طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار أولية حول مرتكزات المشروع الوطني

المشروع الوطني التحرري الفلسطيني ليس شعارا أو صياغة لغوية جميلة ومتناسقة وليس محاصصة وتقاسم مغانم السلطة بين القوى السياسية ،بل برنامج عمل واسلوب حياة واستراتيجية كفاحية للفلسطينيين كشعب ما زال خاضعا للاحتلال،كما أن الهدف من تأسيس
أو إعادة بناء المشروع الوطني المنشود ليس فقط إيجاد مخارج للأزمات الراهنة كالانقسام ووجود سلطتين وحكومتين وأزمة انتخابات وأزمة مفاوضات الخ ،بل هو بمثابة خطة طريق تسير عليها الاجيال الراهنة والأجيال القادمة إلى حين تحقيق الاستقلال الوطني .المشروع الوطني أكبر وأشمل من الدولة والسلطة والانتخابات والاحزاب ،فهذه إن كانت تخدم هذا المشروع وتعززه كان بها وإن لم يكن فلا يمكن التخلي عن المشروع الوطني من اجلها،وللأسف فإن واقع السلطة والحكومة أو الحكومتين يشير إلى أنها تشكل معيقات بل مضادات للمشروع الوطني التحرري .أيضا المشروع الوطني لا ينفصل عن الثقافة والهوية الوطنية ولا عن الثقافة الديمقراطية كثقافة تعددية، ففي ثقافتنا الوطنية متسع للجميع،ومن لا يؤمن بخصب ثقافتنا وتنوعها وامتدادها لأكثر من أربعة آلاف سنة لا يمكنه أن يكون جزءا من المشروع الوطني فبالأحرى قيادته.
من حيث المبدأ فالمشروع الوطني التحرري محل النقاش يجب أن يحسم من خلال التوافق في الأمور الخمسة التالية التي تشكل مرتكزات أي مشروع وطني وهي ما يجب أن تشتغل عليها أية مصالحة وطنية حقيقية : 1) الهدف 2) الوسيلة أو الوسائل لتحقيق الهدف 3) المرجعية 4) الإطار 5)الثوابت.
– الهدف
نحن هنا نتحدث عن اهداف شعب خاضع للاحتلال وهي اهداف استراتيجية متعالية مؤقتا عن المشاكل الفرعية الناتجة عن الصراعات الداخلية وتعقيدات الحياة اليومية والمناكفات السياسية الناتجة عن الانقسام.بعد صياغة والاتفاق على المشروع الوطني وتشكيل قيادة وحدة وطنية سيكون لهذه المشاكل الأولوية في التعامل وكثير منها سينتهي تلقائيا في حالة التوافق على المشروع الوطني.عندما نتحدث عن أهداف لمشروع وطني فإننا نتحدث عن بدائل لحالة التيه القائمة وللمشاريع غير الوطنية التي يتم العمل عليها علنا أو بطريقة خفية كتكريس الفصل بين غزة والضفة ،وقيام دولة في قطاع غزة،او الحل الاقتصادي في الضفة الغربية الخ.
