وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. الأخ الفاضل رئيس تحرير موقع السند.. شكراً لك على حرصك على بيان أمر يمكن أن يجتمع عليه المسلمون في مناسباتهم الدينية، لكن هناك عدة ملاحظات على هذا البيان، تجعله غير جدير بالقبول، أهمها: 1- أن هذا الإعلان قائم على مبدأ لا يقول به أحد من الفقهاء المعتبرين، وذلك لأن الفقهاء يعتبرون سبب دخول الشهر هو حصول الرؤية البصرية، وليس مجرد إمكان الرؤية البصرية في أي بقعة من بقاع العالم، فالاعتماد على مثل هذا الرأي هو سبيل للتفرقة لا للجمع، فإن المسلمين في بلاد الإسلام وفي بلاد الغرب يتبعون فقهاء المسلمين، ولا يخرجون عن المقررات الفقهية الثابتة. 2- إن قرارت المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في هذه المناسبات لا توجد لها قيمة عملية، ولعلك تتذكر أن عيد الأضحى السابق لم يلتفت أي مسلم في أوروبا إلى قرار المجلس، ذلك أن الناس اتبعت إعلان المملكة السعودية، وليس قرار المجلس. 3- إن جعل مظهر وحدة المسلمين الرئيس هو وحدتهم في الصوم والعيد أمر مبالغ فيه، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم قبل اختلاف المسلمين في شعيرة أعظم من الصوم والعيد هي الصلاة، وذلك بإقراره الخلاف في وقت وجوب الصلاة في حادثة بني قريظة، وهي معروفة لديكم، فالمبالغة في أمر جعل الشرع فيه فسحة بين المسلمين إذا اختلفوا أمر غير لائق بمن يدعو إلى الإسلام، فهل يعتبر المخالفون للقرارات الرسمية سبباً للخلاف بين المسلمين ومن الذين يشقون صفوف المسلمين؟ ألم يقل الفقهاء بأن من رأى الهلال ولم تقبل شهادته وجب عليه الصوم وإن لم يصم الناس؟ ألم يقبل الفقهاء خلاف الحنفية في تعيين دخول وقت العصر ووقت العشاء ووقت الفجر، ولم يقل أي أحد من الفقهاء أن مذهب الحنفية يشق عصا المسلمين في عبادة من أعظم العبادات هي الصلاة؟ 4- إن قرار المجلس الأوروبي ليس فيه أي استشارة بين أعضاء المجمع، فهم لا يقررون مثل هذا بناءا على استشارة الأعضاء، وإنما فقط ما يقوله الدكتور محمد الهواري، ويوافقه عليه أمين المجلس حسين حلاوة، وإن شئت التأكد من ذلك فاتصل بالشيخ الخمار البقالي الذي هو عضو من أعضاء هذا المجلس. وكما تعلم فإن أعضاء هذا المجلس ليسوا جميعاً من الفقهاء، بل فيهم من لا علاقة له بالفقه أصلاً، حيث إن تخصصه الفسلفة أو التاريخ أو الكيمياء! وقد كان المستشرق الهولندي كوننس فلد أحد أعضاء المجلس الاستشاريين!! 5- إن استخدام اسم المجلس الفقهي الدولي (المجمع الفقهي) في هذا البيان أمر خطير، يحمل في طياته بعض التلبيس على العامة، فإن قرار المجمع الفقهي صريح غاية الصراحة في اعتماد الرؤية وعدم اعتماد إمكانية الرؤية، وأخذ جزء من قرار المجمع الخاص بوحدة المطالع، وتلفيقه مع رأي بعض أعضاء المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الخاص بإمكانية الرؤية، يدل على سوء طوية وطريقة سياسية في صياغة المسائل الشرعية الدينية، وهو يشبه أيضاً التلفيق المذموم الذي تندر به أحد الشعراء عندما أخذ من مالك التسوية بين النبيذ والخمر، وأخذ من أبي حنيفة حل النبيذ دون الإسكار، فقال بحلية الخمر!! والسؤال الموجه إليك أخي الفاضل وإلى قارئي هذا البيان، هل إذا أعلنت السعودية مساء اليوم الأربعاء الثامن من سبتمبر 2010 إتمام عدة رمضان ثلاثين يوماً، ستعلنون العيد أم تستمرون على الصوم؟ إذا كنا نحن في بعض الأحيان ننكر على قرارات المملكة السعودية بخصوص دخول رمضان أو شوال بسبب مخالفته للعلوم الفلكية القطعية، ولا يلتفت الناس إلى هذا الإنكار، فنقوم –كما في علمكم- بالتمسك بما نراه حقاً، فهل تظنون أن عامة الناس التي لا تكاد تعرف المجلس الأوروبي ستلتزم بقراراته؟ أم الغرض بناء مرجعية دينية يلتزم بها المسلمون في أوروبا للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وهو لا يجمع من علماء الفقه والشريعة في أوروبا سوى نزر يسير جداً لا يكاد يذكر؟ ويشرف عليه مشايخ لم يعيشوا في أوروبا، بل كانوا يزورونها في بعض الأوقات؟ فلا أدري أهو مجلس للإفتاء والبحوث، أم مجلس لجماعة معينة وطائفة معينة لها توجهات جماعة الإخوان المسلمين العالمية؟ كل عام وأنتم بخير ووفقكم الله لكل خير