للوصول إلى تعيين الحكومة زوال أمس الثلاثاء بالقصر الملكي بالرباط، تطلب ذلك مخاضا صعبا استغرق 36 يوما كانت حبلى بالانتظار وترقب أسماء أعضاء الحكومة الذين سيشرفون على تنزيل الدستور الجديد، وتحقيق الانتظارات التي رسمها المغاربة في عام «الثورات العربية» المنصرم، وينتظرون الاستجابة لها من طرف الحكومة الجديدة، في العام الجديد. وبنفس حجم الترقب والانتظار، لم تخل الحكومة الجديدة من مفاجآت، سواء تعلق الأمر بعدد أعضائها، أو ببعض الأسماء التي تم استوزارها في آخر لحظة. فيومان قبل تعيينها، قال عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة في لقاء حزبي يوم الأحد الماضي، إن أعضاء الحكومة التي ينتظر تعيينها من طرف الملك يبلغ 28 وزيرا، بينهم 24 وزيرا حزبيا، وأربع وزراء غير منتمين سياسيا، لكن تظهر اللائحة الرسمية للحكومة الجديدة أن تعديلات آخر ساعة، رفعت عدد الوزراء مثلما زادت من حجم الوزراء غير المنتمين. التشكيلة الجديدة عرفت إضافة ثلاث وزارات في اللحظات الأخيرة هي الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وإضافة منصب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، وكذلك تقسيم قطاع التعليم إلى وزارة للتعليم العالي وأخرى للتربية الوطنية. وارتفع عدد أعضاء الوزراء غير المنتمين ليصل إلى خمس وزارات. فبالإضافة إلى إدارة الدفاع الوطني ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تعتبر وفق روح الدستور اختصاصا ملكيا، انضافت حقيبة الفلاحة والصيد البحري التي تولاها أخنوش المستقيل من التجمع الوطني للأحرار إلى لائحة الوزارات غير المسيرة من طرف الأحزاب، كما بقيت الأمانة العامة للحكومة والوزارة المنتدبة لدى وزير الداخلية خارج الانتماء الحزبي. ومن لمسات آخر لحظة في تشكيل الحكومة، والتي تبدو مفاجئة، تعيين الشرقي اضريس المدير العام للأمن الوطني في منصب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، وهو الاسم الذي لم يكن واردا في أي من التسريبات الصحفية التي واكبت ماشورات تعيين الحكومة، ونفس الشئ ينطبق على يوسف العمراني الذي لا أحد كان يتوقع أن يغادر منصب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ليلتحق بمنصب وزير منتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون. وخضعت التشكيلة الحكومية لتجديد يقترب من الثلثين. فمن أصل 31 وزيرا هناك 23 وزيرا جديدا، ويلاحظ أن أربعة من الوزراء القدامى الذين تم الاحتفاط بهم من حكومة عباس الفاسي احتفظوا بنفس حقائبهم التي يتولونها في حكومة تصريف الأعمال، كما في حالة إدريس الضحاك الأمين العام للحكومة، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، وعبد اللطيف لوديي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطن، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. والتحق كذلك بالحكومة المعينة من وزراء حكومة تصرف الأعمال، لكن مع تغيير في الحقائب الوزارية، كل من امحند العنصر الذي انتقل من منصب وزير دولة إلى منصب وزير الداخلية، ونزار البركة الذي انتقل من الشؤون العامة للحكومة إلى وزارة الاقتصاد والمالية، ومحمد أوزين الذي انتقل من وزير منتدب في الخارجية إلى وزارة الشباب والرياضة. وحتى إن حافظت التشكيلة الحكومية على عدد أكبر من الوزارات غير المتحزبة، فإنها لم تعرف إلحاق وزراء بأحزاب أو إلباسها لبوسا حزبية في آخر لحظة كما حدث مع ستة وزراء في الحكومة السابقة، ويبقى لافتا للانتباه في التشكيلة الحكومية الجديدة، خروج وزارتي الداخلية والعدل والخارجية من المجال الملكي الخاص إلى المجال الحزبي، ما يشكل دفعة قوية للدمقرطة المؤسساتية. وحطم الوزراء المنتدبون الرقم القياسي في الحكومة الجديدة. فبعد أن كان عددهم أربعة وزراء في حكومة عباس الفاسي، ارتفع العدد إلى سبعة وزراء منتدبين، منهم أربعة وزراء منتدبين لدى رئيس الحكومة في قطاعات إدارة الدفاع الوطني، والشؤون العامة والحكامة، ثم الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، والمغاربة المقيمين في الخارج. في حين تم انتداب الباقين لدى وزراء قطاعيين كما هو الشأن بالنسبة لللشرقي الضريس المنتدب لدى وزير الداخلية ويوسف العمراني المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون وإدريس الأزمي الإدريسي الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية وفيما يبدو حزب الاستقلال الاستثناء الوحيد من بين أحزاب الأغلبية الذي لم يمثل في الحكومة الجديدة بأمينه العام، لم يحافظ أي من الأحزاب التي كانت في حكومة عباس الفاسي على القطاعات التي كان يشرف عليها، فالحركة الشعبية خرجت من وزارة الدولة وكتابة الدولة في الخارجية، والاستقلال فقد الإشراف على قطاعات السكنى والنقل والتجهيز، والشؤون العامة، والتجهيز، والوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ...، في حين فقد التقدم والاشتراكية حقيبة الإعلام والتنمية الاجتماعية، لكنه عوضها بحقائب أهم في الصحة والتشغيل والسكنى والتعمير.