وعليه ،فالهدف الاستراتيجي هو الإجابة عن: ماذا يريد الفلسطينيون؟ أو كيف يرون حقوقهم المشروعة ؟أو ما هو الحق الذي يناضلون من اجله ؟. هل يريدون تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر ؟أم دولة في غزة والضفة بما فيها القدس؟أم دولة ثنائية القومية على كامل فلسطين الإنتدابية؟ أم دولة غزة؟أم دولة غزة الموسعة لتشمل أجزاء من سيناء مقابل التخلي عن الضفة والقدس ؟أم دولة مؤقتة على جزء من الضفة وقطاع غزة؟أم تقاسم وظيفي ما بين أجزاء من الضفة والأردن وإسرائيل ؟أم اتحاد كونفدرالي ما بين غزة وأجزاء من الضفة وربما الأردن أيضا؟ أم البديل الأردني –الأردن وطن للفلسطينيين- ؟ ،هل يقبل الفلسطينيون مبدأ تبادل الأراضي؟هل يريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة؟ أم يريدونها عاصمة لدولتين؟ هل يريد الفلسطينيون عودة كل اللاجئين إلى قراهم ومدنهم الأصلية ؟أم عودتهم لمناطق السلطة ؟أم حل مشكلة اللاجئين حسب وثيقة جنيف (وثيقة ياسر عبد ربه) ؟أو يقبلون بالتعويض ؟ .هل الفلسطينيون مستعدون لحسم الأمر بهذه الأمور بدلا من البقاء في حالة تردد وتوظيف خطاب سياسي علني شعاراتي وعاطفي وانفعالي وساذج ومستفز حول القبول بهدف مرحلي دون التخلي عن الهدف الاستراتيجي كالقول بقبول دولة في الضفة وغزة مع عدم التخلي عن الهدف الاستراتيجي وهو تدمير إسرائيل وتحرير كامل التراب الفلسطيني؟،وهل من مصلحة الفلسطينيين ترك الهدف مفتوحا حسب التطورات وموازين القوى بحيث يتم الانتقال من هدف لآخر اعتمادا على موازين قوى إقليمية ودولية ليسوا طرفا أصيلا فيها ؟.وهل يمكن للعالم القبول بمشروع وطني يقول بهدف مرحلي قائم على الشرعية الدولية وهدف استراتيجي معلن يقول بإنهاء دولة إسرائيل؟ وكيف يتم صياغة العلاقة بين المرحلي والاستراتيجي؟ وهل يمكن تحديد اهداف وطنية واستراتيجيات لتحقيقها اعتمادا على ممكناتنا الوطنية ؟ كيف نفصل ما بين ما نريده كفلسطينيين، وما تريده أطراف عربية وإقليمية توظف القضية الفلسطينية لخدمة أجندتها الخاصة لأن المشروع الوطني لن يكون وطنيا إلا تحت راية الوطنية الفلسطينية كثقافة وهوية وانتماء؟الخ.
وسائل وآليات تحقيق الهدف
الاختلاف حول الهدف أثر سلبا على وسائل تحقيقه، بحيث باتت الوسائل تتكيف وتتحدد في كل مرحلة حسب الهدف المُعلن أو المُضمر وحسب موازين القوى الداخلية وحسب المصلحة والارتباطات الخارجية لكل حزب وحركة.ففي بداية الثورة الفلسطينية كان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين ثم أصبح الكفاح المسلح والعمل السياسي يسيران جنبا لجنب كوسائل للتحرير وأخيرا آل الأمر للسلام والتسوية السياسية كخيار استراتيجي،وفي كل مرحلة كان التغيير في الوسائل مرتبطا بالتغيير في الهدف وفي التغير في النخب وفي تغليب حسابات السلطة على حسابات الوطن ،مع عدم إسقاط دور الضربات التي تعرضت لها الثورة من العدو الصهيوني ومن الأنظمة العربية. ضمن نفس السياق سارت حركة حماس ففي البداية كان الجهاد بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر الطريق الوحيد للتعامل مع اليهودية والصهيونية وإسرائيل، وكانت المفاوضات والتسوية السلمية والسلام والاعتراف بإسرائيل كلها أمورا مرفوضة،وعندما بدأت التسوية الخفية منذ ست سنوات تقريبا – تسوية فصل الضفة عن غزة - لإدماج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني ووعدها بسلطة في قطاع غزة ،أوقفت حركة حماس العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر ثم أوقفت المقاومة داخل الضفة الغربية وأخيرا أوقفتها انطلاقا من قطاع غزة ، ومنذ أيام أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة السيد خالد مشعل المزاوجة ما بين المقاومة والعمل السياسي ،هذا التحول في الوسائل عند حركة حماس مرتبط بتحولها لسلطة ومرتبط بالتغير في الهدف، حيث باتت اليوم تقبل بسلطة في قطاع غزة وترك بقية فلسطين للمستقبل.
