أثارت موجة ترحيل المهاجرين الأفارقة من دولة الجزائر استياء المنظمات الحقوقية، ومراقبين أجانب، اعتبروا الخطوة تزكية لخطاب الكراهية والعنصرية اتجاه الأفارقة، وضربا لحقهم في اللجوء ضمن ظروف إنسانية. خطوة تهجير الأفارقة سواء كانت بمراعاة المعايير الدولية وفي ظروف إنسانية، أو بشكل تعسفي، فقد منحت ورقة رابحة للمملكة المغربية، حيث سارع العاهل المغربي إلى إرسال مساعدات إنسانية للمرحلين، كما أعقب ذلك قرار تسوية وضعيتهم، في نسخته الثانية، بعدما سبقته النسخة الأولى سنة 2014، فهل احتضان المغرب للأفارقة فرصة أم نقمة؟ فتح الحدود وغياب بنية الاستقبال يرى مراقبون، أن فتح المغرب لحدوده في وجه المهاجرين الأفارقة خطوة متسرعة، كما كانت خطوة خروجه من الاتحاد الإفريقي أكثر تسرعا، ومن شأنها تهديد الأمن الصحي للمواطنين المغاربة، والإستقرار الداخلي للمغرب، الذي وصف بمغرب الاستثناء بعد موجة الربيع الديمقراطي التي اكتفت بزعزعة أشجاره وعدم اقتلاعها كما حصل مع العديد من دول المنطقة. أسئلة كثيرة، تلك التي طرحها العديد من المواطنين المغاربة الذين استفاقوا مؤخرا على طوابير الأفارقة المطالبين ببطاقات الإقامة، كان أهمها، كيف يتم السماح بدخول عدد كبير من الأفارقة المنحدرين من بلدان طالما شهدت انتشار أوبئة وأمراض فتاكة، بدون إجراءات جدية للفحص الطبي، كما تابع مهتمون بالشأن العام الموضوع بقلق، خاصة وأن المغرب لم يقم ببناء مركبات سكنية خاصة بهم، تضمن لهم الحق في السكن في ظروف كريمة، علما أن المغرب الآن في حاجة إلى 140 ألف وحدة سكنية، ناهيك عن نقص الخدمات الصحية، إذ لازال المغاربة بأنفسهم لم يحضوا بخدمات صحية متطورة، بل لازالت المستشفيات المغربية تشهد يوميا ازدحاما، ووصول حالات مستعجلة لا يتم إسعافها إلا بشق الأنفس، فكيف يكون الوضع مع إضافة عدد المهاجرين الذين سيحتاجون لحقهم الطبيعي في التداوي والولوج للخدمات الصحية. وغير بعيد عن الواقع، لا تكاد تمر من بعض الأماكن والأحياء بمراكش، إلا وتبدو لك مظاهر التذمر والتأفف على ملامح الساكنة، التي تتعرض للسرقة والاعتداء من طرف بعض المهاجرين، ناهيك عن ظاهرة التسول المستشرية بين جنبات هذه الأحياء، والمحطات الطرقية حيث لا يكاد المواطن يمر إلا ويسمع العبارة التي أضحت مشهورة بين المغاربة « خويا درهم »، كما يبدي بعض المغاربة الذين يجاورون هؤلاء المهاجرين امتعاضهم من « التلوث » الناتج عن عدم اهتمام العديد من الأفارقة بالنظافة اليومية لمساكنهم وأجسادهم، مما يهدد سلامة جيرانهم الصحية وراحتهم النفسية. خروج متسرع وعودة غير مدروسة في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المحتفين بسياسة المغرب اتجاه الأفارقة، واعتبارهم أن المغرب قام بثورة في إفريقيا، بل وذهب البعض إلى تشبيهها بما قام به مارشال في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حذر محللون المغرب من انصهاره في نشوة الإنتصار على غريمته الجزائر، ورغبته في اقتحام إفريقيا، وانغماسه في فكرة العودة لإفرقيا وإن كان الثمن غاليا. كما يؤكد استراتيجيون أن طريقة عودة المغرب لمقعده القوي في إفريقيا لا يجب أن تكون شبيهة بطريقة خروجه من الاتحاد الإفريقي، حيث قطع علاقاته مع مجموعة من البلدان مثل جنوب إفريقيا، وسحب سفيره منها، لأنها اعترفت بالبوليساريو، إلا أنه اليوم نجد أن نفس البلد الذي سبق وقام بهذه الخطوة، يقوم بزيارات لبلدان إفريقية تعترف بالبوليساريو. المغرب إذن مارس سياسة الكرسي الشاغر رغم نصائح العديد من السياسيين بألا يقدم على هذه الخطوة، واليوم يريد العودة، حتى وإن كانت الشروط التي جعلته يغادر سنة 1981 لازالت قائمة « وجود البوليساريو »، فهل سقط المغرب ضحية المثل المغربي « لي ما رضى بخبزة يرضى بنصها ».