعاء 28 غشت 32.2 درجة مئوية، وهذا أعلى بنحو 12 درجة عن معدلاتها الطبيعية البالغة 20.5 درجة. ولم تسجل وارسو درجة حرارة تصل إلى 32.2 درجة أو تتعداها منذ يوم 30 يونيو. وقد تسجل مدينة لودز، التي تقع وسط بولندا ويبلغ تعداد سكانها 700 ألف نسمة، درجات حرارة صغرى خلال الليل يومي الإثنين والثلاثاء تفوق متوسط درجات الحرارة العظمى. وفي باريس، ستصل درجات الحرارة العظمى إلى ما يتراوح بين 29.5 إلى 32.2 درجة مئوية من يوم السبت إلى الثلاثاء. وشهدت العاصمة الفرنسية بالفعل موجتين حارتين هذا الموسم، ما يجعل تلك الموجة الثالثة غير مرغوبة. وعادة ما تشهد باريس درجات حرارة نحو 23.8 درجة مئوية أغلب أيام غشت. وحتى لندن سترتفع فيها درجات الحرارة عن المتوسط مع بداية أسبوع العمل. وقد تكون تلك الموجة الحارة أكثر شذوذاً بالنسبة إلى الدول الإسكندنافية. فسترتفع درجات الحرارة في كلٍّ من بيرغن والنرويج إلى نحو 23.7 الأسبوع المقبل، متخطية متوسط درجة الحرارة العظمى التي لا تتعدى 16 درجة مئوية. وستتراوح درجات الحرارة في تروندهايم بين 23.8 و26.6 درجة في وقت من العام تنخفض فيه عادة درجة الحرارة ليلاً إلى ما بين 4.4 إلى 10 درجات. وستصل درجة الحرارة العظمى في ستوكهولم إلى ما يقارب 26.6 درجة مئوية يوم الثلاثاء، وهذا يتعدى متوسط الحرارة البالغ 18.3 درجة مئوية. ومن هناك، سيهب بعض الدفء فوق بحر النرويج لينطلق بسرعة فوق المنطقة القطبية، ثم يتبدد. ومن شأن هذا أن يسرع وتيرة ذوبان الثلوج البحرية في أوائل شهر شتنبر، علماً بأن حجم الثلوج بصدد تسجيل مستوى قياسي منخفض بالفعل. ويتكرر الحديث عن تغير المناخ مرة أخرى وستؤدي زيادة الدفء إلى دفع الغلاف الجوي إلى أعلى؛ إذ أن الهواء الدافئ يتمدد. وهذا سيرفع نقطة منتصف الغلاف الجوي –التي يقع فوقها وتحتها نصفا كتلة الغلاف الجوي– إلى الأعلى بمقدار نحو 24 متراً. ويُعدُّ هذا الارتفاع مؤثراً بدرجة كافية لوضع المرتفع الجوي ذلك ضمن المرتفعات ال 3% الأشد حدة. تظهر دراسات المناخ أن الموجات الحارة مثل تلك المتوقعة في أوروبا أصبحت أكثر حدوثاً وشدة، في الوقت الذي يزيد فيه دفء المناخ في العموم نتيجة للأنشطة البشرية. وقد وجدت دراسة تحليلية للموجات الحارة في يوليوز التي سجلت أرقاماً قياسية في كلٍّ من فرنساوألمانيا وهولندا ومناطق أخرى أن تغير المناخ قد رفع من احتمالية حدوث الموجات الحارة 10 مرات على الأقل، مقارنة بمناخ لا ترتفع به معدلات الغازات الدفيئة. وقد استنتج التقرير الصادر عن مؤسسة World Weather Attribution أنه من خلال رفع متوسط درجات حرارة سطح الأرض على مستوى العالم، عزز تغير المناخ ارتفاع درجات الحرارة خلال الموجات الحارة بمقدار يصل إلى 5.4 درجة. فقد ورد التالي في التقرير: «كانت الموجة الحارة التي حدثت في يوليوز 2019 شديدة للغاية فوق غرب أوروبا؛ إذ شهدت معدلات قصوى لم تكن لتشهدها لولا تغيُّر المناخ».