من المُرجّع أن تتحطّم الأرقام القياسية لأعلى درجة حرارة سُجِلت في أوروبا هذا الأسبوع، والتي جرت العادة أن تُسجّل في أواخر شهر يليوز أو في غشت، حيث تجتاح موجة حارة صيفية مبكرة للغاية جميع أنحاء القارّة، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية. ويتوقع خبراء الأرصاد أن تصل درجة الحرارة إلى أعلى مُعدّلاتها -التي شهدتها في السنوات الماضية- في شهر يونيو، وقد تتجاوز درجات الحرارة تلك المُعدّلات في النمسا، وبلجيكا، وجمهورية التشيك، والدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، ولوكسمبورغ، وهولندا، وسويسرا، مع احتمال تسجيل أرقام قياسية في بعض البلدان. درجة الحرارة تحطم الأرقام القياسية في ألمانياوفرنسا وقال غيوم وزنيكا، أحد المتنبِّئين الفرنسيين بحالة الجوّ: «إن آخر التوقعات لا تدع مجالاً للشكّ بأننا في الطريق إلى تسجيل رقم قياسي جديد لدرجات الحرارة»، مُشيراً إلى أن خدمة الأرصاد الجوّية الفرنسية Météo-France تتنبأ حالياً بتسجيل درجات الحرارة القصوى التي تبلغ 45 درجة مئوية في مدينتَي نيم وكاربينتراس الواقعتين جنوب البلاد خلال يوم الجمعة 28 يونيو 2019. ويشار إلى أن أعلى درجة حرارة سُجّلت من قبل في فرنسا خلال شهر يونيو قد بلغت 41.5 درجة مئوية، وكان هذا في 21 يونيو 2003، أما أعلى درجة حرارة شهدتها فرنسا في تاريخها فكانت 44.1 درجة مئوية، وقد سُجِلت في موقعين مختلفين في جنوب البلاد، وكان ذلك بتاريخ 12 غشت، خلال نفس الموجة الحارّة التي اجتاحت البلاد في عام 2003. قال ستيفان راهمستورف، من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر: «في محطّة بوتسدام المحلّية، التي تعمل منذ عام 1893، بدأنا في تحطيم أعلى رقم سُجِل في يونيو 2018 بزيادة قدرها درجتان مئويتان». وتشهد حالياً الأجزاء الشرقية من ألمانيا، بما فيها العاصمة برلين، شهر يونيو الأكثر احتراراً في تاريخها. من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة أكثر من هذا على مدار الأسبوع، في نطاق يمتدّ من إسبانيا إلى جمهورية التشيك، حيث إن العاصفة المتوقفة فوق المحيط الأطلسي وارتفاع الضغط على وسط أوروبا يسحبان الهواء الساخن جداً من الصحراء إلى جهة الشمال. ارتفاع درجات الحرارة في هذا الوقت قد تكون خطيرة! يقول العلماء إن موجات ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن تكون خطيرة بشكل خاص عندما تحدث في أوائل الصيف، قبل أن يتكيف الناس مع طبيعة الأجواء الموسمية. يذكر أن موجة الحر التي شهدتها أوروبا في عام 2003 تسببت في الوفاة المبكرة لما يقدَّر بنحو 70.000 شخص. وكشف تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومنظمة الصحة العالمية في عام 2015 عن موجات الحر والصحة، أنه قد ثبت أن موجات الاحترار في أوائل الصيف قد ارتبطت بتأثيرات أكبر على معدلات الوفيات مقارنة بموجات الاحترار التي تأتي في أوقات لاحقة من موسم الصيف والتي تشهد درجات حرارة مماثلة أو أعلى. وانتشرت بكثافة صورة خريطة الاحترار في فرنسا ليوم 27 يونيو 2019 وإلى جانبها صورة للوحة «الصرخة» للفنّان إدفارد مونش، والتي نشرها خبير الأرصاد الجوّية روبن هالالي، على مواقع التواصل الاجتماعي. السلطات تحذِّر المواطنين وبتراوُح درجات