التصريح الحكومي بعد مرور سنتين ونصف من الولاية التشريعية الثامنة السيد الرئيس السيد الوزير الأول السيدات والسادة الوزراء السيدات والسادة النواب المحترمين. اسمحوا لي في البداية أن أتدخل باسم المجموعة النيابية لتحالف اليسار الديمقراطي في مناقشة التصريح الحكومي الثاني بعد مرور سنتين ونصف من عمر الحكومة الحالية كحصيلة وأفاق لبرنامجها التي وعدت به الناخبين والتزمت به أمام البرلمان يوم 24 اكتوبر2007، ومن خلال هذا التصريح ما هي أهم المنجزات والأفاق المستقبلية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الجانب السياسي إن تقيمنا للمعطيات المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم والانتخابات المهنية و الجهوية وانتخاب ثلث مجلس المستشارين بالرغم من أنها أجريت داخل أجالها القانونية هذا الأجل الذي اعتبر بالهاجس الأساسي الذي كان يشغل بال الحكومة حسب التصريح الثاني لكن ما لم يشغل بالها وما لم تحرس عليه الحكومة هي نزاهة الانتخابات وشفافيتها وترجمتها إلى ممارسة فعلية وتجسيدها ميدانيا على أرض الواقع ، لتضمن بذلك انبثاق مؤسسات سياسية ذات مصداقية وذات صلاحيات فعلية، بل انه ضمن أولويات تطلعات الشعب المغربي الذي ظل يفقد مصداقية هذه المؤسسات في كل محطة انتخابية وهكذا سجلنا في هذا الجانب غياب توفر الإرادة السياسية الفعلية للتعامل بصرامة مع الإفساد السياسي الذي وصل حدا لا يطاق ، لقد رفضتم كحكومة وضع لوائح جديدة رغم فسادها ، ورفضتم وضع تقطيع جديد يحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين الناخبين ورفضتم اعتماد البطاقة الوطنية كوسيلة وحيدة لاثبات هوية الناخب .و استمرت ممارسات التزوير والعبث بإرادة الناخبين بأشكال بشعة ،وتركتم العنان لأباطرة المال الحرام يبيعون ويشترون في أصوات المواطنين والمستشارين، واستغلال القضاء وإقحامه في تصفية الحسابات السياسية والانتخابية كما أن الإدارة بالإضافة إلى ممارستها الحياد السلبي إلا أنها تدخلت في انتخاب بعض المجالس الجماعية ومجالس الأقاليم والعمالات والجهات. ورفضت في بعض الجهات تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية.بل لعبت دورا في بعض المناطق في دعم الحزب الجديد. السيد الوزير إن سكوتكم عن هذه الممارسة ساهم في تعميق فقدان الثقة في العمل السياسي. بل ساهم في قتل روح التنافس الحر والشريف وساهم أيضا في تعميق فقدان المصداقية والثقة في المؤسسات التمثيلية و تمييع العمل السياسي والحزبي. لقد شكلت الانتخابات التي جرت تحت اشراف حكومتهم نكسة حقيقية للتجربة الانتخابية المغربية.ولم تساعد على خلق مؤسسات نزيهة .وتحولت إلى اوكار للفساد ونهب المال العام. أما فيما يخص التزام حكومتكم في تصريحها الأول بتقوية حقوق المواطنين وتوسيع حرياتهم، وتثبيت حقوق الإنسان، فإننا كمجموعة نيابية لتحالف اليسار الديمقراطي نسجل عكس ذلك بناءا على المعطيات والمستجدات التي عرفها المغرب نوجزها كما يلي: _ وجود إرادة تؤثث لمرحلة تتسم بالتراجع وبتنامي النزوع التحكمي في المجال السياسي ، بعدما تمت الهيمنة و التحكم في المجال الاقتصادي والإعلامي والاجتماعي. - اعتقال ست شخصيات وطنية معروفة بمواقفها الإصلاحية و المتزنة والبعيدة كل البعد عن التطرف والإرهاب فكانت الحكومة السباقة في إثبات التهم إليهم من خلال التحذير في التشكيك في روايتها قبل محاكمتهم. - حل حزب سياسي معروف على مستوى خياراته السياسية والفكرية، بموجب مرسوم موقع من قبل الوزير الأول ،وهي سابقة في تاريخ المغرب لم يقدم عليها أي وزير أول منذ استقلال المغرب. - هجوم متصاعد على الحقوق السياسية والحق في التنظيم والتظاهر والاحتجاج السلمي من خلال العودة إلى حملات الاعتقال السياسي وانتهاك حرمات المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم و الإفراط في استعمال القمع والاعتقال وهذه بعض الأمثلة: - لقد تعرض سكان سيدي ايفني لعقاب جماعي حيث حوصرت المدينة بأكملها ، واقتحم رجال الأمن المنازل وتعرض المواطنون نساء ورجال لكثير من أشكال من العنف والإهانة، ، ورفضت السلطات التعامل مع شكاياتهم، ولم يتم التحقيق في الاتهامات التي وجهت لرجال الأمن . - هذا بالإضافة إلى قمع جميع الحركات الاحتجاجية من معطلين وتنسيقية مناهضة الغلاء بشكل مبالغ فيه، تسبب في إحداث عاهات مستديمة لبعض الضحايا . - ضرب حرية التعبير عن الرأي ومحاكمة الصحافيين والزج بهم في السجن وحجز الصحف وإغلاق مقرات بعض الجرائد خارج القانون.