من المعروف أن مصير الولاياتالمتحدة وهي أكبر دولة في العالم أسير بيد اللوبي الصهيوني المسيطر على تجارة الوقود والأسلحة ، وما له علاقة بهما من أنواع التجارات المختلفة بما فيها تجارة المحظورات والمنوعات من مخدرات وسياحة جنسية ... وغيرها. ومصير دولة كبرى كهذا يفرض على هذه الدولة العملاقة النهج الاستعماري والتوسعي والهيمنة بحثا عن مصادر الاقتصاد ، وأسواق الترويج لهذا الاقتصاد جريا وراء الأرباح . وما تدخل الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط العربي سواء من خلال الاحتلال الإسرائيلي النائب عن الاحتلال الأمريكي لأرض فلسطين وأجزاء من البلاد العربية المجاورة لفلسطين ،أو من خلال احتلال العراق الاحتلال المباشر سوى ترجمة لأسلوب البحث عن مصادر الاقتصاد وأسواق الترويج له . فمنطقة الشرق الأوسط هي أغنى مناطق العالم من حيث عنصر الوقود المسير لكل هياكل الأنشطة الاقتصادية في العالم ، لهذا استنبث اللوبي الصهيوني المسيطر على الشأن الأمريكي الكيان الصهيوني في قلب الشرق الأوسط ليكون قريبا من منطقة أكبر احتياطي للبترول في العالم . ولم يكف هذا اللوبي استنبات هذا الكيان الغاصب في المنطقة بل فكر في التوسع عن طريقة الاحتلال الأمريكي ما دام التوسع الصهيوني لم يؤت أكله لعقود من السنين بسبب وجود عنصر المقاومة المستميتة في المنطقة . لقد وجد اللوبي الصهيوني المتحكم في الشأن الأمريكي الذريعة الجاهزة لغزو أرض العراق ، وهي أرض ذات احتياطي معتبر من الطاقة ، واستعان بعملائه من الخونة المتعصبين لمعتقدات تافهة من قبيل المعتقدات الدينية الرافضية ،أو كم قبيل المعتقدات العرقية الكردية ، وهي معتقدات تافهة تصرف أصحابها عن تقييم الوضع بشكل صحيح ، و بطريقة موضوعية وعلمية ، وعن تقدير عواقب أطماع اللوبي الصهيوني المهيمن على السياسة الأمريكية والراغب في خيرات الشرق الأوسط . لقد كانت الذريعة هي أسلحة الدمار الشامل الوهمية في العراق ، ثم بعد ذلك ذريعة محاربة الديكتاتورية والإرهاب . وقد نجح اللوبي الصهيوني في تسويق هذه الذرائع في الوسط العربي المنقسم على نفسه حكاما ومحكومين ، ووجدت هذه الذرائع التربة الخصبة للنمو، حيث تسلط الفرقاء العرب على رقاب بعضهم البعض مقدمين خدمة عظيمة ومجانية للوبي المتربص بهم . ولم يقف اللوبي الصهيوني المسيطر على مقاليد الأمور في هذا العالم البائس عند غزو منطقة الشرق الأوسط فقط ، واتخاذها أكبر قاعدة عسكرية في العالم بقوة غير مسبوقة ،وبآلة حربية تتشفع بكل جديد تكنولوجي من أجل إحكام السيطرة على المنطقة والوصول إلى خيراتها بالسهولة المنشودة بل فكر في قواعد عسكرية في المنطقة الإسلامية الأسيوية ، ووجد ضالته في أرض أفغانستان من أجل الوصول إلى مصادر الطاقة المتنوعة في المنطقة لدعم مصادر الشرق الأوسط العربية التي يستنزفها بطريقة مهولة ، ومن أجل بسط النفوذ الاقتصادي العالمي والهيمنة على اقتصاد العالم بأسره . ومشكلة اللوبي الصهيوني الراكب ظهر القوات الأمريكية ، والقوات الغربية في ما يسمى حلف الناتو هو وجود مقاومة عربية وإسلامية ترفض احتلاله وهيمنته ، وتناضل من أجل تحرير الأرض والإنسان في المنطقتين العربية والإسلامية . ولم يجد اللوبي الصهيوني بدا من الاستعانة بالعناصر العميلة سواء تعلق الأمر بأنظمة مفروضة على الشعوب العربية والإسلامية بالقوة ، أو بطوائف مرتزقة تحكمها مصالحها الخاصة الطائفية والعرقية كما ذكرنا بخصوص نموذج العراق . ولقد راهن اللوبي الصهيوني من خلال دمية الرئاسة الأمريكية التي يتغير لون بشرتها دون أن يتغير جوهرها الخاضع لإرادة اللوبي على خيار القوة الذي لم يجد نفعا مع المقاومة المستميتة ، ففكر في خيار