كان موعد المثقفين والمهتمين مساء يوم السبت 28 ماي 2011 بالقاعة الكبرى للمقر المركزي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بشارع العرعار، مع الندوة الفكرية حول الاشكالية اللغوية والهوية, التعديلات الدستورية, التي ترأست اشغالها الاستاذة رشيدة بنمسعود، عضو المكتب السياسي, وأطرها الاساتذة: عبد القادر الفاسي الفهري- احمد بوكوس - محمد الشامي، احمد عصيد وعبد الغني ابو العزم وهم كل من موقعه واهتماماته من ابرز المشتغلين على الشأن اللغوي في بلادنا، تفكيرا وتنظيرا وممارسة ميدانية. وكما كان منتظرا - وطبيعيا من هذا اللقاء الفكري الهام الذي استجاب عقده لرغبة عميقة وعارمة، في اذكاء النقاش حول واحدة من القضايا الاساسية المطروحة في سياق الاصلاحات الدستورية المرتقبة، بأن تعدد الرؤى والمقاربات وتباين وجهات النظر ومناطق التركيز والاحتكاك المغربي بين المرجعيات والحساسيات، هو الذي ضبط ايقاع المداخلات وا لمناقشات الفنية التي اعقبتها، لكن، مع هذا وبجانبه فقد بدت الارادة قوية في المضي قدما والتقدم بشكل واضح في مطارحة مختلف القضايا الاشكالية التي يطرحها الموضوع. رشيدة بنسمعود التي قدمت اللقاء، اكدت على وعي الاتحاد بالاشكالية اللغوية والهوية الثقافية، وهو ما يعني ان البعد الثقافي والفكري والمعرفي تبقى عناصر اساسية في بلورة المواقف والسياسات، مؤكدة في ذات السياق على أن الاتحاد يتعامل اليوم مع الهوية الثقافية من منظور تركيبي تعددي، العربية الفصيحة، الامازيغية لغات الحياة، كما ينظر الى الهوية في حركيتها الدائبة وليس كمعطى أنتولوجي جامد. في ذات السياق, اعتبرت بنمسعود وهي تستعرض الادبيات الحزبية خلال مختلف المؤتمرات ان الاتحاد الاشتراكي قطع اشواطا في ترسيخ رؤيته للتحديث الثقافي باعتباره مدخلا ضروريا للتحديث السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والذي يتطلب الربط بين دسترة اللغة الامازيغية وتمكينها من الوسائل والدعم الضروري وتخويل التعبيرات الحقوق المتعارف عليها دوليا في اطار الوحدة الوطنية مذكرة في هذا السياق، بأن ورش المصالحة مع الامازيغية وادماجها ضمن المنظومة التربوية كان واحدا من الاوراش الاساسية التي اضطعت بها حكومة التناوب في مرحلتها الاولى، وذكرت الاستاذة بنمسعود بالحراك الاصلاحي الجديد بعد الخطاب الملكي لتاسع مارس وما تضمنه من مرتكزات. مشددة على أن طبيعة النقاش الهام والساخن يضع البلاد امام خيارات استراتيجية حاسمة، ترسيم الامازيغية، تأصيل العربية، قضية اللهجات، الحد من الحضور المهيمن للفرانكفونية في الادارة، و في الاقتصاد. وقبل أن تعطى الكلمة تباعا للاساتذة المتناظرين ذكرت الاستاذة بنمسعود ان الغرض الاساسي المتوخى من عقد هذه الندوة هو تعبيد مسار اتخاذ القرار الناجع خدمة لطموح اللحظة الراهنة بما تتضمنه من نزوع إلى الإصلاح الديموقراطي والتقدم على درب الحداثة و المصلحة اللغوية الشاملة. مداخلة الاستاذ عبد القادر الفاسي الفهري ركزت على بعض المحاور الاساسية عند تشخيص الوضع اللغوي في المغرب, علاقة بموضوع الاصلاح الدستوري