يميل المصابون بالتوحد عادة إلى العزلة والإنطواء، إلا أن كثيرين منهم تحدوا مرضهم، واشتهروا في مجالات عدة، فبصموا قصص نجاح مبهرة. آية الإنسانة: هي آية الصوفي، ذات الثانية عشر ربيعا، إبنة مدينة آسفي، نشأت وترعرعت وسط أسرتها بعيدا عن فوضى المجتمع، إكتشفت أمها توحدها خلال عامها الأول ولأن مدارس عديدة رفضت إحتضانها، درست وتعلمت أبجديات الرسم والحروف في جمعية أنشأتها والدتها لفائدة الأطفال المتوحدين. ابتسامة آية الصوفي بعد ثلاث سنوات، توقفت عن الدراسة بالجمعية، فولجت مدرسة خاصة، هي الوحيدة التي تقبلت آية بصدر رحب، رغم مرضها وإضطراباتها النفسية. آية الفنانة: تم إكتشاف موهبة الرسم لديها في سنتها الخامسة، ثم طورتها بإستخدام الفن الرقمي، الذي وجدت فيه والأطفال أمثالها الضالة والمتنفس لخلق فضاء يعبر بدقة عن أفكارها وأحلامها ويخرجها من عزلتها الإجتماعية. تجلس آية فوق كرسي مكتبها الصغير، تمسك ريشة تطبيقها الرقمي، وتغوص في عالمها الخاص لتتفنن في رسم لوحات فنية بإستخدام برنامج (بانت) المعروف على أجهزة الكمبيوتر، بإبتسامتها البريئة المرسومة دائما على شفتيها، تستنبط من مخيلتها إبداعات تفوق الخيال. لوحات الطفلة آية الصوفي هي الصغيرة القوية، الفنانة المبدعة، المتحدية لمرضها بإبداع، تمكنت من رسم مسارها الفني بخطوات ثابتة، وبرهنت عن قدرة الموهبة كطاقة إيجابية على إكتشاف الجميل والكامن في الذات الإنسانية رغم التوحد، وأبانت عن تأثير تشجيع الأسرة ودعمها النفسي في إخراج الطفولة، من حالات يظل فيها الطفل حبيس غرفته ومعيقاته. براعتها في الرسم وجمالية حسها الفني، أتاحت لها فرصة تنظيم معارض فنية عديدة بفضاءات مختلفة بالمدينة، كمدينة الفنون والثقافة، قاعة أطلنتيد، والرابطة الفرنسية، كما لقيت إنجازاتها الفنية تجاوبا كبيرا من طرف المتتبعين والرسامين التشكيلين، الذين أثنوا على قدراتها الفنية وتنبؤوا لها بمستقبل مشرق في عالم الرسم الرقمي. تمكنت آية من التمرد على الإكراهات التي إعترضتها، فصنعت بفضل دعم ومواكبة أسرتها الصغيرة شهرة ومجدا فريدين، وغدت أسطورة البراءة المتقدة تحديا لهيكل مرض إسمه التوحد. لوحة من لوحات آية الصوفي لوحة من لوحات آية الصوفي