المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار أولية حول مرتكزات المشروع الوطني
نشر في السند يوم 22 - 03 - 2010

المشروع الوطني التحرري الفلسطيني ليس شعارا أو صياغة لغوية جميلة ومتناسقة وليس محاصصة وتقاسم مغانم السلطة بين القوى السياسية ،بل برنامج عمل واسلوب حياة واستراتيجية كفاحية للفلسطينيين كشعب ما زال خاضعا للاحتلال،كما أن الهدف من تأسيس أو إعادة بناء المشروع الوطني المنشود ليس فقط إيجاد مخارج للأزمات الراهنة كالانقسام ووجود سلطتين وحكومتين وأزمة انتخابات وأزمة مفاوضات الخ ،بل هو بمثابة خطة طريق تسير عليها الاجيال الراهنة والأجيال القادمة إلى حين تحقيق الاستقلال الوطني .
المشروع الوطني أكبر وأشمل من الدولة والسلطة والانتخابات والاحزاب ،فهذه إن كانت تخدم هذا المشروع وتعززه كان بها وإن لم يكن فلا يمكن التخلي عن المشروع الوطني من اجلها،وللأسف فإن واقع السلطة والحكومة أو الحكومتين يشير إلى أنها تشكل معيقات بل مضادات للمشروع الوطني التحرري .أيضا المشروع الوطني لا ينفصل عن الثقافة والهوية الوطنية ولا عن الثقافة الديمقراطية كثقافة تعددية، ففي ثقافتنا الوطنية متسع للجميع،ومن لا يؤمن بخصب ثقافتنا وتنوعها وامتدادها لأكثر من أربعة آلاف سنة لا يمكنه أن يكون جزءا من المشروع الوطني فبالأحرى قيادته.
من حيث المبدأ فالمشروع الوطني التحرري محل النقاش يجب أن يحسم من خلال التوافق في الأمور الخمسة التالية التي تشكل مرتكزات أي مشروع وطني وهي ما يجب أن تشتغل عليها أية مصالحة وطنية حقيقية : 1) الهدف 2) الوسيلة أو الوسائل لتحقيق الهدف 3) المرجعية 4) الإطار 5)الثوابت.
1) – الهدف
نحن هنا نتحدث عن اهداف شعب خاضع للاحتلال وهي اهداف استراتيجية متعالية مؤقتا عن المشاكل الفرعية الناتجة عن الصراعات الداخلية وتعقيدات الحياة اليومية والمناكفات السياسية الناتجة عن الانقسام.بعد صياغة والاتفاق على المشروع الوطني وتشكيل قيادة وحدة وطنية سيكون لهذه المشاكل الأولوية في التعامل وكثير منها سينتهي تلقائيا في حالة التوافق على المشروع الوطني.عندما نتحدث عن أهداف لمشروع وطني فإننا نتحدث عن بدائل لحالة التيه القائمة وللمشاريع غير الوطنية التي يتم العمل عليها علنا أو بطريقة خفية كتكريس الفصل بين غزة والضفة ،وقيام دولة في قطاع غزة،او الحل الاقتصادي في الضفة الغربية الخ.