المطروح، حيث ذكر الاستاذ الفهري اننا نعيش في زمن الثورات والغليان الشعبي، بما يلازم ذلك في بعض الاحيان من فقدان الثقة، مذكرا بأن الديموقراطية تنبني على الكرامة وعلى حاجتنا الى الديموقراطية في العلاقات اللغوية، وأن المغرب يعيش وضعا لغويا صعبا ومتأزما، مستعرضا ما يبدو كمظاهر اذكاء العداء للعربية، ومؤكدا على أهمية النهوض بالامازيغية، دون ان تكون ضرة. وبالحاجة الى إعادة الاعتبار للغات كونية اخرى، مثيرا الانتباه الى» العربية المفترى عليها» والتي- العربية - لا ترتبط بقبيلة. مؤكدا كذلك على قيمة التعايش والتسامح اللغوي كقيم ديموقراطية اساسية، يجب ان تحكم التداول في الحقل اللغوي كما في باقي مناحي الحياة، منبها الى مخاطر التطرف اللغوي، التمزيغي كما اللهجي. الاستاذ الفاسي الفهري الذي اكد على مطلب اقامة مجلس اعلى للغات يكون من مهامه، تدبير التوازنات، والذي اكد كذلك على اهمية التدبير السياسي التشريعي بما يضمن اقرار مغربية مركبة تقرن تدبير التعدد بالتسامح والتكامل، مؤكدا انه ليس هناك تنافس بين اللغات على نفس الوظائف وأن الفكر الاستعماري هو الذي اراد ان يدخل البلاد في هذا التنافس، منبها الى مخاطر التطرف، معتبرا ان التطرف لا ينحصر في التطرف الديني، بل قد يطال الحقل اللغوي كذلك. الاستاذ احمد بوكوس، مدير المعهد الملكي للغة الامازيغية، اكد منذ بداية تدخله على ضرورة الجرأة في طرح الموضوع, مذكرا ببعض المنطلقات الاساسية التي عددها في: أ - تنامي الوعي بالذات المغربية وبالهوية المغربية ب - نخبتنا قطعت اشواطا مهمة، على هذا الصعيد, بحيث اننا ابتعدنا عن المقاربة الاحادية للهوية الوطنية واصبحنا نفكر في اطار معرفي يقدم الهوية المغربية كمركب والرافد الاساسي ضمنه كرافد اساسي ج - بلادنا مقبلة على تغييرات جوهرية قياسا الى مفاهيم سائدة ووتيرة التغييرات سريعة وعلينا ضبط هذه الوتيرة باقصى ما يمكن من الحكمة والتسامح. - وذكر الاستاذ بوكوس, باننا في المرحلة الراهنة مطالبون بتغيير اقتناعات متجاوزة تاريخيا, لاننا داخلون في باراديكمات جديدة تفرض علينا حوارا هادئا فلا عداء نهائيا بين اللغة العربية والثقافة العربية والامازيغية, ولا تنازع اطلاقا بين اللغة الامازيغية والاسلام, والذي يقول بترسيم اللغة الأمازيغية لا يقول بدحض اللغة العربية, فنحن بصدد صياغة نموذج حداثي ينسج بين اللغتين والثقافتين وهناك تجارب وممارسات فضلى لابد من الاستئناس بها. ولابد من استثمار الترصيد الثقافي العربي والامازيغي لنبتعد عن منطق الاقصاء,لنقبل بعضنا, قرون مضت ونحن نتعايش، ولا بأس من القول بأن رافدا كان مقصيا ويجب ان يرسم حتى تصان حقوقه. وفي سياق بعض الاشكاليات اللغوية المطروحة اكد الاستاذ بوكوس على التمييز بين الاهلية والجاهزية، تلافيا للخلط، المقصود او غير المقصود الذي يقع عادة بين المفهومين, مذكرا بمسوغات ترسيم اللغة الامازيغية، التي حددها في ستة مسوغات. -المسوغ السياسي، باعتبار الترسيم مطلبا مجتمعيا يرتبط كمطلب بعدد من التنظيمات السياسية وتنظيمات المجتمع المغربي، كون الخطب الملكية الاخيرة تؤكد على