والحكم عليها بغرامات ثقيلة الشيء الذي يهدد المقاولات الصحفية ويعرض العاملين بها الى التشريد.واصبح المغرب بناء على هذه الممارسات يصنف من طرف المنظمات الحقوقية الدولية بين الدول الأكثر قمعا للحريات وللصحافة. - التراجع عن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الجوانب المؤسساتية والتشريعية والأمنية منها عدم الكشف عن حالات الاختفاء ألقسري كحالات الحوسين المانوزي وملف الشهيد المهدي بنبركة وغيرها من الحالات التي لم يتم الكشف عن حقيقتها كاملة وطي هذا الملف بصفة نهائية،كما لا زلنا نسجل في ظل حكومتكم استمرار حالات من الاختطاف والاعتقال دون احترام المقتضيات القانونية مما يعنيه وجود معتقلات سرية التي لا تدخل ضمن مراكز الاعتقال القانوني. - غياب تنوير الرأي العام وتقديم المعطيات من لدن الحكومة فيما يتعلق بتفكيك الخلايا الإرهابية.وتحولت بعض الخرجات الإعلامية لمحاكم حقيقية للمتهمين قبل أن يقول القضاء كلمته. - طرد مواطنة مغربية من ارض الوطن وحرمانها من أبنائها،في ظرف حساس كانت تمر به قضيتنا الوطنية . وقد تسبب هذا القرار في تأليب الرأي العام الدولي الحقوقي ضد المغرب واستغل خصوم وحدتنا الترابية هذا القرار اللا حقوقي ، واساء لكل المجهودات التي بدلت داخل المنتظم الدولي . - عدم احترام التعددية الحزبية في الإعلام العمومي السمعي البصري. - استمرار في نهب المال العام وخيرات البلاد من اراضي فلاحية وميزانيات وأراضي الجموع ومقالع الرمال وثروات سمكية والتهرب من اداء الضرائب في غياب تام للمحاسبة وإرجاع الأموال المنهوبة الشيء الذي أكده المجلس الأعلى للحسابات. - تفشي الرشوة والمحسوبية و الزبونية في كل المجالات مما جعل المغرب يصنف حسب مؤشر الرشوة من بين الدول الأكثر فسادا.وذلك راجع إلى ضعف المحاسبة وممارسة سياسة اللا عقاب . السيد الوزير إنكم مسؤولون عن حماية أموال المواطنين ومسؤولون عن معاقبة لصوص المال العام في إطار القانون وإن أي تهاون من طرف حكومتكم ليعتبر إخلال بمسئوليتكم الدستورية والقانونية. في الجانب الاقتصادي والاجتماعي إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب كان ولازال يعرف ترديا كبيرا في ظل عدم قدرة البرنامج الحكومي والوعود التي التزمت بها الحكومة أمام قبة البرلمان على تحقيق تحسين فعلي للأوضاع المعيشية للفئات الشعبية الكادحة وتوفير شروط العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، وبالتالي فالتدبير الحكومي في نصف ولايته ومن خلاله القوانين المالية السابقة ، لم يجد حلولا فعلية لمعضلة البطالة التي تفاقمت لدى مختلف الشرائح بما فيها حاملي الشواهد ،بالرغم من التزام الحكومة في هذا الجانب بإحداث 250 ألف منصب ، والمؤكد أن التصريح الثاني الذي نحن بصدد مناقشته لم يعط أي جواب عن ذلك فكان من المفروض إحداث 750 ألف منصب شغل إلى غاية نهاية السنة الحالية، بل اكتفى التصريح بالوقوف على نسب كانخفاض معدل البطالة من 9.8% خلال سنة 2007 إلى 9.1% خلال سنة 2009، في حين أن إحصائيات رسمية أخرى تؤكد عكس ذلك، أي ارتفاع نسبة البطالة خلال بداية العام الحالي إلى أكثر من 10% ، وبالتالي فإن الحكومة عاجزة كل العجز على ترجمة وعودها والتزاماتها في مجال التشغيل وخفض معدل البطالة إلى حدود 7% في أفق سنة 2012 نهاية عمر الحكومة الحالية. كما نسجل كمجموعة نيابية لتحالف اليسار الديمقراطي في نفس السياق استمرار الفوارق الصارخة بين الأجور العليا والأجور الدنيا و معاناة الفئات المتوسطة والصغيرة من المأجورين من جراء تجميد أجورها رغم الارتفاعات الكبيرة لأسعار مختلف مواد الاستهلاك الأساسية وتدني الخدمات الاجتماعية وغلاء فاتورة