نهاية غشت الماضي، كان الشيخ عبد الباري الزمزمي يقضي عطلته عند ابنته الكبرى تيماء بكندا؛ حث تقطن رفقة زوجها وأبنائها.. شعر بنوبة تعب هناك، فاعتقد أن الأمر مجرد أزمة صحية عابرة، قبل أن يعاوده التعب مرة تلو الأخرى.. استقل الطائرة فعاد إلى أرض الوطن محملا بثقل المرض دون أن يعرف أنه داء قرر الإتيان على جسده بشكل كامل. حالته الصحية استدعت نقله بداية شتنبر الماضي، إلى مستشفى الشيخ زايد بالرباط وإجراء فحوصات طبية وتحاليل كشفت ما لم يكن في الحسبان: « إصابته بمرض في الجهاز اللمفاوي له علاقة بالأمعاء والدم »؛ إذ كان يعاني الراحل من أعراض هذا المرض، قبل أن تكشف تحاليل أخرى أن الشيخ الراحل مصاب بورم خبيث، استدعى خضوعه لحصص العلاج الكيميائي قرابة الشهرين، حسب يومية « الأخبار ». بعد شهور من مقاومته للمرض، تماثل الشيخ الزمزمي للشفاء، عائدا لحضن عائلته بطنجة؛ حيث استأنف حياته كما العادة، مستقبلا مكالمات كل من يسأله عبر هاتفه عن فتوى معينة. لكن وبعد عيد المولد النبوي الشريف مباشرة، عاوده المرض وبحدة أكبر، هذه المرة، فلم يعد الراحل يقوى على المشي.. شلل تام على مستوى ركبتيه حير معه في البداية الأطباء؛ ما استدعى نقله على وجه السرعة إلى مصحة خاصة بالدار البيضاء؛ حيث تبين أنه بحاجة إلى عملية جراحية مستعجلة في الرأس، لاستئصال ورم وإفراغ سوائل متكدسة في المخ شكلت خطرا على حياته. تكللت العملية الجراحية بنجاح، لكن سلامة الراحل كانت تستدعي مكوثه بالمصحة لأسابيع، قبل أن يدخل في غيبوبة أفقدته الوعي تماما، لينقل بعدها إلى البيت بعد نصيحة من الأطباء. وما إن وصل إلى بيته في طنجة، حتى أسلم الروح لباريها بعد أقل من ساعة. وحسب مصدر مقرب من عائلة الراحل، فقد كرر في أيامه الأخيرة وصيته بدفنه تحت قدمي والدته المدفونة بأحد مقابر طنجة، كما كان يكثر من تلاوة القرآن والحديث عن الموت وفناء الدنيا.