كون الامازيغية تقع في قلب الهوية المغربية -المسوغ التاريخي, اهلية اللغة الامازيغية، وتاريخية الحضارة والثقافة الامازيغية من الساحل الاطلسي الى سيوة في حدود مصر. ومن جبال الريف الى تخوم بوركينا فاصو - مسوغ يرتبط بحقوق الإنسان - من ثقافية اليونسكو 2005 الى إعلان فريبورغ 2007 - توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وكلها تؤكد على الحقوق اللغوية. - مسوغ يرتبط بالقاعدة الشعبية: لا يتعلق الأمر بفئات محدودة، بل بشعوب لازالت تتكلم وتبدع في عدد من الأشكال والتعابير الثقافية باللغة الأمازيغية، ما يبرز حيوية اللغة الأمازيغية. - مسوغ مرتبط بالقاعدة الاجتماعية، ذلك أننا لا نتحدث عن أشياء ماضوية, إنا ننظر إلى الأمام، الى المستقبل والمستقبل هو المشترك، هو التجاور والتساكن بين الثقافة واللغة العربية والثقافة واللغة الأمازيغية . - مسوغ مرتبط بجاهزية اللغة الأمازيغية، فإزاء من يقول بتعدد اللغات الأمازيغية كعائق، نقول - يضيف الأستاذ بوكوس - أن هناك منذ 10 سنوات لغة منظمة وأن مسلسل تهيئة اللغة الأمازيغية على مستوى النحو والصرف والنطق والمعجم قطع أشواطا حاسمة بما في ذلك مجال تنميط الكتابة بحرف تيفيناغ [الآلف بائية ] بل إن المعهد تمكن من إحداث ملمس واستعماله لا يطرح أي مشكل، من هنا يخلص الأستاذ بوكوس الى أن ترسيم اللغة الأمازيغية لا يطرح أي مشكل ولا يمثل أية بدعة سياسية. الأستاذ الشامي، قدم ورقة عنونها بمواقف في الترسيم، ذكر في بدايتها بأن عهد التعدد اللغوي انطلق منذ سنة 2001 واعتبرها تجربة مهمة بالنسبة لكل الدول المغاربية ودول الساحل، واعتبر أن دسترة الطابع التعددي للهوية المغربية وفي صلبها الأمازيغية قرار حكيم واختيار ديموقراطي دعمه الخطاب الملكي لتاسع مارس. واعتبر الأستاذ الشامي أن المقاربة التعددية أصبحت لها اليوم مرجعية وهي تختلف جذريا عن المقاربة الايديولوجية للدولة بعد الاستقلال .التوحيد اللغوي. كما تختلف عن المقاربة البلقنية [اللهيجات كما في المتن الانثربولوجي الكولونيالي]. التي سادت خلال المرحلة الاستعمارية. بعد ذلك قام الأستاذ الشامي بتفكيك الآليات - والخلفيات - التي استندت إليها المقاربة التوحيدية اللغوية، وما جرته هذه المقاربة في سياقها من مضمرات إيديولوجية. وعلى صعيد القيم اعتبر الأستاذ الشامي أن المقاربة التعددية هي مقاربة ديموقراطية. وعند استعراض مطلب دسترة اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية شدد الأستاذ الشامي على خمسة مواقف مبدئية، وموجهة وذلك كما يلي: - الموقف الدولي المتعلق بدسترة اللغات، حيث يسجل أن التوجه الغالب فيما هو متعارف عليه عالميا بشأن دسترة التعدد الغوي في بلد ما هو الترسيم، وكل المواقف الأخرى تعتبر شاذة عن هذه القاعدة، وخاصة الموقف الداعي إلى اللغة الوطنية, فهو شاذ لندرته وشاذ في موقفه الاستعلائي المكرس للحيف، وذكر في هذا السياق أنه ما أحوج الأمازيغية الي استلهام نموذج الميز الإيجابي لتحقيق الحد الأدنى من جبر الضرر. - الموقف الثاني يرتبط بالموقف الوطني لدسترة اللغة الأمازيغية, حيث