وعليه ،فالهدف الاستراتيجي هو الإجابة عن: ماذا يريد الفلسطينيون؟ أو كيف يرون حقوقهم المشروعة ؟أو ما هو الحق الذي يناضلون من اجله ؟. هل يريدون تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر ؟أم دولة في غزة والضفة بما فيها القدس؟أم دولة ثنائية القومية على كامل فلسطين الإنتدابية؟ أم دولة غزة؟أم دولة غزة الموسعة لتشمل أجزاء من سيناء مقابل التخلي عن الضفة والقدس ؟أم دولة مؤقتة على جزء من الضفة وقطاع غزة؟أم تقاسم وظيفي ما بين أجزاء من الضفة والأردن وإسرائيل ؟أم اتحاد كونفدرالي ما بين غزة وأجزاء من الضفة وربما الأردن أيضا؟ أم البديل الأردني –الأردن وطن للفلسطينيين- ؟ ،هل يقبل الفلسطينيون مبدأ تبادل الأراضي؟هل يريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة؟ أم يريدونها عاصمة لدولتين؟ هل يريد الفلسطينيون عودة كل اللاجئين إلى قراهم ومدنهم الأصلية ؟أم عودتهم لمناطق السلطة ؟أم حل مشكلة اللاجئين حسب وثيقة جنيف (وثيقة ياسر عبد ربه) ؟أو يقبلون بالتعويض ؟ .هل الفلسطينيون مستعدون لحسم الأمر بهذه الأمور بدلا من البقاء في حالة تردد وتوظيف خطاب سياسي علني شعاراتي وعاطفي وانفعالي وساذج ومستفز حول القبول بهدف مرحلي دون التخلي عن الهدف الاستراتيجي كالقول بقبول دولة في الضفة وغزة مع عدم التخلي عن الهدف الاستراتيجي وهو تدمير إسرائيل وتحرير كامل التراب الفلسطيني؟،وهل من مصلحة الفلسطينيين ترك الهدف مفتوحا حسب التطورات وموازين القوى بحيث يتم الانتقال من هدف لآخر اعتمادا على موازين قوى إقليمية ودولية ليسوا طرفا أصيلا فيها ؟.وهل يمكن للعالم القبول بمشروع وطني يقول بهدف مرحلي قائم على الشرعية الدولية وهدف استراتيجي معلن يقول بإنهاء دولة إسرائيل؟ وكيف يتم صياغة العلاقة بين المرحلي والاستراتيجي؟ وهل يمكن تحديد اهداف وطنية واستراتيجيات لتحقيقها اعتمادا على ممكناتنا الوطنية ؟ كيف نفصل ما بين ما نريده كفلسطينيين، وما تريده أطراف عربية وإقليمية توظف القضية الفلسطينية لخدمة أجندتها الخاصة لأن المشروع الوطني لن يكون وطنيا إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية كثقافة وهوية وانتماء؟الخ.
2) وسائل وآليات تحقيق الهدف
الاختلاف حول الهدف أثر سلبا على وسائل تحقيقه، بحيث باتت الوسائل تتكيف وتتحدد في كل مرحلة حسب الهدف المُعلن أو المُضمر وحسب موازين القوى الداخلية وحسب المصلحة والارتباطات الخارجية لكل حزب وحركة.ففي بداية الثورة الفلسطينية كان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين ثم أصبح الكفاح المسلح والعمل السياسي يسيران جنبا لجنب كوسائل للتحرير وأخيرا آل الأمر للسلام والتسوية السياسية كخيار استراتيجي،وفي كل مرحلة كان التغيير في الوسائل مرتبطا بالتغيير في الهدف وفي التغير في النخب وفي تغليب حسابات السلطة على حسابات الوطن ،مع عدم إسقاط دور الضربات التي تعرضت لها الثورة من العدو الصهيوني ومن الأنظمة العربية. ضمن نفس السياق سارت حركة حماس ففي البداية كان الجهاد بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر الطريق الوحيد للتعامل مع اليهودية والصهيونية وإسرائيل، وكانت المفاوضات والتسوية السلمية والسلام والاعتراف بإسرائيل كلها أمورا مرفوضة،وعندما بدأت التسوية الخفية منذ ست سنوات تقريبا – تسوية فصل الضفة عن غزة - لإدماج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني ووعدها بسلطة في قطاع غزة ،أوقفت حركة حماس العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر ثم أوقفت المقاومة داخل الضفة الغربية وأخيرا أوقفتها انطلاقا من قطاع غزة ، ومنذ أيام أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة السيد خالد مشعل المزاوجة ما بين المقاومة والعمل السياسي ،هذا التحول في الوسائل عند حركة حماس مرتبط بتحولها لسلطة ومرتبط بالتغير في الهدف، حيث باتت اليوم تقبل بسلطة في قطاع غزة وترك بقية فلسطين للمستقبل.
