تكتسي الدورة الخريفية لمجلس المستشارين أهمية بالغة اعتبارا لطبيعة مخطط العمل الذي سطرتم، ماهي رهانات المجلس خلال هذه الدورة على المستوى التشريعي؟ جدول أعمال مجلس المستشارين خلال هذه الدورة مكثف وغني، هناك عددا من مشاريع القوانين التنظيمية والعادية الهامة قيد الدرس، منها القانون الرامي إلى تفصيل أحكام الفصل 133 من الدستور المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، والقوانين التنظيمية( التي ننتظر إحالتها على مجلسنا )والمتعلقة بالإضراب، وإضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، فضلا عن قوانين تهم: التغطية الصحية، والتنظيم القضائي، ومكافحة العنف ضد النساء، والحق في الحصول على المعلومات.. هذا إلى جانب مساهمة الفرق والمجموعات البرلمانية التي بلغت 36 مشروع مقترح قانون، سيعمل المجلس على برمجتها بتنسيق مع الحكومة قصد تفعيل مقتضى الفصل 82 من الدستور المتعلق بالجلسة الشهرية الخاصة بمقترحات القوانين. كما ان المجلس ينكب على المراجعة الاخيرة لنظامه الداخلي لملاءمته مع المستجدات الدستورية والممارسات الفضلى. كيف يمكن للغرفة الثانية أن تغطي الضعف المسجل في مسألة مراقبة أعمال الحكومة؟ بداية يجب التأكيد أن المجلس يقوم بدور رقابي متميز انسجاما مع ما ينص عليه الدستور وطبقا لمقتضيات نظامه الداخلي. وعلى المستوى الرقابي لدينا، خلال هذه الدورة، برنامجا مكثفا. فالمجلس بصدد تشكيل لجنتين لتقصي الحقائق حول المكتب المغربي للسياحة، وترخيص الحكومة باستيراد النفايات، وذلك بعد استكمال الشروط القانونية. كما أن مكتب المجلس أحدث آلية لرصد التزامات الحكومة في جلسات الأسئلة الشفهية، وسنعمل خلال هذه الدورة على موافاة الفرق والمجموعات البرلمانية بقاعدة المعطيات المرصودة بغرض استثمارها في العمل الرقابي للمجلس. إضافة إلى أن المجلس كذلك، بصدد توفير الإمكانيات اللازمة للجان الدائمة قصد القيام بالمهام الاستطلاعية في أحسن الظروف، علما اننا توصلنا بمجموعة من الطلبات من لدن الفرق والمجموعات البرلمانية للقيام بمهام استطلاعية حول قضايا راهنية وهامة. كما لدينا طلبات للإستماع إلى عدد من الوزراء حول قضايا مهمة. وبخصوص تقييم السياسات العمومية، قامت المجموعة الموضوعاتية المختصة تحت إشراف مكتب المجلس السنة الماضية، بتجميع عدد من المعطيات حول مرافق الصحة والتعليم والمراكز الجهوية للاستثمار، وستنكب خلال السنة الجارية على الانتقال إلى عين المكان واستقبال الهيات المدنية والخبراء والمختصين..لإنجاز تقارير جهوية حول كيفية سير هذه المرافق ومدى استجابتها لتطلعات وانتظارات المواطنين. وبهدف الارتقاء بالعمل التشريعي والرقابي لأعضاء المجلس، أطلقنا بموجب اتفاقية ثلاثية مع جامعة محمد الخامس بالرباط ومؤسسة ويستمنستر للديمقراطية، برنامجا للمساعدة البرلمانية، سيمكن من تعبئة 38 مساعدا برلمانيا من بين الطلبة الشباب المسجلين بسلك الدكتوراه، في انتظار تعبئة 20 مساعدا برلمانيا إضافيا بدعم من مؤسسة كونراد اديناور الألمانية. وللإشارة فإن هذه المبادرة تمثل سابقة في العالم العربي، وستمكن ليس فقط من توفير الدعم الفني والتقني لأعضاء المجلس في مزاولة مهامهم، وإنما ستمكن أيضا من تعزيز المشاركة السياسية لنخب من الشباب على امتداد ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وفي إطار دعم وتقوية قدرات مجلس المستشارين في مجالات التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية، وقع المجلس المستشارين اتفاقية مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحدد إطارا للتعاون بين المجلسين فيما يتعلق بمواكبة المجلس الاقتصادي لأشغال ومبادرات مجلس المستشارين، وبمآل الآراء التي يدلي بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إما بطلب من مجلسنا أو بمبادرة منه في إطار الإحالة الذاتية. وهي اتفاقية تدشن لمرحلة جديدة للتعاون بين المؤسستين الدستوريتين، في سبيل شراكة ناجعة تلتقي فيها أعمال وأهداف المجلسين. وتتوخى بلورة مخطط عمل سنوي يهم المشاريع المرتبطة بالجهوية المتقدمة، والعدالة الاجتماعية، والعدالة المناخية، والتنمية المستدامة، وهي مجالات راكم فيها المجلسان تجربة ذات بعد دولي. وسيقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بموجب هذه الاتفاقية، بدعم أشغال مجلس المستشارين بكل الآراء والدراسات المطلوبة وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، وبموافاة مجلس المستشارين بكل الآراء والدراسات التي ينجزها المجلس الاقتصادي في إطار الاحالة الذاتية. كما سيقوم بالاستجابة لطلبات مجلس المستشارين بتقديم عروض أمام اللجان الدائمة والمؤقتة من أجل تقديم الشروحات والتوضيحات اللازمة بشأن الآراء والدراسات والتقارير المنجزة من طرفه، سواء ضمن اجتماعات اللجان أو ضمن ندوات أو لقاءات دراسية. ما هي أولويات المجلس على مستوى الديبلوماسية البرلمانية والانفتاح على محيطه؟ أجندة المجلس على مستوى العمل الديبلوماسي خلال هذه الدورة متنوعة، هامة وغنية. سنشتغل على مجموعة من المبادرات النوعية على مختلف الواجهات والمستويات الجيوستراتيجية، سعيا منا الى الارتقاء بالعمل البرلماني الدبلوماسي ليكون مواكبا للمبادرات والتوجهات الاستراتيجية للخطب السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كمرجعيات أساسية ومنطلقات جوهرية. ومن ضمن هذه الأولويات، مواصلة تنزيل المخطط الاستراتيجي لمجلس المستشارين الخاص بإفريقيا من خلال تقوية العلاقات مع برلمانات الدول الإفريقية الصديقة، في ضوء ترسيم انضمام البرلمان المغربي لبرلمان عموم افريقيا كمحفل افريقي هام واقتحام معاقل أخرى، لاسيما على مستوى افريقيا الانغلوساكسونية. وهذا يحيلنا على الأولوية الثالثة، المتمثلة في تنزيل برنامج العمل الذي اعددناه لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في افريقيا والعالم العربي التي نحظى برئاستها، حيث ستكون الرابطة منطلقا هاما من أجل تحقيق تعاون أوثق مع الدول الإفريقية، بالإضافة الى ربط جسور التعاون مع العالم العربي من جهة وأمريكاالجنوبية من جهة أخرى في إطار التعاون جنوب – جنوب وكما أكد جلالة الملك في رسالته بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبيرو على « ضرورة إقامة شراكة طموحة تربط ما بين العالم العربي وافريقيا ودول أمريكاالجنوبية في إطار التعاون جنوب-جنوب ». ثم هناك اولويات أخرى جد هامة، تتعلق بتفعيل بعض الاتفاقيات التي ابرمناها مع برلمانات أمريكا اللاتينية(برلمان الشيلي، مجلس الشيوخ الارجنتيني)، وكذا التزامات من أجل بلورة اتفاقيات مماثلة (مجلس الشيوخ البرازيلي..)، كما أن هناك اتفاقيتين هامتين مع كل من برلمان أمريكا الوسطى من خلال برنامج عمل في شكل خارطة طريق هامة والفوبريل، منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية في أمريكا الوسطى والكارايبي الذي نحضر لاحتضان اجتماعه المقبل بمقر البرلمان المغربي خلال الفترة الممتدة من 13 إلى 17 نونبر المقبل. مع التذكير هنا ان مجلس المستشارين أطلق مبادرة تهم ارساء « منتدى برلماني افريقي امريكو لاتيني »، كإطار للعمل المشترك والحوار المثمر، وآلية للترافع لصالح قضايا وشعوب القارتين الإفريقية وأمريكا اللاتينية. وقد عرف هذا المشروع تقدما كبيرا، حيث عقدنا مشاورات مع برلمانات عديدة بافريقيا وأمريكا اللاتينية، رحبت جميعها بهذا المشروع، كما تم عرضه على أنظار رؤساء وممثلي البرلمانات بالاتحاد البرلماني الدولي المنعقد بروسيا، وقبل ذلك على رؤساء مجالس الشيوخ على هامش احتضان مجلس المستشارين للمؤتمر العاشر للرابطة، كما أن برلمان الشيلي قام هو الآخر في نفس الإتجاه بعمل مماثل هام بامريكا اللاتينية. ونستعد لترجمة هذه المبادرة التي أصبحت، اليوم ملكا للجميع، بعد أن تملكتها العديد من البرلمانات اعتبارا لأهميتها بالنسبة لشعوب القارتين: إفريقيا وامريكا اللاتينية. كذلك نسعى الى اطلاق دينامية متميزة في علاقات التعاون بين مجلس المستشارين والجمعية البرلمانية لمنظمة الامن والتعاون في أوروبا في اطار وضع « شريك من اجل التعاون »، ومواكبة لعلاقات التعاون التي تجمع المملكة المغربية بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأمن والهجرة ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. وقد زارتنا مؤخرا