لاحظ الأستاذ الشامي أن التوجه العام الوطني يسير في اتجاه الترسيم. - الموقف الثالث يخص الحماية القانونية للأمازيغية من سياسة الميز واللامبالاة وذكر في هذا السياق بممارسات لوبيات إدارية وسياسية مازالت تتصرف بمنطق الإقصاء معرقلة و لوج الأمازيغية الى الفضاء العمومي. - الموقف الرابع يرتبط بالحاجة الى تكاثف الجهود وضبط الآليات التي من شأنها المحافظة على المكتسبات الأمازيغية في عهد التعدد. وخاصة على مستويين: مستوى المعيارية, أي الانتقال من مستوى التواصل الشفوي الى مستوى الكتابة والتقعيد والتقنين والتوحيد ومستوى النمطية وما ستتبعها بالضرورة من نمطية خطية. أما الموقف الخامس، فيرتبط بحماية ورش الأمازيغية من سوء تدبيره في التعليم والإعلام والحياة العامة. حيث سجل الأستاذ الشامي بعض التراجعات على هذه الصعيد من قبيل ما حصل من تجميد لكل أشكال التنسيق والتقويم وإيقاف أشغال اللجنة المشتركة بين الوزارة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والتقاعس المسجل في إصدار النصوص التشريعية المنظمة للتعليم الأمازيغي باستثناء بعض المذكرات الوزارية القليلة التي تغاضت الأكاديميات عن تطبيقها. الأستاذ عصيد ذكر أننا بصدد سياق غير مسبوق، يتميز بالتوجه العام نحو الحسم، مذكرا أن المغاربة الذين تعبوا من الدونية يريدون تأسيس جديد بضمانات وأنه من غير الممكن الرجوع الى الوراء، وذكر كيف أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم تكن فقط حول ممارسات سياسية، بل كانت هناك كذلك انتهاكات لغوية جسيمة. وأبرز أن اختيار المغرب للنموذج المركزي اليعقوبي هو الذي فسح المجال لنموذج التوحيد اللغوي الذي اعتبر أنه لا يطابق روح وخصوصية المغرب باعتباره بلد الاختلاف والتنوع. وأشار الأستاذ عصيد أن فرنسا مثلا تعرف لغة رسمية ولغات جهوية [البروتان، الأويكستيان ...إلخ] وأنه بالنسبة للمغرب لم يعد من الممكن الحديث عن إطار جغرافي محدد للغة، فعاصمة التشلحيت مثلا هي الدارالبيضاء، والمغرب هو هذه الخريطة الفسيفسائية وأشار الأستاذ عصيد الى أن جلالة الملك محمد السادس قدم طفرة تطورية حاسمة، غير أن الاهتمام بالأمازيغية لم يدستر وأشار إلى أنه لأول مرة توجد لغة معيارية وقد تم إنجاز مقرر دراسي في ثمانية أشهر وبأحدث المقاربات البيداغوجية والعمل الذي انجز على هذا الصعيد، يقول الأستاذ عصيد لا يمكن أن ينجزه إلا مناضلون متحفزون، وذكر أنه لم يقع الانصات اللازم لعلماء اللغة الأمازيغية، وأنه إذا كنا نتحدث عن التهيئة كشرط للترسيم، فالتهيئة موجودة. وفي سياق آخر تحدث الأستاذ عصيد عن الشرعيات الداعمة لمطلب الدسترة، حيث تحدث في هذا السياق عن الشرعية السياسية والتشريعية السوسيوثقافية و الشرعية الحقوقية الدولية، وذكر كذلك الطابع الاعتدالي للاسلام المغربي، فأئمة المساجد في منطقة سوس مثلا، تاريخيا هم كذلك ما يستروات أحواش. وكخلاصة أساسية انتهى الأستاذ عصيد إلى أن ترسيم اللغة الأمازيغية سيعيد تشكيل الهوية الوطنية وسيعيد التوازن الى الشخصية الثقافية المغربية, مطمئنا كل الأصوات الخائفة، الخافتة في