المشكلة لا تكمن في المقاومة كما لا تكمن في التسوية السلمية من حيث المبدأ، بل من الخطأ وضع تعارض ما بين المقاومة والسلام و التسوية السلمية، لأن المقاومة ليست قتالا من أجل القتال بل نضال من أجل الحق والسلام ،والمقاومة بدون رؤية سياسية وهدف سياسي قابل للتحقيق تصبح نوعا من العمل الانتحاري أو الارتزاق الثوري والجهادي.المشكلة تكمن في غياب التوافق الوطني حول الوسائل واستراتيجيات العمل، فلا يجوز لحزب أو حركة – حماس والجهاد الإسلامي- أن تنهج نهج المقاومة المسلحة بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل فيما منظمة التحرير تعتمد خيار التسوية السياسية وتجلس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين لتنفيذ اتفاقات موقعة ،كما لا يجوز لفصائل مقاومة أن تستمر في إطلاق صواريخ والقيام بعمليات عسكرية فيما تلتزم السلطة الرسمية بتهدئة مع إسرائيل،ولا يجوز لحركة حماس أن ترفض التهدئة وتستمر بإطلاق الصواريخ وهي خارج السلطة وعندما تصبح سلطة في غزة تعلن وقف إطلاق الصواريخ بل وقف المقاومة. هذا لا يعني رفض الجمع بين المقاومة والسلام بل رفض وجود استراتيجيات متعارضة بشأنهما،لو كانت المقاومة والمفاوضات تمارسان في إطار إستراتيجية وطنية وتحت رعاية قيادة وحدة وطنية لعضدت المقاومة من موقف المفاوض ولأضفت المفاوضات شرعية على المقاومة .
الانقسام وفصل غزة عن الضفة أثر كثيرا على قدرة تحقيق الفلسطينيين لاهدافهم بأي وسيلة كانت،فلم تعد المشكلة في المقاومة المسلحة والمفاوضات فقط بل تجاوزت ذلك للوسائل الاخرى كالانتفاضة السلمية والمقاومة الشعبية ،فالفلسطينيون اليوم عاجزون عن اطلاق انتفاضة ثالثة أو مقاومة شعبية واسعة ،هذا ناهيك أن نصف الشعب الفلسطيني في الشتات مُحيد عن ميدان المواجهة . وبالتالي لا يمكن الحديث عن مشروع وطني في ظل عدم اتفاق الأغلبية على وسائل تحقيق الهدف أي على الموقف من المقاومة والموقف من التسوية السلمية والموقف من المفاوضات،ما ذكرناه حول الموقف من المقاومة المسلحة يقال عن الموقف من المقاومة الشعبية ومن الانتفاضة ومن المفاوضات والتسوية السياسية ،فلا يجوز القول بأن المفاوضات محرمة ومرفوضة إن مارستها حركة فتح والرئيس أبو مازن ومحللة وشرعية إن مارستها أو سعت إليها حركة حماس .ومن الواضح أن عدم الاتفاق على آليات ووسائل العمل لا يعود فقط لحسابات تغيير الهدف والتغيير في موازين القوى بل أصبح اليوم لحسابات تتعلق بالسلطة ومغانمها وبالإرتباطات الخارجية لكل طرف .
3) المرجعية
المرجعية هي موئل الحق والهوية والثقافة ، ومنها تُحدد الأهداف ووسائل العمل وهي التي تمنح هوية للمشروع الوطني الفلسطيني ،هذه المرجعية إشكال أيضا، بسبب التداخل ما بين التاريخي والديني والسياسي والقانوني ،وما بين الوطني والقومي والإسلامي ،وبسبب الشتات وخضوع أغلبية الشعب الفلسطينية لسلطات غير وطنية لكل منها أجندتها ورؤيتها الخاصة للصراع في المنطقة.عندما تغيب استقلالية القرار وتتداخل الهويات يصبح الحديث عن مرجعية وطنية ومشروع وطني وثوابت وطنية أمرا صعبا .هذه إشكالية واجهتها محاولة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بعد النكبة،ونقصد منظمة التحرير الفلسطينية،فهذه تم تأسيسها بقرار قمة عربية قبل أن يتم توطينها عام 1968 عندما سيطرت عليها فصائل العمل الوطني وخصوصا حركة فتح،وبالرغم من اعتراف العرب بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974، إلا أن التدخلات العربية لم تتوقف في الشأن الفلسطيني ،حتى يجوز القول بأن القضية الفلسطينية مع منظمة التحرير كانت مشاريع في مشروع أو قضايا في قضية :قضية وطنية وقضية قومية وقضية إسلامية وقضية تحرر وطني.هذا التداخل صاحب مسيرة المنظمة بالرغم من الصراعات المتعددة التي دخلتها منظمة التحرير وخصوصا الرئيس أبو عمار لتأكيد استقلالية القرار وتثبيت المرجعية الوطنية للقضية،وهو تداخل ما زال مستمرا حتى اليوم مع تغير في ترتيب المرجعيات من حيث الأهمية وهو تغير ناتج عن تغير القوى إقليميا ودوليا فحلت واشنطن والغرب محل المعسكر الاشتراكي ،وحلت المرجعية الإسلامية محل المرجعية القومية العربية وزادت المرجعية الوطنية وهنَّا وتراجعا.
المرجعية اليوم تحتاج لإبداع خلاق ما بين الوطنية والقومية والإسلام ،وما بين المرجعية التاريخية ومرجعية الشرعية الدولية ،وما بين المرجعية الوطنية ومرجعية الأجندة الإقليمية.ولكن هل أن الاتفاق على المرجعية يكون من خلال الإطار القائم وهو منظمة التحرير الفلسطينية ؟أو من خلال حوارات بين المنظمة والقوى خارجها ؟أم يتم الاتفاق عليها من خلال الانتخابات ؟وهل إن الاتفاق على المرجعية يسبق تشكيل الإطار الوطني أم إن الإطار الوطني يحدد ويُعرف المرجعية ؟.
نظرا لخصوصية الحالة الفلسطينية حيث فلسطين الأرض والهوية والثقافة والوجود الوطني مهددة من احتلال استيطاني إجلائي فإن الأولوية يجب أن تكون لتأكيد الوجود الوطني الفلسطيني وبالتالي تصبح الهويات والمرجعيات الأخرى عوامل مساعدة للمشروع الوطني،دون أن يعني ذلك الفصل بين فلسطين ومحيطها وعمقها العربي والإسلامي .فلسطين أولا ثم يمكن التفكير بمشروع قومي عربي او بمشروع خلافة إسلامية أو غيرها ،يجب أن تكون القومية العربية والإسلام من مكونات المشروع الوطني وفي خدمته ،لا ان يُلحق المشروع الوطني باجندة خارجية سواء كانت عروبية أو إسلاموية .
