توالت تدوينات قيادات حزب العدالة والتنمية، فتوالت معها الشكوك وردود الفعل والتخمينات غير المطمئنة من جهة ثم التدوينات الاحتفالية من جهة أخرى خاصة التي جاءت بها كتائب الإتحاد الإشتراكي. فمن جهتها عبرت أمينة ماء العينين بحزن يحمل في باطنه أكثر مما كشفت عنه القيادية البيجيدية حينما قالت أن الضغط الذي يتعرض له حزب العدالة والتنمية يجعله في وضع صعب جدا وأن إعفاء الأمين العام لم يكن أبدا سهلا على الجسم الداخلي للحزب، مضيفة « نعترف أن الضربات المتتالية التي تلقيناها منذ قبل الانتخابات إلى الآن كانت صعبة لكنها بالتأكيد ستقوينا « . وعبرت ماء العينين عن تشبث الحزب بخيار النضال، دون أن تشير إلى تفاصيل هذا النضال، لكنها قالت أنه » لأجل الوطن و لأجل كل الذين وضعوا فينا ثقتهم، وطن يحظى فيه الجميع بالعدالة و الانصاف و الكرامة و الحقوق و الحريات. وطن يحترم ارادة أبنائه و يصونها، وطن يؤمن بالديمقراطية خيارا حقيقيا ونهائيا ». تركت ماء العينين علامات استفهام خلفها وتركت الباب مفتوحا على مصراع التأولات، ولم تخبرنا عن شكل هذا الوطن الذي يؤمن بالديمقراطية خيارا نهائيا، هل هو الوطن الذي تقبل فيه الأحزاب إملاءات جهات أخرى، أم أنه الوطن الذي تحكمه تحالفات متناقضة أم أنه الوطن الذي يصمد فيه الحزب الأول أمام ما رسمه وما سطرته مؤسساته، أم ماذا بالضبط. قبل أن يجد هؤلاء المتسائلون إجابات عن أسئلتهم، أعاد سليمان العمران نائب الأمين العام لحزب المصباح، قصة صلح الحذيبية للواجهة، وأخبر المغاربة أن » إرادة الشعب المغربي يوم 7 أكتوبر وتوجه المجلس الوطني يوم 19 مارس الجاري أن نرأس الحكومة لا أن نكون في موقع آخر ما لم يكن جلب المصلحة ودرء المفسدة مرجوحا لا راجحا« ، مؤكدا أن الطريق الى ذلك يقتضي إحسان التقدير بحسن قراءة السياقات والمآلات والاعتبار بما وقع في محيطنا الإقليمي قبل 3 سنوات، بإعمال القواعد الشرعية في بناء التحالفات ومنها قول ابن عقيل، السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وان لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم أو نزل به وحي »، وكذلك استدعاء حديث حلف الفضول في الجاهلية الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم « لقد شهدت مع عمومتي في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت » ثم دروس صلح الحديبية. لابد من التوقف هنا قليلا، كما فعل كثيرون ممن قرؤوا تدوينة نائب عبد الإله بنكيران، من يقصد العمراني بطرفي الصلح، من هم « الكفار » ومن هم « المسلمون » في هذه النازلة السياسية، العمراني هنا كان يتمم المعنى لماء العينين التي تحدثت عن تشبث حزبها بالعمل لصالح الوطن الذي يؤمن بالديمقراطية، لعل قصد أمينة هو أن الحزب الذي ضغطته « آلة الضغط الخفية » في المغرب لا يمكنه أن ينصرف من سدة الحكم إلى حلبة المعارضة مراعاة لمصلح الوطن لأن وكما أضاف العمراني هذه مطالب الشعب يوم 7 أكتوبر، ولأنه المحيط الإقليمي وخروج العدالة والتنمية للمعارضة وترك الجمل بما حمل معناه تعريض الوطن لهزات قد لا تحمد عقباها، حسب منظور العدالة والتنمية. بعد كل هذه الإشارات الواضحة، أسدل كتائب الإتحاد الإشتراكي ستارها على آخر نقطة ريب تدور في ذهن من يشكون في إمكانية قبول حزب الإتحاد الإشتراكي ضمن الأغلبية الحكومية المقبلة، رغم 6 أشهر من « أداء القسم » الذي كرره بنكيران ومؤسسات حزبه، وتأكيدهم أن الحكومة مفتوحة أمام مكونات الأغلبية السابقة و « انتهى الكلام »، « أسدلوا الستار » بتدوينات تبارك للمغرب ما سيسمعه المغاربة قريبا عن تشكيل حكومتهم. الآن وبعد إعفاء بنكيران من منصبه، حزن صقور البيجيدي، وسيزداد « أسفهم » إذا ما كسر العثماني وإخوانه زجاجة شروط بنكيران أمام أخنوش، وبدا ذلك واضحا من خلال ردود فعلهم الغاضبة على منصات الفايسبوك بعدما راجت أخبار تنازل البيجيدي، وسيتأكد أصحاب نظرية، « تفتيت الأحزاب » أنهم على صواب، وسيختمون تدويناتهم ب « التاريخ يعيد نفسه..هكذا فعلوا مع الإتحاد الإشتراكي ».