وضع الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين يده على جرح غائر يتمثل في اضطرار آلاف الأطفال للاشتغال في البيوت كعمالة منزلية، أغلبهم من الفتيات، وبعضهن لا يتجاوز من العمر عشر سنوات، حيث تعاني هذه الفئة من شتى ضروب المعاملة القاسية، والإساءة اللفظية والجسدية، إذ يشتغلن في ظروف قاسية، دون ساعات راحة أو أيام عطل أسبوعية، مع حرمانهن من حقهن في التعليم، والطعام الكافي، والرعاية الطبية الملائمة، كما يعاني بعضهن من الاستغلال الجنسي. وقال البرلماني عبد الرحيم الرماح، الذي تدخل باسم الفريق الفيدرالي، بمناسبة مناقشة مشروع قانون بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، في تصريح ل »فبراير. كوم »، إن عاملات المنازل من الأطفال يشتغلن ساعات طويلة بأجور زهيدة للغاية، مع جهل بعضهن أصلاً بقيمة أجورهن، التي يتم التفاوض عليها في أغلب الحالات بين الآباء أو الوسيط وصاحب العمل. لكن يوضح الرماح مستدركا أن « هذه الصورة القاتمة لوضعية العمالة المنزلية، لا ينبغي أن يحجب عنا وجود عائلات محترمة تحترم الحقوق الأساسية وتوفر ظروف العمل اللائقة، وهي العائلات الكريمة المتشبعة بأخلاق وفضائل الأسرة المغربية العريقة ». واعتبر الرماح أن « القانون وحده غير كافي كآلية لمعالجة هذه الإشكالية خاصة مع محدودية أجهزة المراقبة والتفتيش، إذ لا يمكن مثلا لمفتشي الشغل دخول البيوت للتعرف على وجود عاملات منازل قاصرات بها، أو ما تتعرضن له من استغلال أو سوء معاملة ». وطالب الرماح ب »بث حملات إعلانية عبر وسائل الاتصال المختلفة لتعريف العائلات وأصحاب العمل المحتملين بالقانون ومخاطر عمل الأطفال في المنازل. وحث الناس وتشجيعهم على التبليغ بأي خرق لهذا القانون سواء التبليغ عن وجود عاملات قاصرات أو التبليغ عن اللاتي يعملن بصفة غير قانونية أو يتعرضن لانتهاكات أو سوء معاملة ». ودعا الرماح إلى ضرورة التحقيق في حالات عمل الأطفال تحت السن القانونية وحالات الإساءة لعاملات المنازل القاصرات، وتمكين الشرطة القضائية ومفتشي الشغل بدخول بيوت أصحاب العمل عندما يُشتبه في تواجد عاملة طفلة بالبيت، وسحب الأطفال تحت سن 18 سنة من العمل أو من يتعرضن لسوء المعاملة. فضلا عن ملاحقة المسؤولين عن أعمال العنف وكل المخالفات الجنائية الأخرى ضد عاملات المنازل القاصرات وذلك بموجب القانون الجنائي المغربي« . وكان الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين الفريق الوحيد الذي تشبث بتعديلاته على نص المشروع الرامية إلى تحصين هذه الفئة وانتشالها من الهشاشة، ومن بينها تحديد السن الأدنى للعمل المنزلي في 18 سنة، على اعتبار أن عمل الأطفال، في أي سن كان يحرمهم من حقوقهم في التربية والحماية النفسية ويؤذي نموهم الصحي الطبيعي ويعيق تطورهم البدني. كما تقدم الفريق بتعديلات بموجبها يستفيد العامل (ة) المنزلي (ة) من جميع المكتسبات والحقوق المخولة لباقي العمال. وتعديلات أخرى تهدف إلى رفع التهميش والحيف والميز الذي يطال الأوضاع الاجتماعية والقانونية للعاملات المنزليات وللاعتراف بقيمتهن الاقتصادية. يذكر أن مجلس المستشارين صادق على مشروع القانون بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين بأغلبية 14 صوت مقابل 12 صوت. وينتظر أن تبدأ مناقشته بمجلس النواب بداية الأسبوع القادم، حيث يتوقع أن يرفع الحد الأدنى لسن العاملات المنزليات إلى 18 سنة.