الماء والكهرباء،وثقل الضرائب المباشرة وغير المباشرة . وتفاقم الفقر الذي لم تستطع البرامج الموسمية في معالجته بشكل فعلي، ،بسبب اللجوء إلى المسكنات وتقديم الصدقات للفقراء بدل العمل على إدماجهم في الدورة الإنتاجية وتوفير دخل قار لهم، كل ذلك جعل شرائح اجتماعية عريضة من أبناء الشعب المغربي غير قادرة على تحمل تكاليف المعيشة وتوفير مصاريف العلاج والتعليم و السكن . و بالرغم من أن حكومتكم التزمت في برنامجها على إرساء ميثاق اجتماعي جديد وعقدت عدة لقاءات مع المركزيات النقابية التي ما فتئت تؤكد على أن الحكومة غير جادة في الاستجابة لمطالبها ،بحيث انطلقت سلسلة من الإضرابات دعت إليها المركزيات النقابية ولا زالت مستمرة لحد ألان في كثير من القطاعات ، هذا بالإضافة إلى الاحتجاجات التي عمت مختلف المناطق المغربية كرد فعل طبيعي على مسلسل الفقر والتهميش والبطالة وارتفاع الأسعار وتدني الخدمات العمومية وغيرها، واجهتها الحكومة كعادتها إما بالصمت أو القمع. فالتهميش الذي تعاني منه المناطق القروية والجبلية وما يحيط بها من مراكز وجماعات تفتقر إلى موارد مالية تجعلها غير قادرة على تنمية بنياتها التحتية و الخدماتية والحفاظ على البيئة والقضاء على مظاهر البطالة و الفقر والأمية. فالحكومة من خلال تصريحها الثاني لم تدل بأي معطيات رقمية تجسد دعمها للمناطق المهمشة عبر الجماعات والإقليم المنتمية إليها والتي كما اشرنا تعاني من عجز مالي بنيوي جعلها خارج مفهوم التنمية في ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية بحيث أن كل البرامج والمخططات الحكومية التي تتطلب شراكة مع الجماعات المحلية كالتزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء والسكن والصحة والتعليم والطرقات والمسالك وبرامج محو الأمية ومحاربة الفقر تزداد استفحالا كلما ابتعدنا عن المركز نحو الهامش وعن المدن الكبيرة نحو البوادي البعيدة والمناطق الداخلية أو الجبلية المهمشة وهكذا لقد تم تصنيف المغرب في المرتبة 68 من الفقر البشري في سنة 2007 بين 108 دولة من البلدان النامية، و في سنة 2009 تراجع المغرب إلى المرتبة 96 بين 135 دولة من البلدان النامية حسب مؤشر الفقر البشري، وتقارير أخرى تجعل المغرب في الرتبة 106 على مؤشر تطور التعليم من أصل 128 بلدا وفي نفس التقرير صنف المغرب ضمن البلدان الخمسة ذات التعليم الأكثر تخلفا في العالم العربي ، إلى جانب كل من موريتانيا واليمن وجيبوتي والعراق وبالتالي أنه لا مجال للحديث عن عدالة تنموية في المغرب ولا عن مساواة بين مناطقه و عليه فإننا كمجموعة نيابية لتحالف اليسار الديمقراطي نؤكد مايلي: غياب إستراتيجية حقيقية فعلية لتنمية المناطق المهمشة والقضاء على الفوارق الاقتصادية والاجتماعية و الجغرافية و التخفيف منها عبر تحقيق إقلاع تنموي في مختلف المجالات . - غياب مخططات لتطوير الأنشطة الفلاحية والصناعية والتجارية والخدماتية والسياحية وبلورة سياسة تعتمد على تنمية السوق الداخلي وإدماج الاقتصاد الغير المهيكل في النسيج الاقتصادي. - غياب تدابير حقيقية للحفاظ على الموارد الطبيعية المعرضة للنهب والاستغلال المفرط ومحاربة التصحر - غياب تدابير فعلية للتغلب على الكوارث الطبيعية والحد من الفيضانات تخلي الحكومة عن مساعدة المواطنين ضحايا الفيضانات بكل من سوس والغرب ورفضت اعتبار ها مناطق منكوبة. ونظرا لضيق الوقت المخصص لنا نعتبر ما اشرنا إليه سلفا ضمن هذه الخطوط العريضة هي حقائق تفند وتدحض حصيلة بدون منجزات وأفاق كلها وعود و أمنيات لحكومة بدون صلاحيات ، وليست لها الإمكانيات للجواب على انتظارات وتطلعات الشعب المغربي، لذلك مازلنا نؤكد باستمرار كأحزاب يسارية مشكلة لهذا التحالف على أن المدخل الحقيقي للانتقال الديمقراطي بالبلاد وضمان الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية في شموليتها لكافة المواطنين. لن يتأتى إلا عبر الإصلاح السياسي والدستوري الشامل بشكل عام منه على وجه الخصوص ربط القرار السياسي بصناديق الاقتراع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته