أخذت الواجهات الزجاجية وغير الزجاجية للمؤسسات التجارية والصناعية والسياحية تتزين بعبارات السعادة والبهجة والفرح بقدوم السنة الجديدة 2003. فحيثما وليت وجهك في المغرب والعالم رأيت العبارة المعروفة تعاد مرة أخرى قائلة: سنة سعيدة 2003 أو سنة بهيجة.. ولا ينحصر الحال في المؤسسات، بل إن الأفراد والمجموعات في العالم كله، وتقليدا للغربيين المسيطرين على مقاليد السياحة والسلاح والإعلام، يتبادلون بطاقات التهاني ويبارك بعضهم لبعض انقضاء عام واستقبال آخر، بل يصل حد التبعية العمياء إلى تنظيم سهرات ماجنة ليلة العام الجديد يسودها رقص هائج وخمر متدفق وصعلكة لا حد لها، وربما انتهى الأمر بمأساة جماعية كما حدث في العام الماضي في مدن عدة من مدن القرية العالمية. يجري الاستعداد للاحتفال على قدم وساق، موازاة مع الاستعداد الأمريكي العسكري للعدوان مرة أخرى على الشعب العراقي وعلى جزء من الأمة الإسلامية. الولاياتالمتحدة المغترة بقوتها وسلطانها وسلاحها مصممة العزم على توسيع دائرة الوجود العسكري الفعلي بالخليج الإسلامي، بعد أن استقرت فيالقها العسكرية منذ أكثر من عشر سنوات بالكويت وشمال المملكة العربية السعودية، وقواعدها الأخرى المبنية في البر والبحر بالمنطقة كلها، وفي الحزام الأوسع للمنطقة ابتداء من أفغانستان وباكستان ووصولا إلى إسبانيا والمغرب. هذا دون الحديث عن قاعدتها الكبرى دولة العدو الصهيوني المستعد للتنسيق، ليلا ونهارا، للسطو على أجزاء أخرى من المنطقة العربية لتأسيس الدولة الكبرى. التي تسكن مخيلة الصهاينة المتطرفين وبعض العسكريين الأمريكيين المتعصبين لأسطورة قيام مملكة الرب السعيدة في المنطقة، بعد معركة حامية فاصلة بين "جيوش الخير" و"جيوش الشر". وما جيوش الشر سوى المسلمون، وما جيوش الخير سوى أتباع عيسى عليه السلام والمسيح المنتظر! فأي سعادة هذه التي يتمناها المستضعفون لبعضهم البعض والعدوان على جزء منهم على الأبواب؟! وأي بهجة هذه والطبول الحربية تدق بأعلى أصواتها في العالم الإسلامي عموما؟! وفي الشرق العربي خصوصا؟! لا معنى للسعادة ولا للبهجة والمجزرة الكبرى على الأبواب، لا معنى للسعادة والفرحة والقصف الجوي بدأت طلائعه منذ مدة، لا معنى للاحتفال والدماء والأرواح تزهق بدماء أمريكية صهيونية باردة. أما المسيح عليه السلام رسول المحبة والإخلاص، فما كان سفاحا ولا سفاكا ولا أسس جيشا من القراصنة والمرتزقة المدججين بالأسلحة المختلفة الأشكال والأوزان، للعدوان على الأفراد والشعوب والأمم، بل كان نبيا رسولا وسراجا منيرا، داعيا إلى المحبة والأخوة والسلام.