المشكلة لا تكمن في المقاومة كما لا تكمن في التسوية السلمية من حيث المبدأ، بل من الخطأ وضع تعارض ما بين المقاومة والسلام و التسوية السلمية، لأن المقاومة ليست قتالا من أجل القتال بل نضال من أجل الحق والسلام ،والمقاومة بدون رؤية سياسية وهدف سياسي قابل للتحقيق تصبح نوعا من العمل الانتحاري أو الارتزاق الثوري والجهادي.المشكلة تكمن في غياب التوافق الوطني حول الوسائل واستراتيجيات العمل، فلا يجوز لحزب أو حركة – حماس والجهاد الإسلامي- أن تنهج نهج المقاومة المسلحة بما في ذلك العمليات الاستشهادية داخل إسرائيل فيما منظمة التحرير تعتمد خيار التسوية السياسية وتجلس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين لتنفيذ اتفاقات موقعة ،كما لا يجوز لفصائل مقاومة أن تستمر في إطلاق صواريخ والقيام بعمليات عسكرية فيما تلتزم السلطة الرسمية بتهدئة مع إسرائيل،ولا يجوز لحركة حماس أن ترفض التهدئة وتستمر بإطلاق الصواريخ وهي خارج السلطة وعندما تصبح سلطة في غزة تعلن وقف إطلاق الصواريخ بل وقف المقاومة. هذا لا يعني رفض الجمع بين المقاومة والسلام بل رفض وجود استراتيجيات متعارضة بشأنهما،لو كانت المقاومة والمفاوضات تمارسان في إطار إستراتيجية وطنية وتحت رعاية قيادة وحدة وطنية لعضدت المقاومة من موقف المفاوض ولأضفت المفاوضات شرعية على المقاومة .
الانقسام وفصل غزة عن الضفة أثر كثيرا على قدرة تحقيق الفلسطينيين لاهدافهم بأي وسيلة كانت،فلم تعد المشكلة في المقاومة المسلحة والمفاوضات فقط بل تجاوزت ذلك للوسائل الاخرى كالانتفاضة السلمية والمقاومة الشعبية ،فالفلسطينيون اليوم عاجزون عن اطلاق انتفاضة ثالثة أو مقاومة شعبية واسعة ،هذا ناهيك أن نصف الشعب الفلسطيني في الشتات مُحيد عن ميدان المواجهة . وبالتالي لا يمكن الحديث عن مشروع وطني في ظل عدم اتفاق الأغلبية على وسائل تحقيق الهدف أي على الموقف من المقاومة والموقف من التسوية السلمية والموقف من المفاوضات،ما ذكرناه حول الموقف من المقاومة المسلحة يقال عن الموقف من المقاومة الشعبية ومن الانتفاضة ومن المفاوضات والتسوية السياسية ،فلا يجوز القول بأن المفاوضات محرمة ومرفوضة إن مارستها حركة فتح والرئيس أبو مازن ومحللة وشرعية إن مارستها أو سعت إليها حركة حماس .ومن الواضح أن عدم الاتفاق على آليات ووسائل العمل لا يعود فقط لحسابات تغيير الهدف والتغيير في موازين القوى بل أصبح اليوم لحسابات تتعلق بالسلطة ومغانمها وبالإرتباطات الخارجية لكل طرف .
