يوم الأحد 27 مارس كنا على موعد مع الوقفة التي دعونا إليها بداية من الساعة الثالثة مساءً، بمجرد ما شرعنا في رفع الشعارات حتى كبرت الوقفة وأضحت تلم آلاف المواطنين، ورغم أنها وقفة وليست مسيرة، إلاّ أننا قمنا بالاستعانة بسيارة هوندا ومكبرات الصوت حتى يكون هناك تواصل مع العدد الكبير من المواطنين الذي جاؤوا للمشاركة في الوقفة. بعد بداية الوقفة بوقت قصير، ظهر أشخاص يحملون لافتة فيها « أسرة الفيزازي تشارك في الوقفة السلمية.. »، الأشخاص كانوا من أسرة الشيخ الفيزازي، أحد ابنائه وبعض بناته، وقد خلقت لنا اللافتة مشكلا كبيرا لم نتغلب عليه إلاّ بشق الأنفس، حيث جرت العادة أننا نقوم بعقد اجتماع اعدادي يسبق كل شكل نضالي نقرره، في هذا الاجتماع الاعدادي نعدّ اللافتات، ونتفق على الشعارات، وننتخب لجن مكلفة بالمسيرة، كل لجنة تتكلف بجانب تنظيمي ما. أسرة الفيزازي قامت بإعداد لافتتها الخاصة دون تنسيق ولا تواصل معنا، ومع بداية الوقفة اقتحمت الوقفة وأطلقت لافتتها الكبيرة المعدة بالألوان، عكس لافتاتنا التي كنّا نتكلف بإعدادها بالحبر الأسود والقماش الأبيض. بعض الرفاق والرفيقات بمجرد ما رأوا لافتة الفيزازي منعوا أسرته من نشرها، بحجة أن اللافتة أعدّت خارج الجموعات العامة للحركة، كما أنها تحمل مطلب شخص واحد هو الفيزازي، ولا تحمل مطلباً شعبيا متعلقا بالاعتقال أو حرية الرأي أو… بل هي لافتة تنادي بحرية شخص بعينه، وهذا تقزيم للحركة. بلغ التوتر أشده، الرفاق محقون فيما ذهبوا إليه، وأفراد أسرة الفيزازي يتوسلون، ويقولون أنهم ليسوا على علم بالجموعات العامة للحركة، وأن اعدادهم لهذه اللافتة لم يكن بخلفية أنهم يريدون تجاوز جموعات الحركة، بل كل ما في الامر أنهم رُزئوا في اعتقال والدهم ومعيلهم في ملف ظالم، وكان قصدهم لهذه الحركة علّها تشد بأديهم وتساعدهم. وأثير حينها نقاش بين شباب الحركة، بين من يرفض اطلاقاً السماح بنشر اللافتة للاعتبارات السالفة، وثمة من يدعو إلى التعامل بمرونة، ما دام أن هذه الأسرة تؤكد أنه ليس في نيتها التشويش على الحركة، بل هي التجأت إلينا لما توسمته من خير فينا لنقف إلى جانبها في المحنة التي تجتازها، وبعد شد وجذب بيننا، وصلنا الى صيغة توافقية مفادها أن نتركهم ينشرون لافتتهم، مع شرط أن يلتزموا بعدم رفع شعارات خاصة والانضباط للشعارات التي ترفعها اللجنة المكلفة بذلك، وكُلّفت بالتواصل مع أحد أبناء الفيزازي، أبلغته شروطنا من أجل السماح بنشر لافتتهم، وهو ما تقبّله، وقدّم اعتذاراً نيابة عن أسرته بكونها لم تكن على علم بطريقة تنظيم وتدبير الأشكال النضالية للحركة، ولم تقصد فرض نفسها على الوقفة. هكذا تم تجاوز هذا الإشكال؛ أسرة الفيزازي التزمت برفع شعارات الحركة، ونحن فسحنا لها المجال لحمل لافتتها. في ختام الوقفة ألقى أحد الشباب الكلمة الختامية، التي ارتكبنا خلالها خطأ كبيراً ما كان لنا أن نقع فيه، إذ إلى حدود وقفة الاحد 27 مارس، لم نكن نناقش الكلمة الختامية للشكل النضالي في الجموعات الاعدادية، كنّا نترك الامر الى ما سيفرزه الشكل النضالي، ولأن وقفة 27 مارس كانت وقفة حاشدة، وقفة جمعت الالاف من المواطنين، شعرنا بحماس زائد، واتفقنا مع الشاب الذي سيلقي الكلمة أن يدعوا من خلالها ساكنة طنجة إلى مقاطعة اداء فواتير الماء والكهرباء لشركة امانديس، فأثار القرار موجة من التأييد العارم، خاصة وأن هذه الشركة تحمل كره الطنجاويين وبغضهم. قررنا الاقدام على هذا الخطوة الكبيرة دون روية ولا استعداد قبلي لتتبع تنفيذ هذا القرار، بل اكتفينا بدعوة الساكنة الى مقاطعة أداء الفواتير، دون أن نشرح لهم كيف، ودون أن نكلف لجناً لتتبع الموضوع، ومراقبة ردّ فعل الشركة. الشركة الفرنسية تعاملت بذكاء مع الموضوع، تعاملت بمرونة مع اداء الفواتير، ومن لم يؤد واجب الفاتورة لا تقوم بوقف تزويده بالماء والكهرباء، كما جرت العادة، بل ثمة من ظل شهورا دون تأدية ثمن فواتير الشركة، ورغم ذلك لم ينقطع تزوده بالماء والكهرباء، عرفت جيّدا كيف تنحني أمام العواصف، لذلك لم نأبه كثيرا بهذا الموضوع، تعاملنا معه كما لو أننا حسمناه وحسم أمر « أمانديس ».