هزم باراك اوباما الثلاثاء خصمه الجمهوري ميت رومني وحقق في الواحدة والخمسين من العمر فوزا تاريخيا بحصوله على ولاية ثانية على راس القوة العالمية الاولى. ونجح اوباما، اول رئيس اسود للولايات المتحدة الذي وصل الى البيت الابيض قبل اربع سنوات بناء على شعار “الامل” والتغيير”، في اقناع غالبية من الاميركيين بانه الافضل لقيادتهم خلال السنوات الاربع المقبلة، رغم حصيلة اقتصادية فاترة. واعلن اوباما في خطاب الفوز الذي القاه امام انصاره صباح الاربعاء في شيكاغو ان “الافضل قادم” للولايات المتحدة وهنأ ميت رومني على “حملته التي خاضها بقوة”. وقال اوباما في مقر حملته في شيكاغو حيث حضرت عائلته الى المنصة، انه يريد العمل مع رومني من اجل “دفع البلاد قدما”. واكد الرئيس الاميركي انه يعود الى البيت الابيض “اكثر تصميما من اي وقت مضى”. وفي خطاب حماسي استمر 25 دقيقة قال اوباما “نعلم ان الافضل للولايات المتحدة الاميركية قادم”. واضاف الرئيس الاميركي امام الالاف من المناصرين الذين كانوا يصفقون ويرددون هتافات “اربع سنوات اخرى”، “رغم كل اختلافاتنا، الغالبية بيننا تشاطر الامال من اجل مستقبل اميركا”. وتابع “في هذا الاتجاه سنمضي، الى الامام!” مستعيدا احد شعارات حملته الانتخابية. ومع تاكد فوز اوباما بانتصاره في ولايتي اوهايو وايوا الحاسمتين، حضرت حشود كبرى الى امام البيت الابيض ورددت هتافات مؤيدة لاوباما و”اربع سنوات اخرى”. وفيما لم تعلن بعد النتائج في كل الولايات بما يشمل ولاية فلوريدا الحاسمة، اصبح لدى اوباما اصوات 303 من كبار الناخبين متجاوزا بفارق كبير الاصوات ال270 المطلوبة للفوز. وما مهد طريق الوصول الى البيت الابيض امامه الفوز في ولايات بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغن التي تعتبر عادة ديموقراطية لكن حاول رومني في اللحظة الاخيرة اقناع الناخبين المترددين فيها بدعم الجمهوريين. كما فاز في ولايات حاسمة مثل فرجينيا حيث اصبح قبل اربع سنوات اول ديموقراطي يفوز بها منذ 1964، ونيفادا واوهايو ونيوهامشير وكولورادو وايوا وقضى بذلك على آمال رومني الضئيلة بتحقيق الفوز. من جهته اعترف المرشح رومني الذي بدت عليه علامات الارهاق بهزيمته في خطاب القاه بلهجة لا تخلو من عزة النفس امام مؤيديه في بوسطن بعد دقائق من اتصاله بالرئيس الاميركي لتهنئته. وقال رومني امام الالاف من مناصريه “لقد قدمنا كل شيء خلال هذه الحملة” وشكرهم على جهودهم. واضاف متحدثا عن اوباما “ان مؤيديه وفريق حملته يستحقان التهنئة ايضا” قائلا “أوجه اطيب تمنياتي لهم جميعا لكن خصوصا الرئيس والسيدة الاولى وابنتيهما”. وكذلك شكر مرشحه لمنصب نائب الرئيس بول راين مؤكدا ان ان اختيار راين “كان افضل خيار” قام به. وقال حاكم ماساتشوستس السابق انه “يصلي من اجل نجاح الرئيس في هذه الاوقات التي تشهد تحديات كبرى لاميركا”. وبعد سنتين من تعايش صعب بين مجلس شيوخ يخضع لهيمنة الديموقراطيين ومجلس نواب ذو غالبية ديموقراطية، دعا رومني الطرفين الى العمل معا. وفي ختام انتخابات الثلاثاء بقي التوازن هو نفسه في مجلسي النواب والشيوخ. واضاف رومني “في مثل هذه الاوقات، لا يمكننا السماح بالتموضع الحزبي”. ولم يسبق منذ الثلاثينيات ان فاز رئيس اميركي في ظل نسبة بطالة تفوق 7,2%، كما ان ديموقراطيا واحدا هو بيل كلينتون سبق ان شغل البيت الابيض لولايتين رئاسيتين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وتجمع الاف