المفاوضات مع هذه المقاومة وفشل في ذلك كفشله في خيار الاعتماد على القوة ، وهو يحاول كل الخيارات ، وآخرها محاولة تضليل الشعب الأفغاني عن طريق مسرحية محبوكة الفصول مع الرئيس الأفغاني الدمية المحلية الذي يحاول فاشلا إقناع الشعب الأفغاني بأنه قد شق عصا الطاعة على اللوبي الصهيوني من خلال رحيله إلى قبيلته بقندهار لمغازلة مشاعر شعب غاضب منه ومن احتلال اللوبي الصهيوني لأرضه. وقد بدا سخيفا وتافها ، وهو يتظاهر بتفهم غضب عشيرته بحضور المسؤول العسكري الأمريكي الذي يسوقه سوق القناص لكلب الصيد من أجل تسهيل الحصول على الطريدة المستعصية بسبب المقاومة الباسلة التي تمثل صخرة تتكسر عليها كل أطماع اللوبي الصهيوني. لقد سخر اللوبي جهاز إعلامه من أجل الترويج لخرافة ومسرحية خلاف الرئيس الأفغاني الدمية مع الإدارة الأمريكية الدمية بدورها ، وهو صراع مفتعل ومغرض ومكشوف بشكل يثير السخرية . وعلى غرار سياسة اللوبي الصهيوني الفاشلة في أفغانستان والتي تكلفه خسارة لا تقدر ، يحاول هذا اللوبي خلق نظام عميل هجين في العراق على غرار أنظمة الشرق الأوسط الخاضعة الخانعة عسى أن يوفر على نفسه الجيوش الرابضة في العراق من أجل استخدامها في أفغانستان لتحيين وتفعيل الخيار العسكري الذي يراهن عليه مع الخيارات والرهانات اليائسة الأخرى . وبالفعل لقد وفرت الملشيات العميلة المتعصبة للعقيدة الرافضية الفاسدة أو العقيدة العرقية الكردية المنتنة في العراق العديد من فيالق الجيوش الأمريكية المنقولة إلى الساحة الأفغانية . وركب اللوبي الصهيوني النظام الباكستاني من خلال الضغط السياسي عليه واستغلال خلافه الأيديولوجي مع جارته الهند من أجل تسخيره لضرب الامتداد الاستراتيجي للمقاومة الأفغانية ، وتوفير الجهد في ذلك على قوة اللوبي الصهيوني . وقد نجح اللوبي بالفعل في تسخير الجيش الباكستاني لهذا الغرض واستنزافه لأغراض غير خافية على أحد. ولم يقف اللوبي عند هذا الحد بل استعدى كل الأنظمة العربية والإسلامية على شعوبها من خلال التسويق لفكرة محاربة التطرف والإرهاب . وهو يقصد بالتطرف والإرهاب فكرة رفض الشعوب العربية والإسلامية للغزو الصهيوني للأرض العربية والإسلامية . وبالفعل نجح في خلق صراع بين الأنظمة العربية والإسلامية وشعوبها ، ونقل صراعه إلى أشكال صراعات داخلية بين الأنظمة الخاضعة له ، وشعوبها المقهورة التواقة إلى الانعتاق والتحرر من أنظمة خاضعة للوبي الصهيوني ، ومن هيمنة هذا اللوبي . لقد نجح اللوبي في خلط الأوراق حتى بين الشعوب العربية والإسلامية حيث تميل فئات من هذه الشعوب المفتونة بحضارة اللوبي المادية وثقافته إلى تصديق أكذوبة محاربة التطرف والإرهاب مما يجعلها تقدم الدعم للأنظمة الخاضعة للوبي ، متوهمة وجود حقيقي لأكذوبة التطرف والإرهاب ، وقد جندتها الأنظمة لتكون قاعدة متقدمة لمحاصرة فكرة المقاومة مهما كان شكلها قبل تسخير القوة العسكرية لمواجهتها . وها هو اللوبي الصهيوني يحاول استدراج دول منطقة الساحل الإفريقي لمناورات يراهن عليها من أجل تضليل شعوب المنطقة وإيهامها بوجود خطر متخيل يتهددها عوض الخطر الحقيقي الذي هو خطر الهيمنة اللوبية . لقد صار هذا اللوبي يخطب ود بعض الأنظمة في المنطقة التي كانت خارجة سيطرته للمشاركة في مسرحية محاربة التطرف والإرهاب على الطريقة المستعملة مع النظام الباكستاني الذي بات متورطا في حرب لا ناقة له فيه ولا جمل . وخلاصة القول أن اللوبي الصهيوني المهيمن على القرار الأمريكي يحاول إقناع عملائه في المنطقة العربية والإسلامية وبأساليب يائسة بوجاهة فكرة احتلاله وهيمنته وهي فكرة مصيره الفشل الذريع ما دامت فكرة المقاومة حية في نفوس الشعوب العربية والإسلامية .