4) الإطار
نقصد بالإطار الكيان أو النظام السياسي أو قيادة وحدة وطنية. الإطار هو ما يستوعب ويوجه كل العملية السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج ويتصرف ويتحدث نيابة عن الكل الفلسطيني. لا يكفي أن يكون الإطار معنويا كما يقال عن منظمة التحرير بأنها الوطن المعنوي للفلسطينيين ،بل يجب أن يكون مؤسساتيا أيضا.قبل ظهور حركة حماس وقبل تأسيس السلطة الوطنية كانت المنظمة تمثل هذا الإطار،أما اليوم فالحاجة تدعو إما لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير لتستوعب كل القوى السياسية الجديدة ليس على مستوى الكم فقط بل أيضا على مستوى الكيف أي على مستوى البرامج والتوجهات،أو التفكير بإطار جديد ينبثق عن مؤتمر شعبي وطني لجميع الفلسطينيين في الداخل والخارج .وجود إطار يعني وجود قيادة واحدة وممثل واحد للشعب الفلسطيني يتحدث نيابة عنهم ويتصرف باسمهم في كافة المحافل الدولية ،والامر ليس سهلا ،فمثلا هل الدول والمنظمات التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا مستعدة لتحويل اعترافها لإطار جديد يختاره الفلسطينيون بحرية أو يتكرر ما جرى مع تجربة انتخابات يناير 2006 ؟ وهل سيرث الإطار الجديد كل الالتزامات والاتفاقات التي وقعتها والتزمت بها منظمة التحرير أم يبدأ عهدا جديدا برؤية جديدة ؟.

5) الثوابت
الثوابت كل ما هو محل توافق وطني، في حالة الاتفاق على العناصر الاربعة المشار إليها أعلاه تصبح ثوابت للامة.داخل الثوابت يمكن للقوى والاحزاب السياسية أن تختلف ولكن لا يجوز لها أن تختلف حول الثوابت ما دام الشعب يعيش مرحلة التحرر الوطني،بعد إنجاز الهدف وقيام الدولة يمكن للقوى السياسية وللشعب بشكل عام أن يعيد صياغة بعض الثوابت من خلال التوافق أو من خلال الانتخابات والاستفتاء العام .
لا ندري إن كانت مئات جولات الحوار بين القوى السياسية قد تطرقت لهذه القضايا أم لا ؟فإن كانت تطرقت لها فهل تم التوصل لتوافق حولها ؟وإن تم التوافق حولها فلماذا لم يتم تنفيذها ؟هل هي غياب الإرادة؟ أم غياب القدرة؟أم غياب الإيمان بالمشروع الوطني و بعدالة أهدافه؟ إن كان الامر يتعلق بغياب الإرادة فهذا معناه أن هذه القوى غير مؤهلة لقيادة المشروع الوطني، أما إن كان الامر يتعلق بعدم القدرة فعلى القوى السياسية وخصوصا حركتي فتح وحماس أن تعيد حساباتها الداخلية وشبكة علاقاتها الخارجية ،وإن كان الامر يتعلق بضعف أو غياب الإيمان بالمشروع الوطني فهذه هي الطامة الكبرى ،أما إذا كانت الحوارات لم تتناول هذه القضايا أو تناولتها بشكل سطحي وهذا ما نعتقده فيجب إعادة النظر بفلسفة الحوارات وإعادة النظر بكل ما يتعلق بالمصالحة الوطنية حيث يبدو ان الحوارات لم تكن تدور حول مصالحة وطنية بل حول محاصصة على مكاسب ومناصب حكومية ووظيفية أُريِد من وجودها أن تحل محل الوطن والمصلحة الوطنية، وقد كان.
ندرك جيدا أن المهمة ليست سهلة فحتى لو تم التوافق على مشروع وطني فلسنا وحدنا في الميدان فهناك إسرائيل التي تحتل الارض وتحارب كل جهد فلسطيني سواء كان عنوانه السلام والتسوية أو المقاومة والممانعة، فإسرائيل تحارب كل توجه وحدوي فلسطيني يسعى لتجاوز حالة التيه والانقسام ،وهناك اطراف عربية وإقليمية ليست محبذة لوجود مشروع وطني فلسطيني مستقل ،ولكن ، هل نترك الامور على حالها حيث المأزق المعمم والخراب الشامل سواء في الضفة أو غزة أو الشتات؟أم نتفق على مشروع وطني إن لم ينجز الاستقلال الآن فعلى الأقل يوقف حالة الانهيار ويمنح أملا للأجيال القادمة؟.
‏22‏/03‏/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.