الاشخاص في وقت متاخر الثلاثاء في ساحة تايمز سكوير في نيويورك للاحتفال باعادة انتخاب اوباما ورفعوا الاعلام ورددوا هتافات “اربع سنوات اخرى” فيما نزلت حشود ايضا الى امام البيت الابيض في واشنطن للاحتفال بالفوز. وسارعت دول العالم الى تهنئة الرئيس الاميركي الجديد بفوزه. فقد هنأ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يشوب التوتر علاقاته مع اوباما، الرئيس الاميركي مؤكدا ان التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل والولاياتالمتحدة “اقوى من اي وقت مضى”. كما هنأت الصين اوباما معلنة ان الرئيس هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جياباو وجها اليه رسالة تهنئة مشتركة. واعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انه يتطلع للعمل مجددا مع “صديقه” باراك اوباما. كما هنأ الاتحاد الاوروبي اوباما متمنيا ان يعمل الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة على “تعزيز علاقاتهما الثنائية” و”مواجهة معا التحديات العالمية ولا سيما في مجالي الامن والاقتصاد”. وهنأ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء باراك اوباما ورحب “بالخيار الواضح” من اجل “اميركا منفتحة ومتضامنة وملتزمة بالكامل على الساحة الدولية”. وكان اوباما اعلن سابقا في تغريدة على صفحته الرسمية على موقع تويتر فوزه، متوجها لناخبيه بالقول “هذا حصل بفضلكم. شكرا”. وعقب اوباما على تغريدته الاولى بثانية قال فيها “نحن جميعا معا، هكذا خضنا الحملة وهذا ما نحن عليه. شكرا. ب.أ”، الحرفين الاوليين من اسمه لتاكيد صدورها عنه شخصيا. وفي تغريدة ثالثة كتب الرئيس “اربع سنوات جديدة” وارفقها بصورة له مع زوجته ميشال وذلك في الوقت الذي كانت فيه شبكات التلفزة تعلن فوزه بولاية ثانية. وتصاعدت الهتافات في المقر العام لحملة اوباما في قصر المؤتمرات “ماكورميك بلايس” في شيكاغو حيث كان الاف الاشخاص متجمعين، حين اعلنت الشبكات التلفزيونية فوز بطلهم. وقضى الرئيس السهرة في منزله العائلي جنوب شيكاغو برفقة اقربائه قبل ان يتوجه الى فندق كبير في المدينة لمتابعة النتائج والقاء خطاب الفوز. اما في مقر حملة رومني في بوسطن، فخيم الصمت على الحضور. وركز رومني (65 عاما) رجل الاعمال السابق وصاحب الملايين حملته الانتخابية على نقد الحصيلة الاقتصادية للرئيس اوباما في حين طرح الرئيس نفسه في موقع المدافع عن الطبقة الوسطى المتضررة من تبعات ازمة العام 2008. وفي مطلع الليلة الانتخابية الطويلة كان كل من المرشحين فاز كما هو متوقع بمعاقل حزبه: معظم ولايات شمال شرق البلاد للديموقراطي، و”الجنوب القديم” (جورجيا، الاباما وميسيسيبي) وغرب الوسط الاميركي الريفي للجمهوري. وبعد حملة محمومة استمرت سنة ونصف السنة انفقت خلالها مليارات الدولارات وجاب المرشحان عشرات الاف الكيلومترات، توجه عشرات ملايين الاميركيين الى صناديق الاقتراع للاختيار ما بين اوباما ورومني واضطر بعضهم احيانا الى الانتظار ساعات طويلة قبل وضع بطاقتهم الانتخابية في صندوق الاقتراع. واوباما الذي ادلى بصوته منذ 25 تشرين الاول/اكتوبر، لعب مباراة في كرة السلة كسبها بحوالى عشرين نقطة في معقله شيكاغو (ولاية ايلينوي، شمال) مع اصدقاء ومعاونين له لتمضية الوقت في انتظار النتائج والتخفيف من حدة توتره. وصوت عدة ملايين من الاميركيين في عمليات اقتراع مبكرة. كما ادلى الناخبون باصواتهم الثلاثاء في اكثر من 170 استفتاء محليا.