السيدة كريستين ميتونن، رئيسة الجمعية البرلمانية المذكورة، كما أن المجلس احتضن ندوة هامة حول ظاهرة انتشار التطرف العنيف والاستراتيجية الكفيلة بالحد من استقطاب وتجنيد المنظمات الإرهابية للشباب، وقد كانت مناسبة للوقوف على التجربة المغربية الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، باعتبارها نموذجا عرف نجاحا كبيرا وإشعاعا إقليميا ودوليا، وعلى المجهودات التي بذلتها بلادنا في ما يخص تجديد الحقل الديني ودوره في محاربة التطرف العنيف. وفي إطار تنويع الشراكات على صعيد القارة الأوروبية، سنواصل تعزيز علاقاتنا مع دول هامة على المستوى الشرقي كجمهورية سلوفينيا، حيث استقبلنا مؤخرا رئيس مجلس الشيوخ لهذا البلد الهام على رأس وفد هام بناء على دعوة وجهناها له سابقا، وأبرمنا اتفاقية تعاون مع مجلس الشيوخ السلوفيني تدشن لمرحلة جديدة في مسار التعاون المؤسساتي مع برلمان هذا البلد، مما سيتيح لنا الفرصة لتنسيق المواقف في العديد من القضايا الهامة سواء على المستوى الثنائي أو على صعيد المحافل القارية والدولية، لاسيما منها الأوروبية كالبرلمان الأوروبي. وفي نفس السياق، نسعى جاهدين الى تكثيف الشراكة وابرام المزيد من مذكرات التفاهم مع المجالس المماثلة مع دول هامة بالنسبة لبلادنا، مع العلم ان لدينا اليوم اتفاقيات مع برلمانات كلا من البوروندي وروندا ومدغشقر والشيلي والأرجنتين وسلوفينيا، فضلا عن اتفاقية مع برلمانات دول أمريكا الوسطى. ولدينا مشاريع قيد الانجاز للتوقيع على اتفاقيات مع برلمانات أخرى. لكن ما هي أولوياتكم على مستوى انفتاح المجلس على محيطه؟ أطلقنا مجموعة من الأوراش الهامة والنوعية، لعل أبرزها تلك التي تهم استكمال الحوار العمومي حول قضايا العدالة الاجتماعية، إذ سنعمل على مواصلة التركيز على هذا الموضوع الذي حظي المجلس بشأنه بتكليف ملكي كما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في النسخة الثانية للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية. وقد اخترنا للنسخة الثالثة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، التي سينظمها المجلس بتاريخ 20 فبراير 2018، موضوع (مراجعة النموذج التنموي: مدخل لتقليص الفوارق المجالية). وهو ما سيمكننا من تكريس تفاعل المجلس مع الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، الذي تضمن توجيهات واضحة وصريحة بضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي المعمول به ببلادنا، والذي استنزف كل إمكانياته. وبنفس القدر من العزم على التفاعل مع مضامين الخطاب الملكي السامي، سنعمل على تفعيل أحد الأهداف الاستراتيجية الواردة في خطة عمل المجلس للفترة الممتدة من 2016 إلى 2018 والمتمثل في إحداث منتدى برلماني سنوي للشباب. واعتبارا للبعد الاستراتيجي لورش الجهوية المتقدمة، ولكون المجلس يعد رافعة مؤسساتية من شأنها الإسهام في تسريع تنزيل هذا الورش، ننكب على التحضير للنسخة الثانية للملتقى البرلماني للجهات يوم 16 نونبر 2017، انطلاقا من طموحنا في جعل مجلس المستشارين كامتداد الجماعات الترابية، صوتا للجهات بامتياز. وفي هذا السياق، ستكون النسخة الثانية للملتقى البرلماني للجهات المنظم مع الشركاء المؤسساتيين الوطنيين، مناسبة لملامسة مجموعة من القضايا التي تهم الرفع من وتيرة تنزيل هذا الورش، وأيضا تقييم حصيلة سنتين من تجربة ورش الجهوية المتقدمة، بغية تحديد أولويات المرحلة المقبلة وكذا الإطار القانوني والتشريعي والموارد التي يجب وضعها رهن إشارة المجالس الجهوية لتسريع الخطوات في طريق جعل الجهوية المتقدمة حقيقة ملموسة. وجدير بالذكر، أن تنظيم هذه المنتديات والملتقيات يندرج ضمن تنفيذ الهدف الاستراتيجي الثالث ضمن خطة عمل المجلس، والرامي إلى جعل مجلس المستشارين فضاء حاضنا للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي. كما نشتغل في على اوراش اخرى لها أهمية كبرى كالعدالة المناخية، وأهداف التنمية المستدامة…بتعاون مع المؤسسات الوطنية وبدعم شركاء مجلس المستشارين على المستوى الدولي الذين وضعوا ثقتهم الكبيرة في مجلسنا بعد ان اقنعوا بقيمة ونوعية ومصداقية برامج عملنا