طغتِ اللغة العربية الفصحى والدارجة على الحمْلة الانتخابيّة للانتخابات الجماعية والجهوية التي جرتْ بالمغرب يوم الجمعة الماضي، ثمَّ اللغة الأمازيغية، في حينِ أنَّ اللغة الفرنسية كانتْ شبْه غائبة عن الحملات التواصلية للأحزاب السياسية المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية. وخَلُص تقرير أعدّهُ مركز الأبحاث والدراسات في العلوم الاجتماعية بشراكة مع المنتدى المدني الديمقراطي المغربي حوْل الانتخابات الجماعية والجهوية إلى أنَّ أغلبَ الأحزاب السياسية المغربية لم يحترم في مضمون الحملة الانتخابية مقتضيات دستور 2011، الذي نصّ على التنوع الثقافي والازدواجية اللغوية. وقالَ سعيد بنيس، الباحث بمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية إنَّ الحملات التواصلية الافتراضية للأحزاب السياسية "شكّلت تراجعا إلى ما قبل دستور 2011"، على مستوى التحديات الثقافية واللغوية والهوياتية، وأعادت منظومة الأحادية اللغوية والثقافية، وألغت منطق التعدد والتنوع، المنصوص عليه في الفصل الخامس من الدستور. وفي مقابل طغيان استئثار اللغة العربية الفصحى والدارجة بحصة الأسد من حملة تواصل الأحزاب مع الناخبين، سجّل التقرير "إزاحة اللغة الفرنسية من السوق اللغوية في العالم الافتراضي"، ويرجع ذلك إلى لكونها لغة أجنبية، وعدم ملائمتها مع الطابع المحلي للاستحقاقات الانتخابية. وأنْفقتِ الأحزاب السياسية المغربيّة ملايين الدراهم على حملاتها التواصليّة مع الناخبين في عالم الويب. ووصل المبلغ المالي الإجمالي الذي أنفقه حزب الاستقلال على حملته 21 مليون درهم ونصف، تلاهُ حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة بأكثر من 12 مليون درهم، في حين أنفق حزب الاتحاد الاشتراكي 11 مليون درهم، حسب المعطيات التي تضمّنها التقرير. وعلى الرّغم من أنَّ الأحزاب السياسية المغربية التي خاضتْ غمار الانتخابات الجماعية والجهوية كثّفتْ حملاتها التواصلية مع الناخبين على مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية، إلّا أنَّ معظم الوصلات الانتخابية "كانتْ نمطية"، وعزا التقرير ذلك إلى انعدام الخلق والابتكار على مستوى المنطق التواصلي. ولم يكن مضمون الحملات الانتخابيّة الافتراضية مختلفا عن مضمون الأوراق التي وزعتْها الأحزاب السياسية على الناخبين طيلة أيام الحملة الانتخابية، "ليس هناك أي إبداع أو تنافس فنّي على مستوى التقديم"، يقول سعيد بنيس، وأضاف: "الأحزاب السياسية عمدتْ إلى بثِّ المهرجانات الخطابية لزعمائها مباشرة، عوض شرح البرامج الانتخابية".