تعيش الجزائر منذ الأشهر الأخيرة على إيقاع موجة الإقالات في صفوف الجيش، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات، خصوصا وأن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية، وسط دعوات بتخلي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة. وأدت ما أسمته الصحف الجزائرية « فضيحة الكوكايين » إلى الإطاحة بمسؤولين كبار في الدرك والأمن، وشملت هذه العملية كل من الجنرال عبد الغني الهامل المدير العام السابق للأمن لوطني، وقائدي الناحية العسكرية الأولى والثانية. كما شملت هذه الإقالات كل من مدير أمن الجيش محمد تيرش والمراقب العام للجيش اللواء بومدين بن عتو. وبررت وزارة الدفاع الجزائرية هذه الإقالات بإعادة هيكلة وتحديث وتشبيب المؤسسة العسكرية. واعتبر محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن هذه الإقالات تثير العديد من علامات الاستفهام والتساؤلات، لاسيما وأن » الإسهال الحاد » في هذه الإقالات شمل مراكز حساسة في الدولة ». وتوقع الزاهروي في تصريح ل »فبراير » أن »يستمر مسلسل الإقالات الذي من المتوقع أن يستمر خلال الأيام القادمة »، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحيل على فرضيتين أساسيتين ». وبخصوص الفرضية الأولى، قال الزهراوي إن « موجة الإقالات ما هي إلا محاولة استباقية لترتيب البيت الداخلي، والاستعداد للانتخابات الرئاسية لسنة 2019، بحيث تسعى المؤسسة العسكرية في ظل « فراغ كرسي الرئاسة » إلى تقوية وتحصين نفسها من الارتدادات، التي من المحتمل أن تقع في حالة فشل المرحلة الانتقالية – ما بعد بوتفليقة- ، وذلك من خلال احتواء قيادات جديدة وإبعاد مختلف القيادات المرتبطة بعهدة الرئيس الحالي. وزاد قائلا » بمعنى أن هذه الإقالات هي خطوة استباقية لشرعنة وتقوية الدور المحتمل للجيش في انتقال السلطة، لاسيما وأن استقدام وتحمل المسؤولية من طرف وجوه جديدة يمكن أن يؤجل أو يحول دون وقوع اصطدام مباشر بين المؤسسة العسكرية والطبقة السياسية في المستقبل من جهة، أو مع الشعب من جهة أخرى، لذلك، فالخطوات المعتمدة منذ عجز ومرض الرئيس بوتفليقة غايتها التخلص من » جيل العسكريين » المرتبطين بعشرية الدم أو الحرب الأهلية، التي عاشتها الجزائر خلال التسعينات من القرن الماضي ». أما فيما يخص الفرضية الثانية، فاعتبر المتحدث نفسه أن » هذه الإقالات ترتبط بسياقات وظروف معينة، وبالتحديد بفضيحة ما بات يعرف « بفضيحة الكوكايين »، وقد أبانت هذه القضية عن مجموعة من الحقائق، سواء حجم الفساد المستشري في مؤسسة الجيش، أو الصراع الخفي بين عدة أجنحة في مربع السلطة ». وسجل الزهراوي أن « النخبة الحاكمة في الجزائر والممثلة في كل من سعيد بوتفلية شقيق الرئيس ووزير الدفاع قايد صالح، تحاول حاليا أن تتخلص من الأصوات المزعجة والمنافسة داخل الجيش، بحيث تسعى هذه النخبة إلى إبعاد قيادات الصف الأول، موظفة في ذلك ورقة تطهير وتشبيب المؤسسة، حتى يتسنى لها إدارة مرحلة ما بعد بوتفليقة بكل حرية، ومن ثم تفادي أي تمرد أو عصيان محتمل داخل المؤسسة ».