ذ. الكبير الداديسي. انتظر المغاربة طويلا تشكيل حكومة بن كيران الثانية منذ قرر حزب الاستقلال الخروج من الحكومة والانضمام للمعارضة ، وبقدر ما تعطلت في سبيل ذلك مصالح ، تعلقت آمال على تشكيل حكومة تكون قادرة على الخروج بالبلاد من مرحلة الانتقال والانتظار إلى مرحلة الإصلاح الموعود ، ومساء يوم الخميس 10 أكتوبر وقبل يوم واحد من افتتاح الولاية التشريعية الذي يوافق الجمعة الثانية من شهر أكتوبر تناقلت وسائل الإعلام خبر إعلان التشكيلة الرسمية للحكومة : أول ما يلاحظ على هذه التشكيلة هو ارتفاع عدد الوزراء ففي الوقت الذي يسهر على عدة دول عظمى عدد قليل من الوزراء ، إذ يدبر أمور الصين 22 وزيرا ، ويسير الولاياتالمتحدةالأمريكية 14 وزيرا ، ويشرف على سويسرا سبعة وزراء فقط يتحكمون في ميزانية تفوق 500 مليار دولار … جاءت تشكيلة حكومة بن كيران الثانية متضمنة ل39 وزيرا لدولة بالكاد تتجاوز ميزانيتها 40 مليار دولار وهو عدد يتجاوز عدد وزراء النسخة الأولى التي كان بها 31 وزيرا ، وهو العدد الذي اعتبر في حينه عددا ضخما كما يلاحظ عودة وزراء السيادة : فإذا كانت هذه الحكومة تتكون من أربعة أحزاب سياسية متحالفة هي : العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار و الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية ، ومع ذلك فالمتأمل في تشكيلتها يلاحظ فإنها تضم عودة وزارت السيادة و وحضور بعض الوزارات التقنية تجسدت في كل من الداخلية بحقيبتين والدفاع والأمانة العامة للحكومة والتعليم والفلاحة والصيد البحري( انظر أسماء أصحاب هذه الحقائب في التشكيلة الحكومية أسفل المقال ) حتى شكل الوزراء غير المتحزبين ثاني كتلة في الحكومة بعد العدالة والتنمية . وإذا كانت النسخة الأولى قد عرفت حالة شرود بعد تعيين عزيز أخنوش وزيرا عقب اضطراره الانسحاب من حزب الأحرار الذي كان في المعارضة فإن النسخة حافظت على هذا التقليد بتنصيب محمد الوفا وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالشؤون العامة و الحكامة وهو المطرود من حزبه بعد خروج الحزب للمعارضة مما يحعل منه حالة خاصة عصية على التصنيف هذا وقد تعددت تفسيرات تعيين محمد حصاد وزيرا للداخلية مكان امحند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، والاحتفاظ بالشرقي الضريس وزيرا منتدبا لدى وزير الداخلية، فرأى البعض في ذلك تعبيرا عن تجاوز مرحلة الحرج التي صاحبت الربيع العربي ، فيما ذهب آخرون إلى ربط هذا التعيين بالرغبة في ضمان حياد العمليات الانتخابية المقبلة، بعد ما راج خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة عندما كان أمحند العنصر على رأس الداخلية، وتعالت بعض الأصوات مطالبة بإسناد الداخلية لغير المتحزب حفاظا على الحياد والديمقراطية خلال الانتخابات المقبلة. خاصة أن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة واردة في إطار البحث عن حكومة أغلبية بوجوه وألوان قادرة على امتصاص الغليان المتزايد عقب الزيادات المتتالية في أسعار بعض المواد وتبقى النقطة المضيئة في هذه الحكومة ( إن كان لابد من ذكر شيء مضيء ) هي رفع عدد الوزيرات إلى خمس حقائب إلا أنها حقائب إما اقتصرت على وزارات منتدبة أو اتجهت كما كان منتظرا إلى الجانب الاجتماعي ووزارات الظل باستثناء حقيبة أمباركة بوعيدة : وزيرة منتدبة لدى وزير الخارجية، مع خلق الإحساس بأن إسناد بعض الوزارات كان لجبر الخاطر فقط خاصة عندما يبدو تشابه بين وزارتين كوزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية التي أسندت لبسيمة الحقاوي ، ووزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني المسندة لفاطمة مروان، فمهمة الوزارتين تبدو واحدة وهي التضامن وإن تضمنت الثانية الصناعة التقليدية ..