كل مرة أعد نفسي ألا أعاود الكتابة عن الوطن العربي والمشاكل التي يعرفها إلا وأجد نفسي ماسكا قلمي و منكبا في سرد هم عربي فمشاكله لا تكتمل أبدا، دائما أطرح هذا السؤال في قرارة نفسي: هل نحن العرب سيئون إلى هذه الدرجة؟ كل مرة أعد نفسي ألا أعاود الكتابة عن الوطن العربي والمشاكل التي يعرفها إلا وأجد نفسي ماسكا قلمي و منكبا في سرد هم عربي فمشاكله لا تكتمل أبدا، دائما أطرح هذا السؤال في قرارة نفسي: هل نحن العرب سيئون إلى هذه الدرجة؟ فتكون الإجابة أنه مازال الخير في العرب، أواسي نفسي بهذه الإجابة لكي لا أكون متشائما ولا أرى الأمور بنظرة سوداوية لكن كلما وقعت مشكلة في الوطن العربي أو بالأحرى كارثة ألمت بالعرب إلا وأسحب هذه الإجابة وأدرك حينها أننا بالفعل سيئون لا فائدة ترجى منا فإذا أردنا القيام بتقييم أنفسنا كعرب فبالله عليكم أين نحن من الشعب الفلسطيني الذي هو جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الذي يمارس في حقه كل أساليب العنف والقمع والاضطهاد والتنكيل وكذا القتل بشتى الطرق الوحشية والهمجية، وكذا محاولات اليهود المتواصلة لتهويد الأقصى وتدنيسه، أليس الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ أين نحن من العراق الجريح ؟ أين نحن من الصومال والقائمة تطول .نجيد فقط المشاهدة كأننا نشاهد فلم رعب وفي الأخير نقول يا له من فلم رعب والكل يتملص من المسؤولية وإن تعدى ذلك فنتذمر جراء الأحداث وتقوم الدنيا ولا تقعد بالمظاهرات وترتفع الشعارات الفضفاضة التقليدية التي مللنا منها وأكل الظهر عليها وشرب لأنها مجرد كلام فارغ و أقاويل ينقصها الفعل والتطبيق على أرض الواقع في ظل هذا الجو المشحون من إحساس بالعروبة والقومية الزائفة يتكون ما أسميه حماسا زائدا للوهلة الأولى يعجبك الأمر وتتمنى أن يدوم هذا الحس بالمسؤولية لكن سرعان ما ينطفئ هذا الحماس ويتلاشى كسحابة صيف عابرة لأننا مع الأسف شعوب تحركنا العاطفة لا العقل والحكمة والتصرف الصائب، تظاهر واهتف كما شئت فماذا ستستفيد هل سيوقف ذلك دبابة إسرائيلية أو رصاصة أمريكية في العراق أو أفغانستان هيهات هيهات . هذا بالنسبة للذين يكترثون أما الآخرون فلا شأن لهم بما يحصل لا يعيرون أي اهتمام كأن القضية العربية لا تمثل لهم شيئا. أما نخبنا السياسية وصناع القرار الذين ننتظر منهم الشيء الكثير فيكتفون بالتنديد والشجب وهذا أضعف الإيمان وشكر الله سعيهم، دورهم هنا ينتهي، فقد قدموا الشيء الكثير باستنكارهم هذا. إذا فتحت خريطة العالم وأردت الاضطلاع على بؤر التوتر ونقط الصدام فستجد أنها إما دولة عربية بالتحديد أو إسلامية لماذا؟؟؟ لا أريد الخوض في الأسباب لأنها كثيرة ومتعددة ومعروفة للجميع دينية و اقتصادية وسياسية... بعيدا عن هذه المتاهات المهم بالنسبة إلينا أنه لو كنا أمة واحدة متماسكة متفاهمة تجمعنا كلمة واحدة ودين واحد لما استطاع أحد رغم قوة ترسانته العسكرية وتقدمه التكنولوجي أن يغزوا شبرا من أرضنا أو يغتصب حقنا في الحياة والحرية أو يهتك عرضنا فما دمنا متفرقين متصارعين فيما بيننا فلا ننتظر الخير فهاهو اليمن تتقطع أوصاله بأيدي أبناءه بين الشمال والجنوب والسعودية التي دخلت الخط لوقف تمرد الحوثيين بالقوة والسلاح ، المغرب وصحرائه المغتصبة وتدخل الجارة الجزائر غير المبرر في ذلك ، عوض أن تمد له يد العون وتساعده في أن يستعيد صحرائه من قبل البوليساريو تقف إلى صف عدوه مع الأسف، السودان وأزمة دارفور وكذا الحرب الأهلية الطاحنة في الصومال التي أرجعته للقرون الوسطى ومقولة " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " تنطبق تماما على وضعية العرب حين يستنجدون بأمريكا على إخوانهم كأنها تحمل عصا سحرية وهي المصلح الذي سيحل مشاكل العرب كما حدث ذلك سابقا في العراق ... ما دمنا على هذه الحال من تفرقة وتشرذم فتوقع الأسوأ واقرأ السلام على البلاد العربية والدور غدا على من يا ترى؟ لكي لا نذهب بعيدا فأوروبا وما أدراك ما أوربا شهدت حربين عالمتين أكلتا الأخضر واليابس وتكبدت خلالها خسائر فادحة و قامت هاتان الحربان بتفرقة الجيران وتقسيم أوروبا وكانت آنذاك لغة الدم والدمار هي السائدة فما كان منهم بعد انتهاء الحرب هل بقوا على تلك الحالة ؟ هل كل بلد كن الحقد والضغينة للبلد الآخر؟على العكس من ذلك تماما نسوا كل الدماء التي أريقت والأرواح التي أزهقت والدمار الذي هم بهم نسوا تماما كل هذه المأساة وجلس الطرفان على طاولة واحدة لأنهم أدركوا يقينا أن مصلحتهم الحقيقية تكمن في الاتحاد والوحدة ونسيان المآسي وطي صفحة الماضي وكان ذلك بالفعل هو جادة الصواب إذا رجعنا إلى عصرنا هذا فهناك أرقى وأمثل وأقوى اتحاد من كل الجوانب إنه الاتحاد الأوروبي لأنه لم يأت من فراغ.هذا بالنسبة إليهم أما نحن العرب فقصة داحس والغبراء و حرب البسوس التي دامتا ثمانين عاما بسببهما كاد العرب أن يتفانوا جراء خلاف تافه الأولى حول فرس فحل والثانية على ناقة فهتان القصتان لا زالتا تلقيا بظلالهما ليومنا هذا وتعودان مع اختلاف الأسماء والأزمنة فقط، لكي لا نكذب على أنفسنا ينقصنا الشيء الكثير ويجب علينا قطع أشواط وأشواط للحاق بالآخرين أما الحل الذي سيخرجنا من هذا النفق المظلم الرجوع إلى ديننا والتمسك بالقيم والأخلاق السمحة والعلم لأنه طوق النجاة وترك كل الحزازات والصراعات جانبا وتحمل كل شخص مسؤوليته في المجتمع دون استثناء والتفكير في المستقبل بعيون مشرقة ملتزمة فلقد سئمنا من كثرة الإخفاقات والهزائم والنكسات المتلاحقة .