المرجعية
المرجعية هي موئل الحق والهوية والثقافة ، ومنها تُحدد الأهداف ووسائل العمل وهي التي تمنح هوية للمشروع الوطني الفلسطيني ،هذه المرجعية إشكال أيضا، بسبب التداخل ما بين التاريخي والديني والسياسي والقانوني ،وما بين الوطني والقومي والإسلامي ،وبسبب الشتات وخضوع أغلبية الشعب الفلسطينية لسلطات غير وطنية لكل منها أجندتها ورؤيتها الخاصة للصراع في المنطقة.عندما تغيب استقلالية القرار وتتداخل الهويات يصبح الحديث عن مرجعية وطنية ومشروع وطني وثوابت وطنية أمرا صعبا .هذه إشكالية واجهتها محاولة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بعد النكبة،ونقصد منظمة التحرير الفلسطينية،فهذه تم تأسيسها بقرار قمة عربية قبل أن يتم توطينها عام 1968 عندما سيطرت عليها فصائل العمل الوطني وخصوصا حركة فتح،وبالرغم من اعتراف العرب بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974، إلا أن التدخلات العربية لم تتوقف في الشأن الفلسطيني ،حتى يجوز القول بأن القضية الفلسطينية مع منظمة التحرير كانت مشاريع في مشروع أو قضايا في قضية :قضية وطنية وقضية قومية وقضية إسلامية وقضية تحرر وطني.هذا التداخل صاحب مسيرة المنظمة بالرغم من الصراعات المتعددة التي دخلتها منظمة التحرير وخصوصا الرئيس أبو عمار لتأكيد استقلالية القرار وتثبيت المرجعية الوطنية للقضية،وهو تداخل ما زال مستمرا حتى اليوم مع تغير في ترتيب المرجعيات من حيث الأهمية وهو تغير ناتج عن تغير القوى إقليميا ودوليا فحلت واشنطن والغرب محل المعسكر الاشتراكي ،وحلت المرجعية الإسلامية محل المرجعية القومية العربية وزادت المرجعية الوطنية وهنَّا وتراجعا.
المرجعية اليوم تحتاج لإبداع خلاق ما بين الوطنية والقومية والإسلام ،وما بين المرجعية التاريخية ومرجعية الشرعية الدولية ،وما بين المرجعية الوطنية ومرجعية الأجندة الإقليمية.ولكن هل أن الاتفاق على المرجعية يكون من خلال الإطار القائم وهو منظمة التحرير الفلسطينية ؟أو من خلال حوارات بين المنظمة والقوى خارجها ؟أم يتم الاتفاق عليها من خلال الانتخابات ؟وهل إن الاتفاق على المرجعية يسبق تشكيل الإطار الوطني أم إن الإطار الوطني يحدد ويُعرف المرجعية ؟.
نظرا لخصوصية الحالة الفلسطينية حيث فلسطين الأرض والهوية والثقافة والوجود الوطني مهددة من احتلال استيطاني إجلائي فإن الأولوية يجب أن تكون لتأكيد الوجود الوطني الفلسطيني وبالتالي تصبح الهويات والمرجعيات الأخرى عوامل مساعدة للمشروع الوطني،دون أن يعني ذلك الفصل بين فلسطين ومحيطها وعمقها العربي والإسلامي .فلسطين أولا ثم يمكن التفكير بمشروع قومي عربي او بمشروع خلافة إسلامية أو غيرها ،يجب أن تكون القومية العربية والإسلام من مكونات المشروع الوطني وفي خدمته ،لا ان يُلحق المشروع الوطني باجندة خارجية سواء كانت عروبية أو إسلاموية .
