قال سعيد بنيس، أستاذ العلوم الإجتماعية، بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن السياق العام للسياسة الثقافية تم التعاطي معه من خلال حقلين الحقل الاول يحيل إلى سياق خارجي عبر ثنائيات التعدد اللغوي والتنوع الثقافي والمحلي في مواجهة العوامة. وأضاف بنيس أنه تم ربط الثنائية الأولى ( ثنائية التعدد اللغوي والتنوع الثقافي) بالتثمين الاقتصادي والإيديولوجي لهاذين الجانبين لا سيما أن الحسابات الايديولوجية والاقتصادية تشكل الرهان الأساسي بين الموالين للتعدد والمدافعين عن الوحدة وتابع قائلا » مما يدفع للتساؤل عن التداعيات الهوياتية والنزوغات اللغوية في علاقتها بالسوق اللغويةالمغربية. (الدارجوفوليا – الفركوفيليا – الامازيغوفوليا – العربوفيليا – الانجليزوفيليا مع انسحاب اللغة الاسبانية من التافس) » ويرى بنيس أنه « يجب في هذا الصدد ايلاء بعض الأهمية للأبعاد الجيوسياسية لان المغرب أضحى نمودجا في التعددية والتنوع : الإنتقال من الأحادية إلى الثنائية الرسمية اللغوية والتمازج الهوياتي. العراق – الجزائر – ليبيا – تونس – مصر ». أما الثنائية الثانية، يضف المتحدث نفسه، فترصد علاقة السياق الداخلي بتدبير التراتبية اللغوية (المحلية والجهوية) وتحدي سؤال الثقافة والتنمية، فالتراتبية تصطدم بانتقال فجائي من ثنائية غير رسمية (العربية والفرنسية) إلى ثلاثية خارج الزمن الدستوري (عربية –أمازيغية – فرنسية). ويتقاطع مع هذا الإنتقال الاهتمام بالحسانية دون غيرها في إطار تمييز ايجابي يعارض منطق التنوع والتعدد الذي لا يقبل التراتبية ويلغي منطق التمييز السلبي (الجبلية – العروبية – التمازيغت – التشلحيت – التاريفيت)، يقول بنيس. ويظل السؤال المطروح، يضيف بنيس، كيف سيتم الانتقال من دولة التنوع إلى دولة الجهات؟ فثقافة الدولة ستساوي مجموع التعبيرات الثقافية الجهوية مما يحيل على منظومة الحقوق الثقافية واللغوية في علاقتها بالتنمية الجهوية واستعداد الدولة لتقاسم الخيرات الرمزية مع الجهات الترابية لا سيما إذا تم الاحتكام إلى المنطوق الدستوري في شقه المتعلق بحظر ومكافحة كل اشكال التمييز، مما يستدعي استشراف اعتماد الدولة المغربية في المستقبل مبدأ الحياد اللغوي والثقافي . ومضى أستاذ العلوم الاجتماعية يقول » وفي هذا السياق يتوجب اجتناب توظيف بعض الأنساق المفاهيمية فيما يتعلق بالشأن الثقافي واللغوي من قبيل « اللغتين الوطنيتين » لأنها تتعارض كليا مع المنطق والتوجهات الدستورية التي اختارت نسق « اللغة الرسمية » وليس « اللغة الوطنية » لأن كلا المفهومين يحيلان على واقعين مختلفين يمكن ان يكونا متكاملين أو متعارضين حسب السياقات ». ونبه بنيس إلى خطر تكريس ثنائية المغرب الثقافي النافع والمغرب الثقافي غير النافع في غياب دور المواقع الثقافية سيما منها الجامعات في صيغتها الجهوية للرفع وإحياء المنظومة الثقافية المحلية.. وأشار نفس المتحدث إلى أن الانتقال من مواطنة واقعية إلى مواطنة افتراضية أدى إلى انجذاب الشباب إلى مضامين ثقافية افتراضية لها مميزاتها والعدول على مضامين ثقافية واقعية اصبحت متجاوزة لا سيما مع التعاطي الغير المحترف مع الشأن الثقافي في بعض اشكاله منها لا للحصر المهرجانات والصحافة الثقافية.