تخوفاتها بأن اللغات والثقافات والحضارات لا تتصارع وأن الإيديولوجيات السياسية هي المجبولة على الصراع. الاستاذ عبد الغني ابو العزم, قدم ورقة بعنوان «جدلية الاصلاح الدستوري ومعالجة تدبير التعدد اللغوي»، حيث اعتبر ان المسألة اللغوية تبرز بقوة خلال مراحل التحول لما تشكله من اهمية قصوى, نظرا لارتباطها بالتاريخ و الهوية والقيم والانتاج والمعرفة, واعتبر التعدد اللغوي احد مكونات الهوية الوطنية وان الوعي بقيمة حقوق المواطنة وفي مقدمتها الحقوق اللغوية أصبح عاملا فعالا لتجاوز الاهداف المبيتة الساعية لاقصاء اللغات الوطنية أو تهميشها وابعادها على الممارسة في الحياة العملية والمعرفية. وعندما نتحدث عن الهوية في مضامينها الشمولية - يضيف الاستاذ ابو العزم- ننطلق من مفهوم خاص ومفهوم عام، فالخاص ذو حالات فردية غير قابلة للاقصاء او التهميش، و العام ذو رؤية جماعية، ومابين ا لمفهومين يتشكل ماهو مشترك ولا يلغي الحق في الاختلاف والتنوع والتعدد وهوما يقوي الفعالية المطلوبة لحماية الهوية المشتركة وابعادها المتنوعة. وذكر الاستاذ ابو العزم بالاجماع الوطني الحاصل والراغب في دسترة اللغات الوطنية العربية والامازيغية بلهجاتها الريفية، وأمازيغية الاطلس المتوسط و السوسية والحسانية في الاقاليم الصحراوية, مع الاشارة الى ما يطرحه مفهوم الدسترة من اشكالات قانونية وتشريعية معددا بعضا من هذه الاشكالات التي تواجه المشرع الدستوري اليوم، ومعبرا عن قناعته، بعد استعراض النماذج المتعددة القائمة في مختلف البلدان، عن صعوبة التعميم والنمذجة. مشيرا الى أن القاعدة العامة في اغلب دول العالم تعتمد ترسيم لغة واحدة او لغتين لما تشكله من هوية لغوية مشتركة مع وجود لهجات وطنية لها مجالاتها للتداول ولا تلغي الخصوصية. وخلص الاستاذ ابو العزم الى أ ن ما ينبغي الدفاع عنه ينحصر في نهاية المطاف في البحث عن عناصر التقارب بين التوحد والتعدد في اطار الوحدة الوطنية والتصالح مع الذات وذلك تكريسا للسمات التي ميزت المجتمع المغربي تاريخيا و جعلته على امتداد اربعة عشر قرنا محافظا على روابطه الاجتماعية في جهاته واقاليمه ثقافيا وحضاريا ودينيا. النقاش الذي اعقب عروض السادة الاساتذة مؤطري الندوة والذي استمر ازيد من ساعتين شارك فيه ازيد من 20 متدخلا، كان غنيا ومتشعبا وتميز بالهدوء الذي أبان عن تجاوز الانفعال او الطروحات الدراميكية التي كانت تميز المناقشات سابقا كلما طرحت قضية الوطننة او الترسيم بخصوص اللغة الامازيغية، مما يبين تطورا نوعيا على هذا الصعيد. وقد استأثر محور الجاهزية للترسيم بجزء كبير من المناقشة، كما قدم العدد من المتدخلين تصوراتهم ومواقفهم وخلاصات تجاربهم فيما يتعلق بعدد من الجوانب التقنية التي اظهرها اعتماد اللغة الامازيغية في سلك التعليم. تدخلات اخرى اشارت الى العلاقات الديناميكية والمتشابكة بين ثلاثي اللغة - الثقافة - الحضارة - الهوية. وفي ردود الاساتذة مؤطري الندوة على التدخلات, تبين أن الحوار العقلاني خلال هذه الجلسة سمح بسجال رفيع المستوى بين المتناظرين، وفتح افاق تفكير متجدد في الموضوع.