الحرارة بين أدنى من الثلاثينات إلى منتصف الثلاثينات مئوية، أمس الثلاثاء، في أجزاء من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، تشير معظم توقّعات الطقس إلى أن درجات الحرارة سترتفع بحلول غد الخميس؛ لتتراوح بين تحت الأربعينات إلى منتصف الأربعينات مئوية في جنوب ووسط فرنسا وشمال شرق إسبانيا، وستزيد على 30 درجة مئوية في الكثير من بقية أنحاء أوروبا القارية. بينما أمرت السلطات الخدمات الصحية ودور التقاعد في البلاد باتّخاذ وضع التأهب، حثت أيضاً الأطفال والفئات الأكبر سنّاً على البقاء في منازلهم، كما أنها أتاحت توصيل المياه مجاناً، وأوصوا بالحذر من الإصابة بالجفاف وضربة الشمس. وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون: «كما تعلمون، في مثل هذه الأوقات، يكون الأشخاص المرضى والنساء الحوامل والرضع وكبار السن هم الأكثر عرضة للخطر». وأضاف: «علينا أن نكون مُتأهّبين وأن نتخّذ تدابير وقائية للتدخّل في أسرع وقت ممكن». قالت وزيرة الصحة الفرنسية أنياس بيزون، إن البلاد أكثر استعداداً مما كانت عليه خلال موجة الحر في عام 2003، حين توفي 15000 شخص أكثر من معدّلات الوفاة الطبيعية في الصيف، وقالت: «لقد تحسنت خُططنا بشكل أفضل، وتأهّبنا الآن أكثر كفاءة». وقالت أنياس إن التغيير المجتمعي سيكون أمراً ضرورياً. وأوضحت ذلك قائلة: «سيتعين علينا تغيير الطريقة التي نعيش بها، والطريقة التي نتصرف بها، والطريقة التي نعمل بها، وطريقة سفرنا وملابسنا وغير ذلك… سنضطر إلى تغيير عاداتنا والتوقف عن الاعتقاد بأن هذه مرحلة استثنائية». امتحانات الطلبة تؤجَّل في فرنسا كان من بين أوّل المتأثرين طلاب المدارس الثانوية في فرنسا، وقد أجلت وزيرة التعليم امتحانات brevet الوطنية، التي يخوضها أطفال في سن 15 عاماً، لأسباب تتعلق بالسلامة من الخميس والجمعة وحتى أوائل الأسبوع المقبل. ذكرت صحيفة Le Soir أن بروكسل منعت السياح من ركوب العربات التي تجرّها الحيوانات بسبب مخاوف تتعلق بجودة حياة الحيوانات، بينما ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن رجلاً يبلغ من العمر 32 عاماً في بلدة هيمر، الواقعة خارج مدينة دوسلدورف، قد تجرّد من ملابسه في قسم الأغذية المجمدة في متجر منطقته، في محاولة للهروب من الحرارة، واضطرت الشرطة الألمانية الى إخلاء أحد القطارات وإخراج المسافرين بعد توقف المكيفات في القطار. وقال ستيفان راهمستورف إن الموجة الحارة الحالية -بعد درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي في الصيف الماضي والتي تسببت في زيادة معدلات الوفيات وتراجع غلة المحاصيل وحرائق الغابات داخل الدائرة القطبية الشمالية- كانت متوافقة مع توقعات علماء المناخ. وقال: «تشير بيانات الطقس إلى أن موجات الحرارة وغيرها من الأحوال الجوية القصوى في ازدياد في العقود الأخيرة، وأكثر فصول الصيف احتراراً في أوروبا منذ عام 1500 ميلادياً حدثت جميعها منذ مطلع القرن الماضي، وهي 2018، 2010، 2003، 2016، 2002».وقال راهمستورف إن السجلات الشهرية تتراجع الآن خمسة أضعاف ما كانت عليه في مناخ مستقر، مضيفاً أن هذا «نتيجة للاحتباس الحراري الناجم عن زيادة الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الفحم والنفط والغاز».