أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الإبتدائية بمدينة الحسيمة بتاريخ 18 دجنبر 2014 حكما ابتدائيا بالحبس لمدة ثلاث سنوات نافذا مع غرامة مالية قدرها 1000 درهم في حق كل من عضو المكتب المسير لجماعة إمزورن (18 كلم جنوب مدينة الحسيمة) و يبلغ من العمر 60 سنة، وفي حق طالب بكلية العلوم والتقنيات بجماعة بوكيدان، و يبلغ من العمر 21 سنة، على خلفية اتهامهما ب »ممارسة الشذوذ الجنسي » و »الإخلال بالحياء العام »، و أضيفت للأول تهمة « محاولة الإرشاء »، و ذلك بالرغم من إنكارهما للمنسوب إليهما أمام المحكمة. هكذا تقدم جمعية الريف لحقوق الانسان الخبر الذي أثار ضجة في الريف في الآونة الأخيرة، قبل أن تعود إلى تفاصيل القضية، التي تعود إلى ليلة السبت 13 دجنبر 2014، حين تم توقيف المعنيين وهما في سيارة في ملكية الجماعة، في خلاء بالقرب من الطريق المؤدية إلى مطار الشريف الإدريسي ، حيث تم ضبطهما – حسب محاضر الضابطة القضائية – و هما في حالة تلبس بممارسة الجنس. وهنا ستعود الجمعية الحقوقية إلى مبادئ حقوق الأنسان لتعيد قراءة ما جرى. وينص الفصل 489 من القانون الجنائي على أنه: «يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكون فعله جريمة أشد». هذا بغض النظر عن ثبوت تلك الأفعال من عدمه، يؤكد بلاغ جمعية الريف لحقوق الإنسان، فإن تجريم المثلية الجنسية والمعاقبة عليها متناقض مع ديباجة الدستور التي من بين ما تنص عليه تأكيد المملكة وإلتزامها « حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان». كما تنص المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية- و الذي صادق عليها المغرب- على ما يلي:«تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب». و تنص المادة 26 من ذات العهد أن «الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب». و قد سبق للجنة الأممية المعنية بحقوق الإنسان (قضية تونن ضد أستراليا) أن قررت أن الدول ملزمة بحماية الأفراد من التمييز على أساس ميلهم الجنسي، و أن القوانين المستخدمة لتجريم العلاقات الجنسية الخاصة القائمة على التراضي بين بالغين من نفس الجنس تنتهك حقوق الخصوصية و عدم التمييز. كما سبق للجنة الأممية المعنية بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية في تعليقها العام رقم 20 أن اعتبرت أن عبارة » غير ذلك من الأسباب » تشمل الميل الجنسي. وبناء على هذه الدفوعات، اعتبرت جمعية الريف لحقوق الإنسان، أن الحكم الصادر ضد المتهمين حكما قاسيا، ويناقض الدستور و الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان. ودعت الجمعية الدولة إلى إلغاء تجريم النشاط الحميمي بالتراضي بين بالغين لكونهم من نفس الجنس، باعتبار ذلك تمييزا مبنيا على الميول الجنسية، انسجاما مع التزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان و مع الدستور.