الإطار
نقصد بالإطار الكيان أو النظام السياسي أو قيادة وحدة وطنية. الإطار هو ما يستوعب ويوجه كل العملية السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج ويتصرف ويتحدث نيابة عن الكل الفلسطيني. لا يكفي أن يكون الإطار معنويا كما يقال عن منظمة التحرير بأنها الوطن المعنوي للفلسطينيين ،بل يجب أن يكون مؤسساتيا أيضا.قبل ظهور حركة حماس وقبل تأسيس السلطة الوطنية كانت المنظمة تمثل هذا الإطار،أما اليوم فالحاجة تدعو إما لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير لتستوعب كل القوى السياسية الجديدة ليس على مستوى الكم فقط بل أيضا على مستوى الكيف أي على مستوى البرامج والتوجهات،أو التفكير بإطار جديد ينبثق عن مؤتمر شعبي وطني لجميع الفلسطينيين في الداخل والخارج .وجود إطار يعني وجود قيادة واحدة وممثل واحد للشعب الفلسطيني يتحدث نيابة عنهم ويتصرف باسمهم في كافة المحافل الدولية ،والامر ليس سهلا ،فمثلا هل الدول والمنظمات التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا مستعدة لتحويل اعترافها لإطار جديد يختاره الفلسطينيون بحرية أو يتكرر ما جرى مع تجربة انتخابات يناير 2006 ؟ وهل سيرث الإطار الجديد كل الالتزامات والاتفاقات التي وقعتها والتزمت بها منظمة التحرير أم يبدأ عهدا جديدا برؤية جديدة ؟.
الثوابت
الثوابت كل ما هو محل توافق وطني، في حالة الاتفاق على العناصر الاربعة المشار إليها أعلاه تصبح ثوابت للامة.داخل الثوابت يمكن للقوى والاحزاب السياسية أن تختلف ولكن لا يجوز لها أن تختلف حول الثوابت ما دام الشعب يعيش مرحلة التحرر الوطني،بعد إنجاز الهدف وقيام الدولة يمكن للقوى السياسية وللشعب بشكل عام أن يعيد صياغة بعض الثوابت من خلال التوافق أو من خلال الانتخابات والاستفتاء العام .
لا ندري إن كانت مئات جولات الحوار بين القوى السياسية قد تطرقت لهذه القضايا أم لا ؟فإن كانت تطرقت لها فهل تم التوصل لتوافق حولها ؟وإن تم التوافق حولها فلماذا لم يتم تنفيذها ؟هل هي غياب الإرادة؟ أم غياب القدرة؟أم غياب الإيمان بالمشروع الوطني و بعدالة أهدافه؟ إن كان الامر يتعلق بغياب الإرادة فهذا معناه أن هذه القوى غير مؤهلة لقيادة المشروع الوطني، أما إن كان الامر يتعلق بعدم القدرة فعلى القوى السياسية وخصوصا حركتي فتح وحماس أن تعيد حساباتها الداخلية وشبكة علاقاتها الخارجية ،وإن كان الامر يتعلق بضعف أو غياب الإيمان بالمشروع الوطني فهذه هي الطامة الكبرى ،أما إذا كانت الحوارات لم تتناول هذه القضايا أو تناولتها بشكل سطحي وهذا ما نعتقده فيجب إعادة النظر بفلسفة الحوارات وإعادة النظر بكل ما يتعلق بالمصالحة الوطنية حيث يبدو ان الحوارات لم تكن تدور حول مصالحة وطنية بل حول محاصصة على مكاسب ومناصب حكومية ووظيفية أُريِد من وجودها أن تحل محل الوطن والمصلحة الوطنية، وقد كان.
ندرك جيدا أن المهمة ليست سهلة فحتى لو تم التوافق على مشروع وطني فلسنا وحدنا في الميدان فهناك إسرائيل التي تحتل الارض وتحارب كل جهد فلسطيني سواء كان عنوانه السلام والتسوية أو المقاومة والممانعة، فإسرائيل تحارب كل توجه وحدوي فلسطيني يسعى لتجاوز حالة التيه والانقسام ،وهناك اطراف عربية وإقليمية ليست محبذة لوجود مشروع وطني فلسطيني مستقل ،ولكن ، هل نترك الامور على حالها حيث المأزق المعمم والخراب الشامل سواء في الضفة أو غزة أو الشتات؟أم نتفق على مشروع وطني إن لم ينجز الاستقلال الآن فعلى الأقل يوقف حالة الانهيار ويمنح أملا للأجيال القادمة؟.
‏22‏/03‏/2010
Ibrahem_ibrach_(at)_hotmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.